متابعات- كما فتحت أموال الغاز طريقاً لفوز قطر بصفقة كأس العالم 2022، تأمل هذه الامارة أن تفتح بأموالها صفقات تجارية في مجالات العلم والعصرنة، وخلال أعوام قليلة برزت هذه الامارة في بعض الأوساط الاعلامية وعلى صفحات المجلات كمنارة للتطوير والثقافة، فهل تنتهج بالفعل خطاً يحقق نهضة ثقافية في بلد لا يتكل على موروث حضاري؟ أم أنه لا يتعدى شراء مواد صحفية لفقاعة "غازية" اسمها قطر. حيث ذكر تقرير نشرته رويترز وتناقلته وسائل الإعلام العربية ويلقي الضوء على ما سماه التوازن بين سياسات التحديث ومراعاة شعور المحافظين. مضيفاً أن قطر تنفق بسخاء على تحديث عاصمتها قبل نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022. ويمكن مشاهدة شاحنات تسرع في أنحاء الحي التجاري بالدوحة وهي تحمل مواد بناء لتنفيذ مشروعات التطوير التي تتكلف 150 مليار دولار وتشمل مد شبكة مترو واقامة مطار وميناء وطرق جديدة. وفي السنوات التي تسبق كأس العالم لكرة القدم ستشهد الدوحة تدفقا للشركات والمهنيين والعمال الأجانب سيجلبون معهم طوفاناً من الثقافات الأجنبية وأنماط الحياة الغريبة. وساعد استغلال ثروة الغاز الطبيعي الهائلة التي تمتلكها قطر في تحويل البلاد خلال 15 سنة فقط إلى واحدة من أكثر دول العالم ثراء إذ يبلغ نصيب الفرد من الدخل السنوي أكثر من 90 ألف دولار في البلد الذي يبلغ عدد القطريين فيه 250 ألف نسمة. ورغم أن قطر تحكمها عائلة ينظر لها على أنها تقدمية جداً بالمقاييس الخليجية فإن أغلب القطريين ما زالوا محافظين ويتبع أغلبهم المذهب الوهابي. وبالنسبة لهم فإن القلق من اختراق الثقافة الغربية لمجتمعهم واقع مستمر وملح خاصة في ظل أنهم يمثلون أقلية صغيرة للغاية في بلدهم الذي يسكنه نحو 1.7 مليون نسمة الكثير منهم عمال من جنوب آسيا. تولى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني (60 عاما) السلطة خلفا لوالده في انقلاب أبيض عام 1995. واكتسب هو وزوجته الثانية الشيخة موزة سمعة باعتبارهما من دعاة التحديث في السنوات القليلة الماضية ورفعا من مكانة بلدهما بصورة كبيرة مع إطلاق قناة الجزيرة واستضافة دورة الألعاب الآسيوية عام 2006 وكذلك دورهما في حصول البلاد على استضافة بطولة كأس العالم. وقال مايكل ستيفنز الباحث في المعهد الملكي للدراسات الدفاعية في الدوحة "القطريون لا يريدون تسليم ثقافة بلادهم للأجانب. سيظهر غضب بالغ إذا حدث هذا على الإطلاق. كما أن القيادة حساسة جدا ازاء هذه المسألة". وأضاف "تقول الحكومة بوضوح تام ... لا نريد أن نكون (متحررين مثل) دبي. لن نصبح دبي، وحتى إذا كانوا يرغبون في ذلك فلا يمكنهم القيام به هنا. المواطنون لن يقبلوا هذا". ونتيجة لذلك يتعين على الأسرة الحاكمة في قطر تحقيق توازن مستمر بين سياسات التحديث وبين تقديم تنازلات للمحافظين. ومن أسباب تمكن قطر من الاحتفاظ بطبيعتها المحافظة هو انها عكس دبي لا تحتاج الاعتماد على السياحة وتركز بدلا من ذلك على إقامة المنشآت الفاخرة لتصبح معروفة باعتبارها مركزا ثقافيا ومركزا للمؤتمرات في المنطقة. ونجحت الحكومة بالفعل في إدخال بعض الإصلاحات الليبرالية الحساسة مثل منح غير المسلمين حريات أكبر في ممارسة شعائر أديانهم في البلاد. كما أقيمت أول كنيسة في قطر عام 2008 على أرض تبرع بها الامير. وفي تقارير صحفية تشيد بمنجزات قطر "الحضارية"، نشرت الديلي ميل تقريرا بعنوان قطر تخطو بقوة للتربع على عرش الثقافةتتمتع قطر بمزيج فريد من الثقافة والأصالة والرقي والبريق يضاهي ما تمتلكه دول غربية متقدمة، ففي السنوات الأخيرة جذبت أنظار العالم بقدراتها الهائلة على إثبات مكانتها في منطقة الشرق الاوسط وعلى الصعيد العالمي كدولة راعية للثقافة والتنمية والاستثمار. وتشير "الديلي ميل" البريطانية الى ان دولة قطر تتمتع بسمة رومانسية مشابهة لمدينة شانجدو الصينية العريقة التي ألهمت شعراء الحركة الرومانسية مثل الشاعر البريطاني سامويل تيلور كوليردج، حيث إنها تتمتع بالأصالة. كما تتمتع الدولة الخليجية بالتحضر لامتلائها بطرق طويلة ومراكز تسوق راقية وشواطئ. وأضافت الصحيفة أن قطر هي إحدى المناطق المتحررة في الشرق الأوسط، حيث تتمتع النساء بحقوقهن المشروعة مثل حق التصويت والعمل في الحكومة. كما أبرزت الصحيفة دور الشيخة موزا بنت ناصر كراعية للفنون والتعليم، كما تفتخر قطر بالفعل بمتحف الفن الاسلامي الذي صممه المهندس المعماري آي ام بي، الذي يتمتع بهدوء مذهل يعرض بشكل جميل سجادا وأعمالا فنية بسيطة مصنوعة من الخزف. ويوجد أيضا في قطر دار اوبرا تجعل من دار الاوبرا الملكية في لندن مثل قاعة في قرية، حيث تم حياكة الأرقام على المقاعد بخيوط من ذهب، كما ان أنظمة الصوتيات هناك تبدو وكأنها جزء من عالم خيالي. لذلك السبب تبدو قطر كدولة خيالية كالتي يكتب عنها في الاساطير. وبالإضافة الى ذلك، تتمتع قطر أيضا بالرقي والتحضر، حيث انها لا تدخر جهدا في انفاق مليارات الدولارات على مشروعات البنية التحتية والعقارية. ويظهر الطابع العربي الأصيل في سوق واقف الذي يمتلئ بالمتاجر الصغيرة التي تبيع الأعشاب والتوابل، كما تتمتع السلع فيه بأسعار منخفضة. وفي أحد جوانب السوق، توجد متاجر لبيع الصقور، حيث ان تربيتها تعد من العادات العربية الأصيلة. كما تظهر في هذا السوق لمسة ممتعة تجعل قطر تبدو كسويسرا منطقة الشرق الأوسط، حيث يتم بيع دجاج ملون بألوان ساطعة. وعلى صعيد آخر، تولي قطر الرياضة اهتماما كبيرا حيث بدأت في بناء 12 ملعبا جديدا لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، كما تم تصميم هذه الملاعب ليكون من السهل تفكيكها بعد الحدث الرياضي الضخم ومنحها للدول النامية.
فاذا كانت الصحيفة تجد أن الدجاج الملون ما يجعل قطر تبدو كسويسرا فلا بد من طرح عشرات علامات الاستفهام والشك حول الثمن الذي تحصل عليه هذه الوسائل الاعلامية لتجرؤ على هكذا مقارنة تستسخف فيها عقول الناس بدافع استجرار المال القطري، وتتابع هذه الامارة على ما يبدو فرض شروط صندوق النقد القطري على دول الربيع العربي عندما تدفع وزير يقافة أحد أقدم حضارات المنطقة وأحد المعالم الثقافية للتصريح بأن التعاون مع قطر يخدم الثقافة العربية!!!
حيث بحث وزير الثقافة، الدكتور محمد صابر عرب مع رئيس وفد مؤسسة قطر للتربية والعلوم، الدكتور محمد سعود تفعيل الاتفاقيات الثقافية بين البلدين، ودعم التعاون بينهما في مجال المسرح والكونسرفتوار والإنتاج السينمائي. وقال وزير الثقافة المصري: "لم يعد هناك مبرر للتقاعس، وأن كلا البلدين فى حاجة لتواصل مشترك؛ مما يخدم الثقافة العربية وهذا التوجه يخرج بنا إلى إطار التعاون في المجال الثقافي." وأضاف، أنه يرغب في تعاون مؤسسة قطر مع الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية المصرية.. مشيرًا إلى أن الوزارة ستعد مجموعة من الأفكار للتعاون المشترك مع وزارة الثقافة القطرية، في مجال المسرح والكونسرفتوار والإنتاج السينمائي. ,في طرقات العاصمة القطرية تشد عين الزائر إعلان لاحدى الجامعات يقول "نبني قادة المستقبل"، عبارة رنانة تدفع إلى جردة سريعة لحال العلم والمعرفة المتوفرين في دوحتهم وبواسطتهما ستبني المستقبل، وفيها تجد جامعات مستوردة، مكتبات منزوعة الدسم، متحف اسلامي تعود كامل مقتنياته للهند وبلاد فارس والشام ومصر وبزيارة معلم اثري واحد في احد هذه البلاد يغني عن مجموع محتويات المتحف، وما دون ذلك فهو عبارة عن مال لا شئ سوى المال فهل يشتري تاريخا او جغرافية او يشكل نواة قادة المستقبل أم هي نواة رئيس عصابة؟