الصراع السياسي بين جمهورية إيران الإسلامية، وبين المملكة السعودية، يرجع إلى ما بعد قيام الثورة الإيرانية 1979 التي أطاحت بنظام الشاه بهلوي، الذي كان شرطي الولاياتالمتحدة والغرب في المنطقة، ولم تكن مملكة آل سعود سوى تابع، وبرز دورها بعد سقوط شرطي أمريكا.. لقد غطي التنافس السعودي- الإيراني منذ بواكير ثورة الخميني برداء ديني، فصار صراعا شيعيا- سنيا، وعملت الوهابية من أجل هذا، ونشر مذهبها في مختلف البلدان الإسلامية، في مواجهة سعي ملالي إيران لنشر التشيع الاثني عشري، وركزت الوهابية في هذا الصراع على تقديم نفسها مدافعا عن صحابة الرسول في مجال التنافس مع الخصم، من خلال تشويه صورته لدى المسلمين، وحشد الموقف السني إلى جانبها، بترويج مقولة إن الشيعة يسبون الصحابة، ولعل المتابع قد سهل عليه ملاحظة أن معظم العمليات الإرهابية التي تنفذها التنظيمات الإرهابية الوهابية ضد الشيعة، تبرر لها بالقول إن هؤلاء يسبون الصحابة، وطبعا تحتل أم المؤمنين عائشة مساحة كبيرة من هذه العملية الدعائية، وتنفذ التنظيمات الإرهابية الوهابية أكثر عملياتها الموجهة ضد الشيعة نحو خصوم سياسيين وفقهاء بدعوى أنهم ينالون من أم المؤمنين عائشة، وأخذوا يستهدفون كل مذاهب الشيعة بما في ذلك الزيدية في اليمن، فمنذ شهر مارس من هذا العام نفذ انتحاريون وهابيون هجمات إرهابية في مساجد كثيرة، أكثرها في العاصمة صنعاء ومنها مساجد بدر والحشوش والقبة الخضراء وقبة المهدي والنور والمؤيد والبليلي والكبسي، نفذها 7 انتحاريين بأحزمة ناسفة، إضافة إلى هجمات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة، أودت بحياة نحو 200 وإصابة أكثر من 450 مصليا في تلك المساجد، وذريعة الإرهابيين أن هؤلاء شيعة حوثيون زيود موالون لإيران ويسبون الصحابة، وهذا إدعاء زائف روجت له الوهابية منذ زمن ليس ببعيد.. ومعروف أن هذه غيرة كذابة، إذ أن مؤسس الوهابية كان يزدري الرسول نفسه، وقال إنه "طارشي" مجرد رجل كلف بنقل رسالة وانتهت مهمته بوفاته، وعمل الوهابيون على هدم قبة مسجد الرسول في المدينةالمنورة غير مرة في الماضي، وفي العام الماضي كان شيوخ الوهابية يعدون مشروعا لهدمه، وسبق لأجداد أصحاب هذا المشروع أن أهانوا الصحابة وهم أمواتا عندما نبشوا قبورهم وأزالوا كل المعالم التي يرتبط بأسمائهم، ومع ذلك تدعي الوهابية الغيرة عليهم.. إن الوهابية وظفت ولا تزال توظف قضية الصحابة، توظيفا سياسيا في مجال الصراع السياسي بين المملكة وإيران، وهذا التوظيف جعل معظم نشاط الإرهابيين الوهابيين موجها ضد كل مذاهب الشيعة بما في ذلك الزيدية، بالرغم من أنه لم يسبق الوهابية أي مذهب ديني أو تيار فقهي إلى القول بتقديس الصحابة..