في زمن يشهد نضوباً في منسوب القيم والمبادئ والكلمة الصادقة والمواقف الواضحة غير المهادنة يبقى من يجاهر بقول الحق أمام سلطان جائر ومن يناصر المظلومين دون مقابل أو منّة ، ومن يعاني نظير إعلان موقف ثابت لايتزحزح كالقابض على الجمر . الحبيب عادل الأعسم طيب الله ثراه واحد من أولئك الذين لايخافون في قول الحق لومة لائم ، إنجاز للوطن والبسطاء لما يمار ولم يهادن في إعلان مواقفه في أي شأن رياضي أو عام ، ولذلك نال الثقة والاحترام من كافة المتلقّين لإبداعات يراعه الجميل. وعندما ننظر لواقع الصحافة والصحفيين والإعلام والإعلاميين في بلادنا سواء المنضوين في إطار الاتحاد الإعلام الرياضي أو نقابة الصحفيين أو خارجهما نلمس الحاجة إلى أقلام من وزن وقيمة قلم الراحل العزيز " عادل الأعسم" رحمه الله …تنتقد ولاتبتز ..تكاشف ولاتحقد…تتجرأ ولاتجبن.. تعطي ولاتأخذ .. وهذا الشعور بالحاجة يفرضه الأسف على واقع الحال الذي أصبحت في الصحافة والإعلام في بلادنا مهنة من لامهنة له! ولذلك لانستغرب هجوم الكثير من الدخلاء على هذه المهنة للاسترزاق عن طريق الابتزاز والإساءة للعديد من الأبرياء ، وهو مايتنافى مع أخلاقيات المهنة. أحسب أن الصحافة والإعلام ، موهبة وكفاءة وأخلاق والتزام ن ولو أمعنّا النظر في منتسبي وملتحقي هذا القطاع المهم سنجد أن عددا غير قليل منهم لايمتلكون حتى جزء من هذه الصفات والميزات ، ومع ذلك فهم لايتورعون عن وصف أنفسهم بين كاتب صحفي ومحلل سياسي وناشط ..و..و..في ظل عجز واضح من نقابة الصحفيين عن وقف هذا العبث . لذلك فما أحوجنا لأسماء كعادل الأعسم رحمه الله ، بوصفه قلماً يجمع أعداء الحق على احترامه قبل الأصدقاء ، ولايعني ذلك أن الساحة خالية بل هي -ولله الحمد- فيها الكثير من القامات الصحفية التي انزوى بعضها –مع الأسف- وتوقفوا في ظل وجود هذا الغثاء الذي يسيء لقيم المهنة وأخلاقياتها. جمعتني الكثير من الذكريات الجميلة مع الراحل الجميل في عدن وصنعاء على أن الأحلى كانت خارج البلاد فالسفر –كما يقولون- يعرفك الناس إذ كنا معاً مرافقين للمنتخب الأولمبي المشارك في التصفيات الأولمبية مع منتخبات الكويت والإمارات وقطر عام 1999م فكنا نلتقي يوميا في الفندق والمباريات والتمارين وفي التجول في عواصم تلك الدول ، وكذلك عندما لبينا دعوة كريمة من الأستاذ (محمد بن همام) رئيس الاتحاد الآسيوي – عامذاك- إلى حفل عشاء في منزله وكان على رأس الحضور طيب الذكر (علي أحمد الأشول) طيب الله ثراه الذي كان يرأس الاتحاد اليمني لكرة القدم. كان "أبومحمد" رحمه الله عندما نلتقي في الاجتماعات مع اللاعبين والإداريين صريحا وواضحا في الطرح بجرأة وقوة عما يعتري أداء المنتخب في الملعب وخارجه ، وكانت ملاحظاته تلقى القبول والاحترام ، لكنه على الجانب الآخر تجده مبتسماً لطيف المعشر محباً للنكات والطرائف لايعرف الحقد طريقا إلى قلبه عندما يختلف مع هذا أو ذاك. ولعل الأوضاع التي تعيشها بلادنا على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية والرياضية وغيرها ، تحتاج إلى رجال صادقين ومخلصين بالعمل الصالح والكلمة الصادقة لتقويم كثير من الإعوجاجات والإختلالات التي تعتري حياتنا على أكثر من صعيد ، رجال لايخشون في قول الحق لومة لائم ، من أمثال الفقيد الكبير ( عادل الأعسم ) الذي نفتقده كثيراً في هذا البحر المتلاطم من المشكلات والأوجاع … وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر!!