في أبهى مشهد للسرور، وبعيدا عن العقد النفسية ، وتعقيدات الحياة ، وبؤسها مشاهدنا اليومية ، طالعتنا صحيفة الجمهورية فبل أيام في صفحتها الأخيرة بصورتين أحداهما لطفل مهمش قام بربط حبل بين برميلين للقمامة ليلعب من خلاله لعبة " الهنديلة " والأخرى لطفل غمرت السيول حارته فقام مع زميل له باللعب في وسط هذا الماء ، وتبادل "الطفش" بالماء وتجاذب بعضهما البعض فيه ، لحظات لم تمنع أصحاب الصورتين من أن ترتسم البسمة في محياهما ، ويعلو الفرح مبسميهما ، وتتهلل أسارير الضحك على شفاههما ، وهما يقومان بصنع سعادتهما وبهجتهما على طريقتهما الخاصة ، طريقة وإن رآها البعض بغير المجدية إلا أنها في صورة من صنعها وعاش في ظلالها وتنسم عليلها ، وعاشها على اصولها شيء آخر ، صحيح أنها قد لا تشبه وسائل البهجة لدى الآخرين ، ولا تمت بصلة إلى مشاهد السرور المعهودة ، إلا أنها قد تساوي سعادة الآخرين وأكثر ، والسبب أن اصحابها بحثو عن السعادة والبهجة والسرور في مواطنها بغض النظر عن طبيعة هذه الأمور الجالبة لهذا الفرح والسرور ، حتى وإن كانت بإمكانات بسيطة لا تذكر ، لان الإمكانات كما تثبت الايام سبب من أسباب البهجة والسرور وليست الغاية من السرور والفرح . اليوم بالإمكان رحلة بسيطة إلى مكان قريب تعد من خلاله الأسرة وجبة طعام منزلية كفيلة بأن تترك أثرا بالغا للفرح والسرورفي نفوس اصحابها ، وهناك الكثير من الطرق المتواضعة الكفيلة بأن تزرع السعادة على قلوب وشفاه الناس المهم أن نكون سحرة في صناعة البهجة والسرور من خلال الاستغلال الأمثل لما بين أيدينا ومحيط بيئتنا . إن مشكلة بعض الناس اليوم أنهم يبحثون عن أمور في غير مواطنها ، ومشكلة أخرى تكمن في فهمهم القاصر لكثير من أمور هذا الحياة التي يشعرون بأنها معقدة إلى درجة ان قيامك بشيء يجب أن تعد له العدة الباهظة في الوقت الذي نجد الحياة أبسط من ذلك حتى وإن لم تسعفنا الإمكانيات ، المهم سهلها تسهل أو صعبها تصعب . لقد أعجبني فهم فتاة لبهجة هذه الحياة والسرور فيها ، والأجمل فلسفتها وهي تقول : كنت على قدر ضئيل من الجمال ولم أحظ بفرص تكفي لأن يتردد اسمي في مجالس النساء كعروس محتملة، مع ذلك لا أحمل عقداً نفسية ولا أتطلع إلى أشياء وخيالات وهمية؛لذا انصب اهتمامي على تطوير ذاتي ودعم شخصيتي وتنمية مواهبي ومهاراتي في كل ما تميل إليه نفسي.. لذلك كنت أنقد على والدتي –في نفسي- ندما أمر من أمامها وأسمع دعاءً صادقاً وعبارات حارقة تخرج من قلب ملهوف عليّ ، هم منه أني أشبه الفتاة المسكينة التي لن يكون لها حظ في الدنيا، في حين أني أرى نفسي – عيداً عن جمال جسدي- أراني جميلة بما يحويه قلبي من حب، وعقلي من فكر.. أراني حرة أبية قادرة على تحمل مسؤولياتي تجاه نفسي والآخرين، وقادرة على النجاح في حال خضت أياً من تجارب الحياة.وذات يوم ابلتني أمي وفي عيونها فرح لو وُزّع على الكون لكفاه، احتضنتني حتى كادت أضلعي تختلف مع أضلعها، وهمست في أذني: مبروك.. جاء العريس، لقد استجاب الله دعائي.. فرحت أمي، ولكنها ليست فرحة الأم لخطبة ابنتها، أحسست أنها فرحة تشبه فرحة النجاة لمن تقلب بين الحياة والموت، وكان للموت أقرب، لذا لم أرتح لفرح أمي الشديد وغير المبرر،وذلك من زاوية تقديري لذاتي، كان الشاب المثالي لارتباط مثالي، انتهت الاستعدادات سريعاً،وتم الاتفاق على أن يكون الحفل بسيطاً، حيث تقام وليمة صغيرة، ويأتي العريس،ويأخذني من بيت أهلي إلى بيتنا الجديد.. لقد تم كل شيء بسرعة على أن أمراً ما بعث في نفسي الارتياح،ذلك أنه لم يطلب من والدي أن يراني عند الخطبة،والذي فهمته أنه لا يريد مواصفات معينة وجمالاً خاصاً لذلك زالت من نفسي كل الشكوك والوساوس من اللقاء للمرة الأولى. وفي الليلة المحددة انتقلت إلى بيتنا الجديد ونزعت غطائي وعباءتي،وإذا به يصرخ بصوت عال: لست أنت.. خدعتموني.. لست أنت. عبارة واحدة وعرفت بها مصيري، واتضحت بها الأمور أمامي، قلت: فمن إذن؟ قال: تلك بيضاء طويلة جمالها ظاهر في الحجاب فكيف بدون حجاب؟ قلت: من هي؟؟ قال: تلك التي تخرج وتدخل بيتكم كل يوم،ومضى لي شهر وأنا أرقبها لكي أراها تنزل من حافلة المدرسة ،أحببتها، ورغبت فيها زوجة لي..لقد تجلى الصبر أمامي في تلك الليلة والتزمت الهدوء واستجمعت كل قواي لأقول له: تلك أختي التي تصغرني.. ولست أنا! وحينما خطبت منا لم تقل فلانة أو فلانة وإنما طلبت بنتاً من هذا البيت المسكون بالعفة والطهر.. وليتك قلت فلانة لنعرف..أما وقد اتضح الأمر.. ليس لي في الأمر شيء، وأنت في حل أمام استمرار هذا الزواج.. وسأمضي غداً إلى بيت أهلي. خيم الصمت على المكان،استلقى على السرير بملابس الزفاف،وبقيت على الكرسي بملابس الزفاف،حتى لاحت خيوط الفجر الأولى، لم أتحرك منه لدرجة أنني لم أحس بجسدي أيهما الجسد وأيهما الكرسي، نام متأخراً ولما صحا رآني كما كنت منذ أكثر من أربع ساعات. وفي موقف تغلب فيه شعوره الإنساني دعاني إلى أن أرتاح وأتمدد،ولو قليلاً على السرير.. لكني كما قلت كنت كالكرسي الذي أجلس عليه،ولما لم أستجب قام، وأمسك يدي يساعدني على النهوض، كانت لمسة يده ليدي هي لمسة عمره وعمري، أما لماذا..؟! فكما عبر لي لاحقاً.. يقول: أقسم بالله عندما لمست يدك سرى حبك في يدي،وامتد إلى قلبي واستقر.. لقد رآني كما كنت أرى نفسي، أصبحت حب حياته، وكما يقول مفاخراً: تاج راسه، وأصبح لي الحلم الذي ليس بعده حلم، لكني كنت أعلم أنه تدبير رب العالمين،ألم يقل جل شأنه: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الروم 21. استقبلت بهذا الزوج أجمل ايام حياتي ، تذكرت حينها كم كنت موفقة عندما فهمت الحياة على انها سرور وبهجة ، يجب ان يعيشها الإنسان بلا عقد نفسية جراء ما حرم منها . وباختصار من يبحث عن الأسباب التي يمكن لها ان تؤدي إلى أن نفكر كثيرا في الأمور البسيطة التي تجلب لنا - كما يقال - حظوظ البهجة والسرور أن نرضى بما قسمه اله لنا في الدنيا وفي ذلك تكمن فلسفة البسطاء لأفراح الحياة إضاءة علمتنى الحياة أن أتلقى كل ألوانها رضاً وقبولا ورأيت الرضا يخفف أثقالى ويلقى على المآسى سدولا والذى ألهم الرضا لا تراه أبد الدهر حاسداًأو عذولا أنا راض بكل ما كتب الله ومزج إليه حمداً جزيلاً فسح الله فى فؤادى فلا أرضى من الحب والوداد بديلا ضل من يحسب الرضا عن هوان أو يراه على النفاق دليلا فالرضا نعمة من الله لم يسعد بهافي العباد إلا القليلا والرضا آية البهجة والإيمان بالله ناصراً ووكيلاً