في صحونا و نومنا و في أحاديثنا و كتاباتنا و قراءاتنا ، نتذكره دائماً بل و ندعي انه معنا في وطن المأساة و النضال و التضحية و الشعر و الابداع . من اوائل الأسماء الشعرية التي سكنت ذاكرتي و أخذت مكانتها العالية في نفسي و نفوس الكثيرين من القراء و متذوقي الشعر – إنه الشاعر الدكتور علاء الدين المعاضيدي رحمه الله . ذلك الصوت الشعري المتميز و الذي سيبقى ساطعاً لا تنظفىء توهجاته و إلى الأبد ،إنه اول صوت شعري لفت انتباهي بل و صار معروفاً على مستوى تهامة – زبيد – بل على مستوى اليمن و العراق. قيل للفُلّ :كيف أصبحت فُلا مدَّ سجّادة الصلاة فصلى* أوجس الليل خيفةً ثم أقعى ثم وارى ظلامه ثم ولّى لست ضيفًا هنا وإن كان أهلي حيث بغداد تقتل الان قتلا* حيث يبكي الفرات حلما تشظى والزرازير تشرب الشهد دفلى* حين يطوى كتاب عمر جميل شيّعته الدموع فصلا ففصلا مرايا عيون بلقيس : هو عنوان القصيدة التي كتبها المعاضيدي في وقت كانت تذبح فيه العراق أثناء مقاومتها للاحتلال الأمريكي ، و ما يسترعي الانتباه في القصيدة عامة الشعور الجارف بالأمل و الثقة المطلقة بشعب لم يعتد على الاستسلام و الخنوع. و ما يبعث الألم أن شاعر بهذه القامة و هذا المستوى و في طليعة من عبر بعمق و وضوح عن قضايا تستحق الوقوف عندها أن يهمل بعد وفاته و كأنه لم يقدم شيئاً. ألا يستحق المعاضيدي كتاباً نثرياُ بديعاً تحكى فيه فصولاً من حياته و ما اعترض سبيله الأدبي و الفكري و الشخصي من عوائق و مرارات و ان نسترجع معه بعض المواقف التي كانت وراء الحزن الذي ملاا حياته أثناء مرضه ، و وراء الأفراح التي كانت تلمع في بعض أيامه . ليس بالأمر السهل الحديث عن حياة رجل مستقيم و نزيه عاش في الفضاء الأدبي ، و لكن لا مفر من بعض الإشارات الدالة إلى تلك الحياة النادرة في كثير من تفاصيلها . ديوانه الأخير (مرايا عيون بلقيس) ديوان رائع يصعب على من وصل إليه أن يتركه قبل ان يطوي أخر صفحة من صفحاته ، ليس لأن الحب بمعناه السامي و الرفيع قريب إلى القلب و إنما لأن الأدب في هذه المرحلة أحوج إلى مثل هذا الديوان الذي يخاطب الوجدان و يواجه حالة الجدب التي بدات تدمر الشعوب بعد ان افتقدت المودة و الرحمة و أصبح كل فرد فيها جزيرة منعزلة . فإلى جنة الخلد أيها العملاق ..^^^