نادين كنعان : خمسة أشخاص معلّقون في ساحة عامة على خشبة بواسطة رافعتين. هذا ليس مشهداً من فيلم لفرانسيس فورد كوبولا أو كوينتن تارانتينو، بل صورة كُشف عنها على تويتر أمس ليمنيين مقيمين في السعودية عوقبوا أمس ب«القتل والصلب» بسبب «ارتكابهم جرائم قتل وسلب». وفي بيان صادر عنها صباح أمس، قالت وزارة الداخلية إنّ الضحايا أدينوا «بتشكيل عصابة وارتكاب جرائم عدة في مناطق سعودية مختلفة، وسرقة محال تجارية والتمالؤ على قتل مواطن سعودي خنقاً»، فيما استمر صلبهم طوال اليوم في ساحة القصاص في مدينة الجيزان (جنوب غرب) العاصمة الإدارية لمنطقة جازان في انتظار قتلهم «بحد السيف». وبين هؤلاء ثلاثة أشقاء، هم: خالد وعلي وجاسم محمد علي سراع، وسيف علي صالح السحاري، وخالد شوعي حسين السحاري. صحيح أنّ 76 حالة إعدام على الأقل سجّلت في الممكلة خلال العام الماضي، وفق الأرقام التي جمعتها «وكالة الأنباء الفرنسية» استناداً إلى بيانات صادرة عن وزارة الداخلية، لكنّ الحدث لم يمرّ مرور الكرام هذه المرّة. فيما غابت قسوة الصورة حتى لحظة كتابة هذا المقال عن وسائل الإعلام العربية والأجنبية التي اكتفت بنقل خبر الإعدام، عبّر روّاد مواقع التواصل الاجتماعي عن سخطهم الشديد من مضمون الصورة التي وجدت طريقها إليهم أوّلاً عبر تويتر، رافضين تبرير ما تعرّض له هؤلاء بما ارتكبوه. القنبلة فجّرتها تغريدات متزامنة لناشطين حقوقيين، بينهم سعوديون معروفون بانتقادهم للفساد ولتجاوزات الإدارة السعودية في ميادين عدّة، ما فتح الباب مجدداً على أهمّية دور وسائل الإعلام الجديدة في توثيق انتهاكات مماثلة. وبعيداً عن تعليقات مستخدمي فايسبوك وتويتر وغيرهما، تضعنا الصورة البشعة أمام حقيقة تتعلّق باستغلال واحدة من أكبر الدول الخليجية ل«أحكام الشريعة» لتبرير انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية والشرعات الدولية في آن. وسجّل يوم أمس أيضاً إعدام سعودي يدعى عبد الهادي العمري إثر إدانته بجريمة قتل في أبها (جنوب غرب) ليرتفع عدد حالات الإعدام منذ مطلع العام إلى 46 شخصياً، بينهم أجانب. علماً بأنّ الاغتصاب والردة والقتل والسطو المسلح وتهريب المخدرات وممارسة السحر والشعوذة كلّها جرائم يعاقب مرتكبوها بالإعدام في بلاد الحرمين الشريفين. هكذا يوضع الرأي العام والإعلام حول العالم أمام الصورة الحقيقية للسعودية وغيرها من الدول التي تدعي مساندة «الحرّيات» في العالم العربي، وخصوصاً أنّه بات بين أيدينا وسائل عدة لكشف المستور بالصوت والصورة وبلا قيود! وتحت عنوان " مثقفو اليمن يتجاهلون إعدام وصلب 5 من مواطنيهم بالسعودية " كتب باسم مدحت صفوت في جريدة اليوم السابع المصرية : خيم صمت "رهيب" على مثقفى وكتاب الجمهورية اليمنية، بعد قيام السلطات السعودية بإعدام 5 أشخاص يمنيين و"صلبهم" بعدما أدينوا بتهمة القتل، الثلاثاء، فى جازان جنوب غرب المملكة، باستثناء الإعلامية منى صفوان، والتى وصفت الحادث ب"انتهاك سافر للقيم والأخلاق والدين"، مؤكدة أن الجريمة الحقيقية التى يجب أن يحاكم عليها من قاموا بحكم القصاص بهذا الشكل. الجريمة التى شهدت تعليق وصلب جثث اليمنيين الخمسة على رافعتين سعوديتين، وقامت الداخلية السعودية بنشر صورهم "مصلوبين"، مرت على أغلب مثقفى اليمن مرور الكرام، حيث تجاهلت الناشطة توكل كرمان والحائزة على جائزة نوبل للسلام، الحادث، مكتفية بنشر فيديو ساخر بعنوان "احتقارى للحرامى"، كما تجاهل الحادثة أيضاً كل من الروائيين على المقرى، ومحمد الغربى عمران، والصحفى جمال جبران، والشاعر هانى الصلوى، فى حين اكتفت الروائية بشرى المقطرى، والحائزة على جائزة القيادات الديمقراطية المميزة، بنشر أغنية المطربة المصرية نجاة الصغيرة "حبك أنت شكل تانى". فيما تابعت صفوان، والمذيعة بقناة الميادين، "ليس علينا أن نسكت ونحن نصلب على رافعة سعودية، على الأقل نصرخ من الوجع، على الأقل ننتفض انتفاضة الروح واللحظات الأخيرة"، متسائلة: "شاهدوا صور اليمنيين المرفوعين كجثث فى سماء السعودية، شاهدوا اليمن مصلوب على رافعة سعودية، هل بقى لنا شىء من أدمية، وشىء من كرامة إنسانية، وشىء من كلام يمكن أن يقال؟". وأوضحت صفوان، فى تصريحات صحفية، "إن كانت المحاكمات التى أجريت لليمنيين الخمسة قانونية، وكانت فى وجود محام يمثل الضحايا "المتهمين"، وبعلم السفارة اليمينية، المسئولة عن رعايا اليمنيين أصلاً وعن أى جرم يرتكبوه، وحتى باستكمال كل الإجراءات القانونية للمحاكمة، فإنه لا يجوز إطلاقاً، وتحت أى مبرر أخلاقى أو قانونى، صلب الجثث بهذا الشكل المهين، أولاً لكرامة الإنسان وأدميته، ولقيمته، قبل جنسه وجنسيته وبيئته". واختتمت صفوان، تصريحاتها، قائلة: "هذه الأرواح الشاهقة فى السماء، والمعلقة ستبقى معلقة ما بين أرض وسماء لن ترتاح ولن يصلى عليها ولن تحترم آدميتها طالما نحن معلقين". وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت الثلاثاء، تنفيذ حكم "القتل والصلب" بحق خمسة يمنيين أدينوا بتهمة القتل، الثلاثاء، فى جازان جنوب غرب المملكة، على ما أفادت وكالة الأنباء السعودية. وأوضحت وزارة الداخلية فى بيان أن اليمنيين الخمسة أدينوا "بتشكيل عصابة، وارتكاب عدة جرائم فى عدة مناطق بالمملكة، وسرقة المحلات التجارية، والتمالؤ على قتل"مواطن سعودى خنقاً".