أريد أن أتحدث عن قضية مسكوت عنها جدا في عالمنا العربي مع أنها موجودة ومنتشرة جدا أيضا في كل الدول العربية بلا استثناء وإن كانت تزيد في الدول الأكثر محافظة وتدينا وانغلاقا، وهذه القضية هي قضية الشذوذ الجنسي! وما أثار هذه القضية في بالي هو الضجة الكبرى التي أحدثتها اتهامات لاعب نادي الهلال السعودي الروماني ميريل رادوي إلى لاعب نادي النصر والمنتخب السعودي الشهير حسين عبد الغني، حين اتهمه بالشذوذ الجنسي وانه يحب الرجال أكثر من النساء! وما زالت القضية تتفاعل في السعودية حيث قرأنا اليوم أن الاتحاد السعودي لكرة القدم قد أوقع عقوبة الإيقاف لمبارتين ضد رادوي مع تغريمه 20 ألف ريال بسبب اتهاماته لحسين عبد الغني. ولا أريد أن أناقش صحة هذه الاتهامات من عدمها فهذا ليس مكانه ولا يهمني، ما أريد أن أناقشه هنا هو الظاهرة نفسها وأسبابها، وهي موجودة شئنا أم أبينا وإنكارنا لها لا يزيد عن دفن الرؤوس في الرمال لا أكثر. وتستطيعون ملاحظتها في مكل مكان بين الشباب والصبايا العرب، في المولات، في المقاهي ، بل وحتى في الشوارع.. حيث تجد شبابا صغارا يلبسون ملابس غريبة ويشبكون أيديهم بأيدي بعض، بل وحتى يحتضنون بعضهم بعضا عيني عينك، وفي اغلب المدن العربية هناك مقاهي وأندية خاصة ومعروفة لهم يترددون عليها ويلتقون بها تحت أنظار وسمع الجميع حتى قوى الأمن التي غالبا ما تغض النظر عنهم ما دام أنهم لا يهاجمون الحكومات والأنظمة القائمة ويتسلون في بعض! السؤال الحقيقي هو: لماذا؟؟ ما الأسباب التي تدفع شباب وبنات العرب للشذوذ الجنسي؟ اعتقد أن الإجابة أيضا واضحة ولكن لا احد يريد أن يتكلم عنها! انه الكبت بمعناه الواسع، الكبت الجنسي، والكبت العاطفي، والكبت الاجتماعي، والكبت السياسي، وهو الحرمان من حق الممارسة العاطفية الطبيعية حين يضع المجتمع قيودا لا يمكن كسرها، ويفصل فصلا صارما وحازما بين الجنسين، الذكر والأنثى، فلا يسمح بالتقاء الطرفين ويقمع كل محاولة للتواصل باسم الدين والأخلاق والعادات والتقاليد...الخ السمفونية المملة والمعروفة لنا جميعا. وطبعا لا يجد هذا الشاب أو تلك الصبية من طريقة لتصريف الشحنات العاطفية والجنسية التي تعصف بهما إلا من خلال إقامة علاقات شاذة مع نفس النوع، فالتواصل مسموح بين الشباب بعضهم ببعض، وهو مسموح أيضا بين البنات بعضهن ببعض، وفي ظل هذا الانفتاح المرغوب جدا على الجنس الواحد تصبح العلاقة العاطفية والجنسية نتيجة طبيعية بين الشباب والشباب والبنات والبنات. وطبعا لا رقابة هنا، وأيضا لا دين ولا أخلاق ولا عادات ولا تقاليد، كل ذلك ذهب مع الريح. فنحن باسم الدين ننتهك كل حرمات الدين، وباسم الأخلاق ننسف الأخلاق وباسم العادات والتقاليد نسمح بإنشاء عادات جديدة شاذة ومسكوت عنها. قد يقول قائل أن الشذوذ الجنسي موجود في كل مكان، وأقول صحيح، ولكنه ليس بمثل الحدة والانتشار الكبير الموجود في عالمنا العربي، لقد عشت قبل سنوات في إحدى الدول العربية وكان وجود "عشيق" يعد أمراً طبيعيا جدا وبديهيا في ذلك البلد، وهو بلد محافظ جدا ومتدين جدا أيضا! الشذوذ عندنا حالة مستوطنة وليس مجرد تقليعات كما هو في العالم الغربي. وهو يزداد في الدول الأكثر محافظة وتدينا ويقل في الدول الأكثر انفتاحا، والسبب هو الكبت والحرمان والعهر الاجتماعي الذي يتستر بقشرة الدين والأخلاق وهو بعيد عنهما بعد السماء عن الأرض! ونحن الآن نعيش ثورة رقمية يقودها الشباب العربي في كل شبر من عالمنا العربي، واعتقد أن هذه الثورة السياسية والاقتصادية يجب أن يصاحبها ثورة اجتماعية وعاطفية وجنسية أيضا تنسف كل القيود التي تمنع الشباب العربي من إقامة علاقات طبيعية مع الجنس الآخر. نحتاج لثورة على التقاليد البالية والعادات التالفة لنستبدلها بعادات جديدة وصحية تربي جيلا جديدا وسويا وغير شاذ! محمد سناجلة [email protected]