طال عناقهم للصور لكنهم لم يفقدوا الأمل ...!!! سنون طوال لم يكلوا ولم يملوا الوقوف كل يوم اثنين على أبواب الصليب الأحمر معتصمين حاملين صور أبنائهم وأزواجهم وأحبائهم, ولم تؤلمهم أقدامهم من المشاركة في أي فعالية للأسرى، مطالبين بالإفراج عن فلذات أكبادهم والأمل يقطن قلوبهم الرقيقة، ولا تهزه أي زلزلة دمعة شوق وحب .
بالأمس ..!! كانت صورهم تشارك أسرهم وتنام بجانبهم, يعانقونها ويتمنون أن يتغلغلوا في أعماقها علهم يلمسون أحبابهم أو يشعرون بدفء أجسادهم، ولكن هيهات .. هيهات .. !!!! لقد كانت تلك الأسلاك الشائكة التي تحاصر كل سجون المحتل الغاصب وغطرسة سجانيها أقسى من لهفة قلوبهم .. أشد من شوقهم .. أقوى من أمانيهم، لكنها لم تهزم عزيمتهم وصمودهم وتحديهم لتلك الأسلحة المدججة التي يتزين بها هؤلاء الجبناء، ولم تكن أقوى من قوة صبرهم واحتمالهم وانتظارهم .
على أمل ..!! عشرات السنين مرت .. وهم ما زالوا في انتظار.. يحاكون حلكة الليل .. تؤرقهم مناماتهم من لهفة الشوق والانتظار .. يناجون القمر .. يرجون الله ربهم أن يفك أسر أحبابهم، فكان الله لدعواتهم مجيب، ولأنات قلوبهم شافٍ ومداوٍ، فاستجاب لهم وإن طال الانتظار . بعد عناقات للصور الباردة الباهتة، وبعد الدموع التي طالما عانقت الأوراق والبراويز .. أتت اللحظة التي انتظروها بصبر فاق كل حدود إدراك العقول، أتت الصفقة لتزين البيوت والشوارع والحارات التي تغيرت معالمها وملامحها كثيراً أمام المفرج عنهم . أتت لتكلل العيون بدموع الفرح، دموع الشوق والحب، وابتسامات هزمت قوة عدو تغطرس على قلوبهم طوال سنين مرت بصبر ملهم من الله تعالى . لحظات لا يمكن لكل الأبجدية أن تصفها .. فرحة لم تتسع الأكوان لها .. شوق اخترق دقات القلوب المكلومة .
وأخيراً... تحقق عناق الصور لعناق حار جداً، ولأحضان لو اقتربت منها لحرقت بجمر ونار لوعتها، هم شعروا بها .. وعاشوا لحظاتها، لم تكفيهم الأحضان ولا القبلات ولا العناقات المطولة . عشرات السنين مرت وهم محرومون من عناق أحبتهم ومهجة قلوبهم . عشرات السنين مرت وهم معذبون متألمون .. ينتظرون وينتظرون.. ينتظرون بزوغ فجر جديد يلوح لهم من الأفق بأن اليوم هو مولدهم من جديد . فهنيئاً لتلك القلوب الصابرة الصامدة، وهنيئاً لكل دمعة ذرفت حزناً ولوعة وألماً وشوقا . هنيئاً لتلك الصور التي لم تتغير ألوانها رغم جمر الدموع التي طالما تساقطت عليها، ولا من عرق الأيادي الطاهرة التي احتضنتها في كل المناسبات والمحافل . هنيئاً لقلوب عانقت القلوب . هنيئاً لأرواح تلاقت مع أرواح سكنتها سنين وسنين . هنيئاً لكم أسرانا الأبطال البواسل . هنيئاً لكل من أخلص لكم وتجرع معكم عذاباتكم وآهاتكم . هنيئاً لك شعبي المعطاء الصابر المناضل . هنيئاً لك فلسطين .
ومن نصر إلى نصر .. ومن حرية إلى حرية .. فليحيا شعب الأبطال رغم أنوف كل الحاقدين .