الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله وبعد.. الله تعالى خلقنا في هذه الدنيا للابتلاء والاختبار والاستخلاف في الأرض وعبادته وحده لا شريك له جل في علاه,قال تعالى:( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)) .
وعبادتنا لله جل جلاله لا تتحقق على الوجه المطلوب إلا اذا كانت مطابقة لمراد الله تعالى وفق منهج نبيه صلى الله عليه وآله وسلم , ومن هنا تأتي أهمية إرسال الرسل ,ولذلك أرسل الله جل في علاه إلينا رسلا كثيرا,مبشرين ومنذرين أخبرنا عنهم بقوله (منهم من قصصناهم عليك ومنهم من لم نقصصهم عليك )آخرهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم, الذي قال عنه الله جل في علاه (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ).حيث امرنا بطاعته وان نأتمر بأمره وننتهي عما نهانا عنه, حيث رغبنا الله تعالى بوجوب طاعة نبيه محمد الرحمة المهداة بقوله تعالى: (وان تطيعوه تهتدوا) وحذرنا الله من مغبة مخالفة منهج نبيه بقوله تعالى :( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ). قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في هذا السياق (لايؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) ما يمكن أن نستفيده من هذا الحديث انه لا يكتمل ايمان العبد المسلم إلا بعد ان تكون عواطفه ومشاعره وجميع جوارحه الحسية والمعنوية مطابقة لمنهج النبي صلوات الله وسلامه عليه. وهوما يتطلب الإيمان بكل ما ورد عن النبي من أوامر ونواهي وزواجر ,بما في ذالك السنن القولية والسنن الفعلية والسنن التقريرية. غيران شياطين الجن والانس يبذلون الجهد الكبير ويستميتون في إغواء عبادالله بإثارة الشبهات والفتن التي تخلق عند الانسان قناعات أن السعادة في الحياة الدنيا قد تكون في الابتعاد عن المنهج السليم و معصية الله تعالى!! لم لا يسعد الإنسان بسماع أغنيةأو مشاهدة مناظر تثير غريزة المعصية أو أكل حرام ؟ لماذا تلومه نفسه وتوبخه ويشعر بالضجر ؟ لسبب بسيط لأن الله قال: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) وفي المقابل فإن المؤمن الحق يعيش حياة نعيم قال تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ .) ما النتيجة? ..( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) لاحظ أن الوعد من الله بالحياة الطيبة . قال المفسرون فيه أن الحياة الطيبة تكون في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة بشكل عام ,الله أكبر ماذا يريد العبد المؤمن اکثرمن ذلك بل ماذا بقي بعد هذا, في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة ,هذه فترات حياة الإنسان . طريقة الحصول على الحياة السعيدة في الدنيا والاخرة تكون بواسطة العمل الصالح ,كماقال الله تعالي: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» فصلاح الشأن من الله للعبديكون على مستويات عدة, منهامثلا: صلاح الأحوال على المستوي الاقتصادي بحيث يتولد عندك شعوران راتبك يكفيك مع افراد اسرتك من حيث المعيشة والنفقات, فمصدر دخلك سواءكان من دكانك أومن مجهودك اليومي يكفيك وزيادة, وذالك لمايتنزل عليك من خيروتوفيق في حياتك اليومية, وتسديد والبركات في شؤنك الحياتية كلها. على المستوي الاجتماعي يصلح الله علاقاتك الاجتماعية بمن حولك داخل الاسرة, مع الزوجه ,أومع الأولاد أومع أبويك بل حتى مع الجيران وصولا الى زملآئك في العمل. اماعلى المستوى الأمني فيدفع الله عنك البلاء والمحن مصداقا لقوله تعالى( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون). واما على المستوي الدفاعي يتكفل الله بالدفاع عنك,بأن يدفع عنك شرور شياطين الجن والإنس دفاعا حسيا ومعنويا بحيث يدفع عنك كذالك ظلم الظالمين وحقد الحاقدين وتآمر المتآمرين أينما كانو وكانت كائنتهم , مصداقا لقوله تعالى: (ان الله يدافع عن الذين آمنوا). ويتكفل الله كذالك بنصر المؤمنين الصادقين والمجتمع الإسلامي ككل على غيره من مجتمعات الشرك و الضلال بكل معاني النصر الحسية والمادية والمعنوية وحتى العسكرية, مصداقا لقوله تعالى:( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) بحيث يظهر ذالك النصر من خلال التفوق القيمي والأخلاقي والاجتماعي,هذا لتفوق يطفي علي المجتمع الإسلامي نوع من أنواع التماسك والأخوة الإسلامية التي رابط الأبوة المعنوية فيها لله تعالى كما قال تعالى:(إنما المؤمنون إخوة). خلاصة القول لابد من أن تتحقق في حياتنا كمسلمين الاستقامة الكاملة على مراد الله تعالي والاستسلام الكامل له (ومن أحسن دينا ممن اسلم وجهه لله). والله الموفق.