أحياناً أميل إلى قراءة الكتب الخيالية منذ عدة أيام وأنا أعكف على قراءة كتاب الحوار في اليمن. تذهب لجنة وتأتي لجنتان تذهب لجنتان وتأتي ثلاث تذهب أربع وتأتي ثمان،... إلخ محاولات متكررة لإثارة الشعب عن طريق الكم بدلاً من الكيف. أشياء كثيرة تساهم في انتعاش الحركات الحوارية في اليمن أهمها أن يكون عددها موازياً لعدد المليشيات المسلحة، أحاول جاهداً كمواطن يمني أن أقنع نفسي أن صوت الحوار قادر على التفوق على ضوضاء الجهل والسلاح والفوضى وتقاسم المصالح. في فيلم القلب الشجاع لميل جيبسون قال والد وليم والاس محرر اسكتلندا وهو يمنحه السيف " قبل أن تتعلم كيف تستخدم هذا (وأشار إلى السيف)، تعلم كيف تستخدم هذا (وأشار إلى العقل) ". سألت الأصدقاء في الفيسبوك : هل يحتاج الحوار في اليمن إلى أكثر من أربعة مجانين؟ فكانت معظم الإجابات تتساءل من هم الأربعة المجانين ؟ ولم يكن لدى السائل أو المسؤول أي تصور حول مدى إمكانية نجاح الحوار في بلد الأسلحة فيه ثلاثة أضعاف السكان، ولعل هذه هي المشكلة هي أننا نتحاور كأشخاص وكأحزاب وكمتصارعين ومتنازعين على مصالح ولم نتحاور أبداً كشعب!! نتحاور لمنح حوافز وتقديم تنازلات بين الحزب الفلاني والعلاني والجهة الفلانية والعلانية!! نتحاور على أسس متينة من الشكوك والظنون كمن يجرب حظه في الصيد ولا نتحاور بثقة وإحساس بضرورة إنقاذ البلد!! نتحاور كما لو أننا في نزال أو سباق وكل منا يريد أن ينتصر لنفسه وحزبه وان يفرض شروطه وقيوده. نتحاور بعيداً عن الشعب كما لو كان هذا الشعب أصمَّ أبكم لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم كما لو كانت العملية السياسية بما فيها من حوار معقدة باللوغريتمات التي لا يفهمها الشعب ولا يجب ان يفهمها. لم نؤسس بأفعالنا ولا بقوانيننا ولا بسلوكنا ولا بتصرفاتنا ولا بإعلامنا ولا بأحزابنا ولا بحكومتنا ولا بثورتنا لثقافة حوار بل لجأنا إليه لجوء المضطر الذي ما عليه سوى ركوب طاولة الحوار. ربما لهذا السبب تفشل كل الحوارات السياسية لأنها تفتقد الدعم المجتمعي اللازم لنجاح أي حوار لأن وعي الشعب عندما يغيب عن الحوار السياسي يصبح التمرد على الحوار أسهل من شرب الماء بالنسبة للمتحاورين. اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي