ثمة مشاعر عجيبة.. وأحداء رائعة ، وأنت تدلف عبر بوابة باب اليمن.. وإلى مدينة صنعاء القديمة.. مشاعر.. وأحداء لا تتوانى أن تمنحك تأشيرة دخول إلى ماضي «السعيدة» التليد.. وحضارته التي طبقت شهرته الآفاق ، وتجاوزت جغرافية الوطن إلى المدن والبلدان والحضارات البعيدة.. هنا تحيط بك نكهة البن والعسل اليمني واللبان والبخور وتعطيك المذاق الطيب مع العنب والزبيب واللوز الصنعاني.. وهنا تتلاقى جودة وإتقان صناعة اليمن من جنابي وسيوف وصناعات حجرية وخزفية وخوصية والمصوغات الفضية المطرزة بالمعادن والاحجار الكريمة ، وفي المقدمة منها «العقيق اليماني» فتتذكر للتو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «تزينوا بالعقيق فإن فيه بركة» فتصر على شراء ولو خاتماً صغيراً مرصعاً بالعقيق ، وتبحث عن البركة في الأرض التي دعا لها الرسول عليه الصلاة والسلام «اللهم بارك لنا في يمننا». ولا شك أن العقيق اليماني احتل إلى جانب اللبان والبخور والبن والعنب قائمة اشهر منتجات اليمن ، وصادراته الوطنية منذ القدم ، وطبقت شهرته الأرض. فقد نقل عن صاحب «سر الأسرار» أن الهند والسند من مواطن العقيق ، ولكنه أكد أن اليماني أجود من الهندي ، ويتمتع العقيق اليماني بشهرة تاريخية واسعة ، وورد ذكره في الكثير من المراجع والمصادر التاريخية القديمة ، وتحدث عنه الفيلسوف أرسطو في أحد مؤلفاته. وهنا.. في باب اليمن تلتقي اليمن كل اليمن في وجوه الناس.. ولهجاتهم .. وأزيائهم ، وصناعاتهم ، ومنتجات أرضهم الطيبة المعطاءة فتتساءل كيف استطاع باب اليمن أن يختزل كل هذا التنوع والثراء والدفء الإنساني ؟! كيف استطاع أن يختزل كرم وبشاشة وابتسامة الإنسان اليمني ؟! ثم تحدثك وبصنعاء شرفات ومآذن وقباب مدينة صنعاء القديمة عن حكايات عظماء جاءوا إلى هنا.. ومروا من هنا.. وتسوقوا من هنا.. وتركوا أجمل الذكريات.. فيما يشكل امتزاج صوت الباعة غنائية عشق يمانية للأرض الطيبة..!! إن المشي في دروب وأزقة وأرصفة باب اليمن وصنعاء القديمة متعة مابعدها متعة ، وقراءة حية وميدانية.. ورؤية بأم العين لليمن ماضياً.. وحاضراً أيضاً.. وهذا هو سر تألق هذا المكان .. الذي يلقي عليك شئت أم أبيت سحره .. وظلاله ، وعنفوانه .. وعطره. وباب اليمن هو الباب المفتوح دائماً للدخول والاطلالة والفخر والاعتزاز بمجدنا.. وحاضرنا.. وقدرة الإنسان اليمني على الخلق والإبداع.. والتواصل الحميم ، وحيث يتجلى وبوضوح الزمان والمكان.. ودهشة اللحظة في أروع صورها..!! فينفتح باب قلبك.. ويغمره احساس غامر بالدفء والسعادة .. والنبض المتدفق بالمودة والحب باب اليمن باب لا يحتاج إلى مفتاح .. أو إلى أن تطرق عليه.. إنه مفتوح على مصراعيه لتدخل بخطى واثقة.. وابتسامة عريضة إلى حيث الضوء.. والبهجة. باب اليمن مثله مثل اليمن الوطن ، كتاب مفتوح لكل عاشق هام صبابة بترابه وخيراته ، وحضارة إنسانه.. ثم لتخرج منه وقد امتلأت معرفة وفهماً وقرباً واستنتاجاً لتاريخ اليمن الجميل