لم يكن الخلاف المذهبي بين اليمن والسعودية عاملا مهما في مسلسل المؤامرة السعودية على اليمن – كما يفسره البعض- فلقد كان المذهب الزيدي في اليمن أضعف بكثير من أن يمثل خطرا على المنطقة المجاورة، وقد قضى الأئمة الزيود أكثر من 1100 عام في محاولة تثبت نظام حكمهم دون جدوى, فلم يستطيعوا السيطرة على جميع مناطق اليمن في أي حقبة من حقب التاريخ, ناهيك أن يكون لهم طموحات توسعية إلى نجد والحجاز، أما الشافعية فلم يكن لهم تأثير على أنظمة الحكم السياسية في الداخل اليمني أو الخارج، ولو كان الصراع مذهبيا ما سمح اليمنيين للوهابية بالتوسع في اليمن رغم أنها دخلت معهم في صدامات كثيرة، إلا أن سببا واحدا قد نقل الصراع إلى صراع مذهبي، وهو أن الوهابية ارتبطت أساسا بالمشروع البريطاني منذ تأسيها، حيث كان الغرض من انشاءها هو صبغ التحرك البريطاني في المنطقة عبر حلفاءها بصبغة دينية، وبالتالي ركزت الحركة الوهابية – حينها- على مسألة التوحيد ومحاربة الشركيات والبدع ، وكان الغرض من ذلك هو تقويض المشروع المناوئ للبريطانيين والمتمثل بالأتراك في المنطقة ذو التوجه الصوفي، حيث كان الأتراك ينتهجون التصوف في طقوسهم الدينية، وفي تلك الفترة أنشأت الكثير من المراكز العملية والمعاهد، ووزعت الكتب بشكل مهول جدا، وعمل نظام آل سعود على استقطاب الكثير من الطلاب اليمنيين للدراسة لديهم، حتى أنها استقطبت كثيرا من العمالة اليمنية بالمملكة ، وركزت على الشباب الأذكياء منهم، ودفعت لهم رواتب مغرية مقابل ترك العمل والتفرغ لطلب العلم، عادوا بعدها إلى اليمن أو قسرا، وفُتحت لهم المحاضن التعليمية. ومع أن النظام السعودي كان يسعى لتغيير ثقافة اليمنيين وكسب ولائهم عبر من تعلموا في المملكة، إلا أن كثير من هؤلاء كانوا على وعي كبير بالتحرك السعودي المشبوه والدور العدواني على الدين والوطن، فظهرت كثير من الآراء المناوئة للسياسة السعودية، وارتفعت كثير من الأصوات المحذرة من سياسة آل سعود، وهم اليوم أيضا موجودون في خندق مناهضة العدوان، ولهم مواقف متزنة، سواء ممن ينتمون للتيار السلفي، أو من بعض الجماعات والتوجهات الأخرى. * القيادي في حزب السلم والتنمية السلفي.