إنه جمال الروح والمعنى والعفّة والوقار ، وللعناد والتّحّدّي والحلم والصبر جمال ….. وما أبدا: ( تجدني حليما ) والقول مأثور ليس لي . بيتنا عامر بالجمال لولا …. ( إن كنتم تعلمون ) ، وأيّ جمال عفّة وأنت تسمع عن شاب جامعي تخصص في علم البيولوجيا يبيع عصيدة حضرمية الولادة والمنشأ؟ إنها عفّة الحضرمي الكاتم لغيظه الذي يخفي همومه في صمت ….. إنه الجمال ، ومن حسن حظ هذا الشاب أن العصيدة لم تعد وجبة تقتصر على فصل الشتاء ، ذلك أن وسائل التكييف لطفت الأجواء وجعلت من العصيدة وجبة في فصل الصيف مما يزيد في مبيعاته وعلى البيولوجيا السلام إلا من له حظ عظيم عند روّاد القبح . حظ هذا الشاب وأمثاله ممن يعانون من البطالة القاتلة والغم الدائم ومن اهمال النافذين ذوي المحسوبية في زمن العلوم والتكنولوجيا وبناء الإنسان . مفردة جمال: اسم وصفة ، وإذا ما تذكرنا أو قرأنا جمال في عهد قريب نذكر علما كان الجمال في عهده السمة الساطعة على وجه البسيطة لقوم يؤمنون بجمال حياة الحرية والعدالة والسيادة و الاستقلال والعزة والكرامة، وما كل جمال جمال ، هناك جمال يرسم قبحا وإذا ما صورناه في مجسم فإنه يختل كالقط ، يراوغ كالثعلب … هكذا تقرأه البصيرة ( قبح ) وفي البصر يبدو جميلا كما يصوره الإعلام … في بيتتنا جمال والحمد لله على نعمة السراء والضراء . إلى أيّ جمال علينا أن ننشد الجمال؟ طبعا إلى جمال الطبيعة والسليقة ، ألم يخلقنا الله بشرا؟ ، ذلك الجمال المرسوم في الساحات بريشة الضمير والحس العالي بالوطن والمواطنين ، تلك الأفعال ، ذلك الجمال الذي يعد بعودة القيم وإقامة العدل والمساواة بين بني آدم في أرض الله ، القيم التي شوّهتها أوراق ( البانكنوت ) وأفعال النفوس المريضة والرخيصة وتعاديه السياسات المعاصرة ، الملعونة القذرة التي لا تنظر إلا إلى الربح المادي والخسارة من منظور براغماتي ضيّق وقذر أيضا . في بيتنا جمال وإن برزت صور القبح في رصاصات نحو صدر عاري وجمجمة طفل أو امرأة أو في اختراق ملغوم والتفاف عبر جمال ظاهره ليس كباطنه ، ويبقى ما ينفع الناس أما الزّبد فيذهب جفاء ولكن ليس عبر جمال الكلمة العاقلة وحدها فذلك لا يكفي ما لم تصاحبها جرأة وإرادة وشجاعة وصبر على المكاره وتضحيات جسام … وما نيل المطالب بالتمني إن العقل الجمعي عرف طريقه نحو الجمال ، يرفض اشكال القبح المتمثلة في بعض القبعات وبعض العمائم ولن يهدأ للقوم بال حتى تضيق الأرض على القابضين برقاب العباد ، تتحرر منهم الأوطان وتزول وإلى الأبد رموز القبح من مفاصل الحياة السياسية ، فلا مكان لقبح بعد اليوم ، بيتنا لا يقبل إلا الجميل في الروح والقيم الإنسانية العاكسة للحرية والعدالة ولن تكون إزالة للقبح بدون تضحيات جسام …….