رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    «كلاسيكو» الأهلي والهلال.. صراع بين المجد والمركز الآسيوي    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    جريمة مروعة في حضرموت.. قطاع طرق يقتلون بائع قات من عمران بهدف نهب حمولته    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    أبطال أوروبا: بايرن لقلب الطاولة على الريال.. وباريس يستهدف رقما تاريخيا    بالصور: بايرن ميونخ يكشف عن قميصه التاريخي الجديد    ميسي وإنفانتينو ينعيان المدرب الأسطوري    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    الحوثيون يطوقون أحد المركز الصيفية في صنعاء بعناصرهم وسط تعالي صراح وبكاء الطلاب    بسبب منعه عكس الخط .. شاهد بالفيديو قيادي حوثي يدهس متعمدا مدير المرور بصنعاء    العثور على جثة مواطن معلقة في شجرة جنوب غربي اليمن    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عندما قال شيخان الحبشي للشيخ محمد بن أبوبكر بن فريد أنت عدو للغنم    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    البدعة و الترفيه    عضو مجلس القيادة الدكتور عبدالله العليمي يعزي في وفاة المناضل الشيخ محسن بن فريد العولقي    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    فيديو مؤثر.. فنان العرب الفنان محمد عبده يكشف لجماهيره عن نوع السرطان الذي أصيب به    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    "ضمائرنا في إجازة!"... برلماني ينتقد سلوكيات البعض ويطالب بدعم الرئيس العليمي لإنقاذ اليمن!    "ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    خصوم المشروع الجنوبي !!!    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    صحيفة بريطانية: نقاط الحوثي والقاعدة العسكرية تتقابل على طريق شبوة البيضاء    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قسيسة من خلف الضباب 21
نشر في حشد يوم 09 - 09 - 2020

تقول زهرة:…. وبينما الروح في أوج تسبيحها لله والجسد منهك بمعارك الصحوة والاستفاق ، إذا بالصبح الجميل يتدخل في مقاضاة الحياة، يحمل معه زخات ماء تتقاطر من سحب السماء برفق، تداعب وجهي الغارب ، وتغمر عيناي المسدلة عبر نافذة الأمس المفتوحة ،فأفتح عيناي وأصحو للحياة من جديد ، ترفرف روحي ويعود لي نَفَسِي، فاستفق وأشم نسائم الصباح عبرنا فذتي ولكن عز عليّ هذه المرة ،أن مدينتي الصغيرة قد شاخت ليس بعمرها، ولكن بفقدان أفرادها ومجتمعها ومن حولها بفقدان أصوات الطفولة.
أصبحت المدينة بعد الحرب ويكأنها شيخاً متكئاً على عكازة، وبيده مسبحة يتمتم بنداءات واستغفارات ربانية وشكاوي تصف حال مدينتي وماتعرضت له من اعتداءات لم يشرع بها أي دين، أو أي عرف ولا أي قانون من القوانين الدولية كما تمعنت مجريات الحياة ، أدركت أن الحياة مستمرة ولاتتوقف برحيل أي أحد ولو كان عزيزا علينا، بل إنه يجب عليّ أن أعيش باقي العمر لأسعد مدينتي وسوف أذهب حالاً إلى رحى قد تكون في أوج حزنها برحيل السيد أبو حرب.
-سديم... هيا يازهرة الفطور جاهز.
– حسنا سوف أنزل يا أمي.
-اجتمعت عائلة السيد جواد على مائدة متواضعة.
-جهاد... آراكِ متأهبة للخروج إلى أين وهل تحسنتِ، عليك أن تنتبهي لصحتك؟؟
-لاتخف عليّ لقد صرت بخير ياأخي، وسأقوم بزيارة السيدة رحى وآخذ الملفات وأبدا أُمارس المهمة التي تركها لي أبو حرب؟؟
-سديم.... حسنا وأنا سوف أنهي عملي وأتبعك يازهرة.
– أنا يا أمي سأذهب أبحث عن أخي....... حسين منذ بداية الحرب لم أره.
-ألطاف الله تشملكم وتحفكم أولادي .
– الوداع يا أمي.
زهرة توجهت نحو بيت أبو حرب ،وصلت وطرقت الباب ولم تجد رحى في صالة العزاء بحثت عنها هنا وهناك وعند مقربة من الباب وجدت أمها فسألتها.
-أين هي رحى؟؟؟؟
-لقدخرجت منذ ساعة!!!
-أين يمكنني أن أجدها!!!!
-لا أعلم ولكن ستعود قريبا انتظريها هنا!!!
– لابأس ساعود خالتي!!!!
زهرة فطنت وخمت أين ستجدها، هذا المكان تتوجه إليه كل القلوب المشتاقة، يسمى مقبرة ، ولكن هو بالنسبة لأهالي الراحلين روضة وحياة ، هو بالنسبة لهم أرواح طاهرة، تسمعهم بدون حديث.
توجهت زهرة نحو المقبرة وعند البوابة وقفت حيث تحقق حدسها الثاقب ،وجدت رحى أمام قبر زوجها بيدها زهورا بائسة وكأنها مولودة من طقس الخريف وليس الربيع، واقفة تبادل زوجها أطراف الحديث عبر تلك الصورة الساجدة في محراب الجهاد .
اقتربت زهرة منها فوجدتها تنظر إلى القبر وكل صمتها أحاديث، لم ترد زهرة أن تقطع تلك المقابلة الروحية بينهما ولكن عزمت القرار، وبصوت حاني ردت:
-السلام عليك يارحى.
-بصوت شريد ..وعليكم السلام .
-لم أجدك في منزلك فعرفت أني سأجدك هنا.
– من أنتي ؟؟
-أنا زهرة .
-زهرة... أهلا بك، سعيدة بمقابلتك ،لقدوصلني الخبر وهيا سوف أعطيك ماشئتِ.
– لا عليك سوف أخذها لاحقا ،الآن هل أنت بخير ؟؟
-بصوت مبحوح الحمدلله ،لله ماأخذ، ويكفي أن مجاهدي حقق أمنيته، وبلغ مراده، ساحاول أن أعيش على إثر ذكراه، ولكن كيف عرفتي أني هنا يازهرة.
-لأني دائما آتي لأزور قبر أبي، ولا أخفي عليك يارحى، هنا أجد ملاذي عندما تضج بي الحياة، هنا في هذه الروضة أحط أشرعتي المكلومة وأجعلها تبوح وتسهب بحشود العَبَرات الهادئة كلما اشتقت لروح أبي، هنا أجد معنى وافي للصدق والتضحية بعيد عن خزعبلات الافتراء، هنا أنسى ادعاءات البشر بكلهم ، وأصاب بالزهايمر اللحظي المؤقر الذي يعيد لي الذاكرة بالوقت المحدد ومتى ماأردت.
-صدقتِ ياعزيزتي!! زهرة يا ترى كيف هم وماحالهم؟؟
و هل يتقاسمون الحياة مع بعضهم؟؟
وهل صحيح أن أرواحهم تتطايرهنا وهناك، و تشتاق لنا كما نشتاق لهم ؟؟
وهل لنا أن نحظو حظوهم، ونقتص لنا من تلك الأرض بيتًا لانظل بعدهم ولانشقى؟
– عزيزتي:.... الروح يبقى جوابها مغيب عنا ولكن عندما أكون هنا يساورني شعور أنهم بقربي ويسمعوني ربماهذه من عجائب حديث الروح للروح، وإن شاء الله سنمضي على إثرهم.
-فعلا ،هيا نذهب للمنزل، لتبدأي مهمتك في الكتابة.
– انطلقنا باسم الله .
-مارأيك أن تأتي للعمل مع أمي؟؟؟
– عمل!! ماهو ؟؟
-أمي سديم مع نساء المدينة... قريبا سيفتتحوا محل لصناعة المعجنات ،والقسم الثاني سيكون للخياطة بإمكانك المجيء إذا أردتِ.
-عظيييم!! سأفكر بالأمر وأعطيك خبر،أنا ماهرة في تفصيل الثياب.
– رائع.
وصلا للمنزل ،وأغلقوا الباب، أزاحو المكتبة ورأوا على الجدار باب المخزن الذي تحدث عنه أبو حرب، فتحته رحى ودخلت هي وزهرة، كان مليء بالكتب المغمورة بالغبار، فيه مقعد لشخص واحد ونافذة بقرب المقعد ،وبعض اللوحات الفنية لأبو حرب ، توجهوا نحو الملفات، وأخذوها مع الكتاب الغير مكتمل، رحى لم تكتف بل جمعت بعض من الكتب المفيدة التي أذهلت زهرة، واعطتها إياها بكل رحابة،وودعتها وكلها ثقة.
رحى تقول: سررت بمعرفتك وكم هو شرف أن تكوني لي خير الصديق.
-زهرة تبتسم كونها استطاعت أن تحقق أول هدف للسيد الراحل وهو تخفيف معاناة رحى.
ودعتها وأثناء عودتها للبيت شعرت بصداع فضيع لم تقدر أن تكمل الطريق لوحدها، بيدها الكثير من الملفات وبعضا من الكتب ، بالكاد ساقت نفسها تحت شجرة لترتاح قليلاً حتى يهدأ الطقس، ولكن حدث العكس، السحب تتلبد وتتسارع في العناق مع بعضها البعض، حتى شكلت سماء ليست بزرقاء وإنما قريبة للون الأسمر الداكن، الغيم بدأ يذرف دمعة ببطء وزهرة بدأ يشحب لونها كما لوكانت هي السماء الداكنة على وجه الأرض، خافت كثيرا ليس على نفسها التي لم تتعافى تماما، فهذا أخر ما تفكربه فتاة الجبل، إنما همها الوحيد أن تبقى الملفات والكتب جافة وغير مبللة.
كانت مستلقية تستقبل دفعات الدوار الفضيع، كان صعبا عليها أن تنهض، ولكن الأصعب في نظرها التسويف في الأمانة، ضمت الملفات والكتب وغطتهم بغطاء روحها الجافة ، ضمتهم وكأنهم أطفال يختبئون من وحش الطرقات جرجرت روحها للنهوض مستندة بلحاء الشجر القويم، ولم تمر ثواني إلا وسقطت على الأرض مغشية، ولازالت يديها مضمومةوملتفة على الكتب، تنفست من جديد وعاودت الكرة، وهجست في نفسها المنهكة في الاستفاق نهضت وركضت بسرعة، ومع دقات القلب الخافقة والسريعة هطل المطر وكان غزيرًا لاتقوى على مواجهته القروش، كانت تصيح بصوت عالي و بدون شعور يالله ،يالله ،كن معي ياحافظ الحياة منذ الأزل، فقدت قواها وتوقفت تحت صخرة ضخمة ترتجف وكأنها تبتلع شحنات كهربائية لو تم توصيلها بتيار لأضاء عتمات العالم ولكن يداها لازالت تمسك في الكتب وبقوة.
#اتحاد_كاتبات_اليمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.