وسيط السلطة مع الحوثيين يؤكد تأييدهم للنظام الجمهوري صنعاء - "الخليج":
1/1 لم يكن حسن زيد مجرد وسيط بين الرئيس علي عبدالله صالح والمتمردين الحوثيين، بل إنه واحد من الرموز السياسية التي تتعامل مع الحوثيين بوضوح، وهو لا ينكر ذلك، كان زيد قد بدأ وساطته لإنهاء الحرب السادسة قبل عيد الأضحى المبارك، لكنها لم تنجح إلا في الأسابيع القليلة الماضية، عندما توصل مع الطرفين إلى اتفاق لوقف الحرب التي استمرت لستة أشهر، قبل أن يتركها للشيخ القبلي علي ناصر قرشة بسبب مكالمة أسيء فهمها أو وظفت بطريقة سيئة على حد تعبيره .?XML:NAMESPACE PREFIX = O / في حوار أجرته معه "الخليج" يؤكد الأمين العام لحزب الحق المعارض حسن زيد أن الحوثيين لا يناهضون النظام الجمهوري، بل إنهم يؤيدونه، ولا يريدون الخروج عن النظام أو استعادة الملكية، ويقول إن حسين الحوثي، مؤسس حركة تمرد الحوثي كان معجباً بالثورة الإيرانية وبالخميني وحتى بحركة طالبان الأفغانية، وأن مشروعه السياسي لم يكتمل بعد أن قتل في الحرب الأولى العام 2004 . وتالياً الحوار: كيف يمكن أن تصف اللحظات الأخيرة لإنهاء الحرب، وما هي اللمسات الأخيرة للخروج باتفاق وقف إطلاق النار، خاصة وأنك كنت قريباً وسيطاً للحوثيين؟ كانت هناك ثلاث رسائل متبادلة ما بين عبدالملك الحوثي والرئيس علي عبدالله صالح عن طريق الشيخ علي ناصر قرشة، آخرها كانت في 24 صفر، وتضمنت مبادرة من عبدالملك الحوثي لا يمكن ان ترفض، وهي المبادرة التي تنفذ الآن والمتمثلة في التزامه بفتح الطرق وإزالة التمترس وانجاز ملف الأسرى السعوديين وإخلاء المقرات الحكومية المسيطر عليها بمجرد إعلان وقف إطلاق النار . وهناك نقطة مهمة تتمثل في إطلاق جميع المعتقلين، وهذا كان عندي منذ البداية، وكان الرئيس موافق عليها، ولدي وثيقة بخط عبدالعزيز عبدالغني بالموافقة على إطلاق جميع المعتقلين بمن فيهم الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية أو ممن هم الآن أمام القضاء، بل إن الرئيس قال بالحرف الواحد : "ماذا أفعل بالمعتقلين، هل أستمر في الإنفاق عليهم إلى ما لانهاية؟" . وللأمانة فإن الرئيس كان منذ وقت مبكر جاداً في وقف الحرب، لكن هناك تيار حوله يشعر انه لا يستطيع ان يكون له قيمة عند الرئيس إلا إذا كان علي عبدالله صالح في أزمة، لهذا يحرصون على خلق أزمات من العدم، فهذا التيار يحرص على وجود الأزمات وعلى استمرارها . المشكلة الآن أن هناك سوء فهم من قبل السلطة لطريقة تفكير الحوثيين، وهذا ما نبهت إليه أكثر من مرة للرئيس، صحيح اظهروا في الآونة الأخيرة نوعاً من الذكاء السياسي، كمبادرة وقف إطلاق النار أو تعليق العمليات قبيل اجتماع وزراء الخارجية العرب لدول مجلس التعاون الخليجي ومبادرتهم بالانسحاب من الأراضي السعودية قبيل مؤتمر لندن، إلا أنهم لا زالوا يتعلمون . لهذا تعتقد السلطة أنه بمجرد ما ان يوافق عبدالملك الحوثي على وقف إطلاق النار بشروطها فإنه ضعيف وأنه قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة، وبالتالي كان يغريها هذا الاستمرار في الحرب والإجهاز على الحوثي، مع ان الواقع ميدانياً على الأقل يمكن أن نقول إنه تجمد ان لم نقل إنه كان يميل لصالح الحوثي . على الأرض فإننا إذا اعتبرنا ان الحوثيين هم جميع أبناء محافظة صعدة على اعتبار أنهم ومن حولهم تضرروا من القصف الجوي، فهم تضرروا كغيرهم، لكن كمقاتلين فإن الضرر الذي لحق بهم قليل جدا . لكن السؤال الأهم هو لماذا لم تتوقف الحرب على الأقل في الشهر الثاني من اندلاعها، بعد ان أدرك النظام استحالة الحسم العسكري؟ في تصوري هناك عناصر حول الرئيس ترتزق من الحرب وتحرص على استمرار أزمة الرئيس في هذه الحرب وفي الأزمات الأخرى، وهي المسؤولة عن استمرار لأنه كان من الطبيعي ان تتوقف الحرب الأخيرة خلال شهر، وقد عمل الرئيس لذلك فعلا عن طريقي، وكان ذلك قبيل عيد الأضحى المبارك، حيث تم وضع مشروع متكامل أفضل من المشروع الحالي إذا جاز التعبير لوقف الحرب، وكانت هناك لجنة سداسية حولها الرئيس إلى تسعة أشخاص، ثلاثة يعينهم الرئيس وثلاثة يعينهم عبدالملك الحوثي، وكانت الأسماء التي ستمثل السلطة هي : اللواء علي محسن الأحمر، العميد فيصل رجب واللواء علي الجائفي، ومن طرف الحوثيين كان هناك صالح هبرة، صالح الصمات وعبدالكريم بدر الدين الحوثي، وكان وجود عبدالكريم الحوثي وصالح الصمات وصالح هبرة في مقابل اللواء علي محسن كفيلاً بانجاز الكثير . وقد طلب الرئيس منا كأحزاب اللقاء المشترك ممثلاً بي وعبدالوهاب الآنسي (التجمع اليمني للإصلاح) والدكتور ياسين سعيد نعمان (الحزب الاشتراكي اليمني) أن نشرف على الاتفاق واعتقد بأن ذلك كان ضمانة من أفضل الضمانات، فعبدالوهاب الآنسي اتفقنا أو اختلفنا معه هو رجل سلام، وقد اشترط موافقة عبدالملك الحوثي خطيا ووافق عبدالملك على ذلك، والدكتور ياسين كان ليلة عيد الأضحى في عدن، وعندما طرحت عليه الأمر قال إذا كنا نستطيع ان نوقف الحرب فلا مانع في ان أخرج الآن من عدن، والحوثيون لا زالوا متمسكين حتى الآن بمشاركة المشترك والإشراف على اتفاقية وقف إطلاق النار لإدانة أي طرف يخرق الاتفاق أو يعرقله . في رأيي أن عمل اللجنة بتلك الصورة كان سينبثق عنها لجان ميدانية لأنه كان يمكن لها ان تنجز الاتفاق في أسرع ما يمكن، وأن توفر الثقة لدى الطرفين وتخرس الكثير من الأصوات التي كانت ولا تزال حتى الآن تسعى لعرقلة الاتفاق، وكان كان سيعطي الاتفاق بعداً وطنياً . لماذا انسحب حسن زيد وترك الفرصة للشيخ علي ناصر قرشة ليكمل الوساطة مع الحوثيين؟ علي ناصر قرشة هو من اقرب الناس لعبدالملك الحوثي وهو من اكبر مشايخ صعدة، وهو شخص صادق وظاهره البساطة، لكنه ذكي جدا ومخلص للرئيس ولصعدة ويكره العنف وسفك الدماء، وقد سجن بعد تصريحات عبّر فيها عن غضبه الشديد من مجزرة سوق الطلح، وعبدالملك الحوثي يقدر موقعه في محافظة صعدة ويقدر صدقه . ثانياً التقطت لي مكالمة مع محمد عبدالسلام ( الناطق الرسمي باسم المتمردين الحوثيين ) وأسيء تفسيرها أو قل إنه أسيء توظيفها، فقد أراد تيار في السلطة ان يوظف هذه المكالمة بطريقة محرفة، وعندها وجدت نفسي أنني سأكون ضحية لعملية اكبر مني وأن دوري سيتحول إلى عبء على الطرفين فتوقفت، لكنه لم يكن توقفاً كلياً، فلازلت مشغولاً بمحاولة تثبيت السلام في محافظة صعدة، ولدي الاستعداد والفخر بأن أموت واستشهد في سبيل ذلك، يعني ما زالت بشكل أو بآخر شبه وسيط، بالإضافة إلى أنني على اتصال دائم بعلي ناصر قرشة، وأتواصل مع الرئيس ومع عبدالملك الحوثي . كيف أدار الحوثيون المعركة الإعلامية، وهل نجحوا في إيصال رؤيتهم للعالم الخارجي؟ نجحوا إلى حد ما في القضايا العسكرية، لكن في القضية السياسية والفكرية فإنني أرى أنهم مقصرون جدا، فحتى الآن وأنا الذي محسوب عليهم ومن المقربين إليهم لا اعرف بالضبط ما هو مشروعهم، هذه حقيقة، لا أعرف ما الذي يريدونه، من الضروري ان يجيبوا عن سؤال ما الذي يريدونه؟، هل أعدوا أنفسهم إلى ما بعد الحرب سياسياً وفكرياً وتنظيمياً؟، هل سيتحولون إلى تنظيم سياسي؟، هل سيصبحون جزءاً من الحركة السياسية، هل سيرفضون الحزبية؟ ما هي مطالبهم بالضبط؟ أنا معهم في ان يعبروا عن حقهم في التنديد بأمريكا و"إسرائيل"، ونحن أحيانا نندد بأمريكا و"إسرائيل"، لكن ليس بصورة دائمة، إنما اعتبار ان التمسك بأن الموت لأمريكا و"إسرائيل" هذا شعار عدمي وسلبي؟ في تصوري أن الحوثيين بحاجة إلى إجابة عن أسئلة كثيرة، وقد اعذرهم إذا لم يكونوا قد تصدوا لمثل هذه الأسئلة بالإجابات الواضحة بسبب ظروفهم، إذ إنهم منذ بروزهم كقوة وهم في حروب، لكن هذا الجانب ينبغي ان يتصدوا له وان يكونوا واضحين في علاقتهم بالناس . هناك اتهامات للحوثيين بأن لديهم مخططاً لإقامة حزام شيعي بين اليمن والمملكة العربية السعودية، ما صحة ذلك؟ هذا من أسخف ما قيل، لكنه مع ذلك خدمهم، فقد جعل كل اثني عشري في العالم يتعاطف معهم، واعتقد ان من أطلق عليهم هذه التهمة كان يتمتع بغباء عجيب لأنك عندما تستهدف جماعة اثني عشرية فكل اثني عشري في العالم سوف يشعر بأنه استهدف في اليمن، وهذا أعطاهم بعداً دولياً . الحوثيون ليسوا اثني عشرية، كما أنهم ليسوا زيديين بالمعنى التراثي الفكري، فهم مجددون للفكر الزيدي، وقد حاول حسين رحمه الله أن يعيد الفكر الزيدي إلى أصوله ومنابعه الأولى، وكان يمتلك مشروعاً قد نتفق معه وقد نختلف معه حوله، وهو ديمقراطي لا يؤمن بالعنف لكنه كان واقعياً، وكان يدرك بأن أية حركة كبيرة ستواجه بعنف، وقد أجهض مشروعه، والحوثيون اليوم بحاجة إلى ان يستعيدوا مسيرتهم الفكرية من النقطة التي وصل إليها حسين وتوقف عندها ولا يعتبرونه مقدسا . هناك اتهامات للحوثيين بأنهم لا يعترفون بالنظام الجمهوري ولا بشرعيته في الحكم، هل تعتقد أن هذا أضر بهم؟ ربما حاصرهم، لكنها في النهاية تهمة كاذبة، حسين كتب بخط يده وأتمنى ان احصل على هذه الورقة أن أول أهداف حزب الحق، وهو من مؤسسيه، يكمن في المحافظة على النظام الجمهوري نوعا للحكم، نحن الحزب الوحيد الذي تبنينا هذا الهدف، ربما أننا أدركنا بأننا سنتهم بأننا إماميون أو ملكيون، لكننا تبنينا هذا الخيار عن قناعة للخروج من أزمة صراع الأئمة، من أزمة الخروج المسلح لمواجهة الانحراف إيمانا منا بأن الديمقراطية هي الوسيلة المثلى للتعبير عن نظريتنا في الخروج على الظالم لكن بأقل التكاليف، وهي الخروج على الظالم من خلال صناديق الاقتراع . لم يكن حسين يريد ان يكون ملكا ولا يريد ان يعيد الملكية، بل كان من أعداء الملكية، والزيدية لا يمكن ان تكون ملكية، وعندما تتحول إلى ملكية يخرج من الزيدية من يثور عليها . إذا قيمت الظاهرة الحوثية، فهل نستطيع القول إنها ظاهرة يمكن أن تفيد اليمن في المستقبل؟ لا شك أن الظاهرة الحوثية أفادت اليمن، فقادتها وأعضاؤها وحدويون، فالحوثيون لم يطرحوا فكرة الانفصال ولا الحكم الذاتي .