الشعار الذي طرحه البعض منذ فترة في لبنان حول طبيعة وشكل وعنوان ومسمى المثلث الذي يحمي الوطن، الذي هو (الجيش والشعب والمقاومة)، هو فريد من نوعه ولا نرى له مثيلاً في العالم اجمع، إذ لا يمكن أن تكون السلطة بيد مجموعة قوى أو مجموعة مؤسسات، فالسلطة واحدة تمارسها المؤسسات تحت سقف القانون وضمن شرعية وقانونية ودستورية القوانين المرعية الإجراء، وضمن الثوابت الدستورية التي لحظها الدستور وصادق عليها مجلس النواب مجتمعاً...لذا أكد الرئيس حسين الحسيني أن ("اتفاق الطائف هو دستور البلاد، وأن مؤتمر الدوحة جمع مجموعة من الميليشيات، فأتت صيغة هذا المؤتمر من أجل إبقاء الوضع اللبناني المأزوم على ما هو عليه"، وأن أي مجتمع في العالم يفتقر إلى مؤسسات الدولة هو في عرضة دائمة للهزات الداخلية، كما أن اعتماد فكرة الشخصانية هو الذي يؤدي إلى هذه المشكلات، لذلك لن يحل أزمة لبنان إلا التأسيس للدولة"). هذا الكلام الصادر عن أمين سر لقاء الطائف الذي خرج باتفاق الطائف بين الطوائف اللبنانية المجتمعة والمتنوعة..جاء ليؤكد على أن ما جرى من تفاهم في الدوحة في العام 2008، وما أطلق عليه لاحقاً اتفاق الدوحة... إنما جرى بتهديد السلاح وتحت تهديد السلم الأهلي ومستقبل العيش المشترك في لبنان، وكان مخرجاً غير لائق للفريق الذي استقوى بسلاحه ليحمي سلاحه، ومخرجاً بأقل الخسائر للفريق الذي رفض الانخراط في مشروع الفتنة وأصر على أن مؤسسات الدولة بكافة تشكيلاتها وعلى رأسها الأمنية الواحدة والموحدة هي الضمانة لاستقرار الوطن وسلمه الأهلي وعيشه المشترك.. ثم جاءت نظرية بل شعار..(الشعب، المقاومة والجيش) لحماية الوطن وكان الجيش منظومة بل مؤسسة غير شعبية، وهذا الكلام منافٍ للواقع لأن قوى الجيش وسائر القوى الأمنية هي مؤلفة من أبناء الشعب اللبناني على اختلاف مكوناته الدينية والمذهبية والسياسية، وبالتالي هو وحده المؤتمن على حماية الوطن كل الوطن بكافة تلاوينه بموالاته ومعارضته لا فرق بين هذا الفريق أو ذاك، لأن التباين بين القوى في حقيقة الأمر، هو في الرؤية السياسية، والصراع السياسي بين القوى هو على كيفية خدمة أبناء الوطن بالشكل المناسب والأفضل والأصلح.. وليست القضية صراع بين أبطال ومتخاذلين وليس بين أشراف ومتعاونين.. والشعب في نظامنا الدستوري هو مصدر القوانين والتشريعات كونه ينتخب ممثليه في البرلمان ليصوغوا القوانين المناسبة لإدارة شؤون الوطن ومؤسساته وبالتالي لا يوجد شعبين في لبنان..شعب المقاومة وشعب مؤسسات الدولة.. بل هو شعب واحد، يسعى البعض كما يبدو لتصنيفه وإعطائه عناوين ويافطات وشعارات لا يدرك مضمونها إلا بعد فوات الأوان.. والمقاومة هي حق مشروع لكل شعب احتلت أرضه وانتهكت سماؤه وبحاره للمقاومة ومواجهة المحتل أو المعتدي أو الغاصب.. وهي حق لكل مواطن ووطني مهما كان انتماؤه السياسي أو الديني.. وليست حق حصري لفئة أو طائفة أو مذهب أو منطقة كما يجري الآن على الساحة اللبنانية.. وبالتالي تقف المقاومة أو حركة المقاومة على أبواب المواجهة مع العدو ولا تدخل عالم السياسة من باب التشريع أو المشاركة في الوزارة أو في الإدارات العامة..أو أن تصبح حزباً سياسياً يحدد المفردات والمصطلحات السياسية لكافة القوى السياسية والدينية والاجتماعية وحتى الرياضية والكشفية.. واليوم وبعد التصدي البطولي للجيش اللبناني بكافة عناصره ووحداته للعدوان الإسرائيلي على قرى الجنوب، نرى أنفسنا جميعاً ملزمين بمواكبة ودعم وتأييد هذا الجيش الوطني الذي دأب الكثير من القوى على التقليل من قدرته وحيويته وعقيدته القتالية والحديث عن عدم جهوزيته وحضوره الميداني وفعاليته في ساحات التصدي في الجنوب الصامد، فالمواجهة الميدانية التي خاضها الجيش اللبناني في الجنوب على الحدود الجنوبية ودماء شهداء الجيش وجرحاه تثبت أن معادلة الدولة القوية القادرة والسلطة التنفيذية الواحدة والمؤسسة العسكرية والأمنية القوية بكافة فروعها ومسمياتها هي الوحيدة القادرة على حماية الوطن وأرضه وحدوده وعلى جمع اللبنانيين وحشدهم خلفها داعمين ومؤازرين لحماية الحدود والوطن من الاحتلال كما من العملاء ومن العبث الأمني والتسيب والفوضى عصابات السرقة والمخدرات.. لذا لا بديل عن بناء المؤسسة العسكرية التي ولاؤها للوطن وشعبه وليس لحزب أو طرف أو فئة وما شاهدناه اليوم عل حدودنا الجنوبية كان خير دليل على ذلك..