(تقرير من حشد نت ) . الحرس الجمهوري اليمني ، أحد أهم المؤسسات العسكرية المندرجة تحت كيان المؤسسة الأم ( القوات المسلحة والأمن اليمني) وأكثرها كفاءة وجاهزية وتأهيل تدريبي ومعنوي . على الرغم من الحرس الجمهوري لا يميزه عن بقية وحدات الجيش والأمن الوطني اليمني الأخرى أي حوافز أو أجور أو فارق هائل في الإمكانات المتاحة ، بل التمايز الأكبر كان في إدارة تملكت المسئولية الوطنية أولاً ، والكفاءة والاقتدار والحرص الذي أثمر عن بناء وحداتي مؤسسي مستقر غير متأثر بما حوله من الانتماءات والو لاءات السياسية والحزبية والقبلية والمنهجية على السواء. وبتقديري فان هذين العمودين للمؤسسية هما أهم الأعمدة التي يجب ان تبنى عليها مؤسسات الدولة عامة. ولأن مكونات هذه الوحدات أتت من صلب الكيان الوطني بمعانيه الشاملة ، فلا تكاد تخلو قرية أو ريف أو حضر في كل مناطق اليمن من انتساب ابنائها اليها وفق تركيبة منسجمة راعت الطبيعة الجغرافية والسكانية لليمن ، فأنه من الفخر ان تتحدث الأقلام الوطنية بمختلف مشاربها وتوجهاتها عن مكسب وطني باقي على طريق دولة المؤسسات المستقلة ، كل تلك الواقعيات ملموسة ومعروفة لدى عامة الشعب وخاصته ، فليست قوات الحرس الجمهوري بمنأى عن الشعب او غامضة عليه .. لأنها من روحه. تلك المقدمة التعريفية المختزلة كثيرا تفتح طريقا واسعا للادوار التاريخية المشرفة والمهيبة التي جسدتها تلك الوحدات على طريق حفظ اليمن الشعب والوطن والأرض والكيان عامة ، بعد سعي حثيث لقوى سياسية وقبلية الى جرفه نحو مزالق الانهيار الذي كان وشيكا تحت وطأة المشروع الانقلابي الحادث في البلاد والموجه نحو الكيان الامني والعسكري تمهيدا لنجاحه.. فبعد ان انشق علي محسن الأحمر ضل يتلقى الصفعات القوية بفشل خططه التي رسمها لاسقاط اهم قلاع الحرس الجمهوري خارج حدود العاصمة صنعاء الصمع وكان هذا سيمثل تحولا كبيرا على الأرض كون معسكرات الصمع تمثل 40% من قوة الحرس الجمهوري. وتركزت احاديث ووجهات ومؤامرات قوى الانقلاب في الفترة الماضية نحو وحدات الحرس الجمهوري لما بات يشكله الحرس الجمهوري من إرباك لمحاولات المناهضين للنظام الرامية إلى تجاوز عثرات الاحتجاجات السلمية بتحقيق نصر عسكري يقوم على استهداف قوات الحرس الجمهوري وصولا إلى هزيمتها. لكن محاولات اسقاط سيادة الدولة في الصمع فشلت مرارا ً وتكرارا رغم الخطة المحكمة التي رسمت مثل انتصارا للعميد الشاب أحمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري على تحالف خصومه العسكريين والقبليين المنخرطين في تيار الإخوان المسلمين كون المحاولة كانت أمل اللواء الأحمر في كسر صمود الحرس الجمهوري وبدأ العد العكسي لمرحلة ما بعد الحرس. ولم يكن الحرس الجمهوري هاجسا مزعجا للمنشق علي محسن وحسب ، اذ ان مسلحو شيوخ حاشد "أبناء الشيخ الأحمر" وأنصار الزنداني ومسلحي حزب الإصلاح أيضا وجنود وضباط الفرقة الأولى مدرع جميعهم التقوا على هدف واحد يتمثل في أن إسقاط صنعاء يبدأ بإزاحة الحرس الجمهوري عن مداخلها وجر قواته إلى معارك استنزاف جانبية يمضي بقوى الانقلاب الى واجهة السلطة. لكن فشل محاولات المسلحين في أرحب وحاشد شكل منعطفا جديدا في سير الصراع بعد أن أعلنت قيادات عسكرية محسوبة على معسكرات المنطقة الشمالية الغربية التي يقودها علي محسن الأحمر أنها ستساند من أسمتهم أنصار الثورة في أرحب في تلويح خطير قد ينقل المواجهات إلى مربع أكثر خطورة نظرا لكثافة القوة العسكرية لطرفي الصراع في المنطقة التي تشمل محافظتي عمرانوصنعاء. تلويح قادة الجيش المنشقين تزامن مع دعوة أطلقها الشيخ صادق الأحمر لنصرة قبائل أرحب مثلت إعلان حرب صريحة ضد قوات الحرس الجمهوري في الصمع ونهم التي تشهد تحركا نشط لمسلحي اللواء والشيخ ومليشيات حزب الإصلاح. حديث أقطاب المعارضة وأنصارها عن سقوط النظام نهائيا وبقايا النظام تارة أخرى وفلول النظام وغيرها من المسميات التي تطلق على منابر الإعلام وموائد السياسة تكشف مدى العجز وقلة الحيلة الذي وصلت إليه القوى المطالبة بإسقاط النظام مع ارتفاع الدعوات الدولية لإخراج اليمن من أزمتها عن طريق حوار يضم كافة القوى في الساحة بعيدا عن لغة العنف والصراع. كما ان انسداد أبواب الخارج والداخل أمام أهداف رفعتها الفعاليات الاحتجاجية المناهضة للنظام منذ تسعة أشهر تقريبا وتعثر خطوات اللواء علي محسن الأحمر العسكرية والهادفة إلى تفتيت قوات الحرس الجمهوري والقوات النظامية التي تساند النظام أربكت خصوم النظام ورفعت درجة انفعالهم ، وكلما كانت هناك جهود تهدئة في العاصمة صنعاء لاحتواء المواجهات إلا ويتم مباشرة تفجير الأوضاع الأمنية والعسكرية في محافظة من قبل قوات منشقة وقبائل موالية لذوي المشروع الانقلابي على الوطن. لكن الصداع الذي تمثل بقوات الحرس الجمهوري التي أصبحت تؤدي دورا سياديا هاما في اليمن فحواه ( حفظ النظام الجمهوري والدفاع عن خيارات الشعب ودستور البلاد) بات عامل إحباط للحالمين بنجاح ثورة الأشهر الثمانيةالمراهنون على كسب الصراع من خلال الانتقال إلى ثكنات الجيش ومتارس المسلحين. ثمانية أشهر ، لم تستطع خلالها قوى وقيادات المشروع الانقلابي على الدولة تحقيق أي نجاح يحقق الفارق ، فقد بقي النظام رغم غياب مرضي لكبار قادته الذين اصيبوا في حادث دار الرئاسة اليمنية في محاولة اغتيال فاشلة . والحقيقة ان انشقاق اللواء الاحمر عن المؤسسة العسكرية ودعمه للمشروع الانقلابي اثر كثيرا ووضع الدولة اليمنية على المحك ، اذ انشقت قوات عن الجيش ولحقه انشقاق الكثير من اتباع علي محسن داخل النظام دبلوماسيين ووزراء ومسؤولين وإعلاميين وكان يتوقع أن ينهار نظام الرئيس صالح ويسلم السلطة لكن الرئيس استعاد قوته واستوعب الصدمة وعاد إلى المناورة مستخدما أوراق كثيرة أتاحت له مزيدا من الوقت المطلوب للتحرك وإرباك الخصوم ولعل الحرس الجمهوري كان اهم الأوراق التي حافظت على كيان الدولة قبل الأنهيار. لقد جسد الحرس الجمهوري الصمود بكل معانيه أمام محاولات شرسة لهزيمته وإسقاطه في أكثر من بقعة من الوطن إستراتيجية قد تغير معالم الوضع على الميدان. وللتاريخ فأننا نسجل لوحدات الحرس حفظها للثورة اليمنية الأم سبتمبر واكتوبر بعد اكثر من اربعون عاما على تحقيقها .. فقد كانت على المحك في العام 2011م .. وكانت قوات الحرس فوق مستوى الثقة ، وحافظت على اليمن الجمهوري وافشلت المخطط التآمري الجديد على اليمن.