عبدالحفيظ الحطامي - سجن يمتد الى اكثر من 150 عاما هكذا تقول الشاوش كرم امرأة في الخمسين من عمرها تعيش في منزل بمدينة باجل بمحافظة الحديدة ، ورثته عن جدتها المسماة كرم ايضا من عهد الامام يحي مرورا بخلفه احمد ليمتد الى حكومات الجمهورية والوحدة وحتى اللحظة ما بعد الثورة 11 من فبرابر .. سجن من غرفة واحدة ، الزمن وعذابات نزيلاته والحر وتهمة السجينات عامل يمتد عبر عقود من السنين .. الطفلة سعيدة .. صرخة استغاثة ارض اسمنتية وجدار مهترئ تتراكم عليه قذارات السنين وانين النساء واشلاء فراش و 3 فتيات سجينات وطفلة في العاشرة يقبعن بداخل جدرانه الغليظة ، حتى يوم زيارتنا لهذا السجن 24 / 6 / 2013 م ,, في مدينة باجل وفي حيها القديم بمحافظة الحديدة يقع هذا السجن العتيق .. كان علينا التوقف برهة امام منزل الشاوش كرم امرأة صارمة هكذا بدت لي وهي تقول لا يمكن ان تفتح سجنها وبيتها حتى اشعار خطي من النيابة او السلطات الامن وتعتبر ذلك حرصا منها على السجينات ، وحين طلبنا منها سبب آخر لهذا الاجراء قالت انها تعرضت للتأنيب من قبل الجهات المعنية والنيابة لأنه سمحت لمنظمة حقوقية الدخول الى السجن ذات يوم ، مشكورا استجاب لنا مدير امن المحافظة العميد محمد المقالح ووجه مدير امن باجل محمد الملاحي بالسماح لنا للدخول وكان ذلك فرصة للتعرف على تفاصيل وحكايات ما يقال وينقل عن هذا السجن سيئ الصيت والسمعة .. وصل احد ضباط ادارة امن مديرية باجل ورافقنا بالدخول الى منزل كرم ، وهناك كانت المفاجأة المؤلمة غرفة 3 في 3 متر تقبع عند مدخل منزلها الى اليمين وانت تدخل الباب الرئيسي لمنزلها ، المكون من غرف وصالة واسعة مفروشة ، وفي المقابل غرفة بالية للسجينات ارض متسخة واشلاء فراش ، وشباك ضيق وباب مغلق بقفل وسلسة حديدية وفي زواياه يقبعن 3 فتيات حوامل تقول جميعهن من الريف .. ورفضت تتحدث عن ظروف اعتقالهن مكتفية انهن مسجونات من قبل النيابة والامن اما الطفلة سعيدة فتروي كرم الشاوش السجن بأنها مودعه هنا من قبل الامن بعد ان تم ضبطها من الشارع تعرضت لاغتصاب من 16 شخص لكن كرم تقول ان سعيدة لم يتم التأكد انها تعرضت لهكذا اغتصاب لأنه لا تعتقد انها راح تتحمل لكونها صغيرة وتمضي في القول سبق وان اودعها الامن دار الاحداث بالحديدة لكنها اطلقت لأسرتها التي تنتمي الى منطقة الكدن .. حاولنا التحدث مع سعيدة كانت تكتفي بالبكاء والصياح في حالة نفسية وجسدية دامية .. كل ما تطلبه ماما تنادي بأمها التي كانت موجودة وهي التي فاجأتنا بالبكاء مطالبة بالأفراج عن ابنتها ، وعدناها بالحديث مع الجهات الامنية والنيابة التي لم تكن موجودة في باجل بسبب الاجازة القضائية ، لكن ضابط الامن الذي قدم الى جوار الشاوش كرم يقول ان هذه الطفلة ضبطت للمرة الثانية في الشارع العام واصبحت في متناول سائقي الدراجات النارية ، وانه سبق وان سلمت هذه الطفلة لدار الأحداث الحديدة واطلقوها لامها وعادة للمرة الثانية ، لتقع بين يدي امن ومباحث باجل التي اودعها السجن ، دون ادنى اعتبار لطفولتها باعتبارها حدث ، ودون اي اسماع لامها وتوسلاتها بأنه لن تترك ابنتها مرة اخرى . رغيف الخبز مقابل خدمة السجانة واثناء انهماكنا في القاء الاسئلة السجانة التي يطلق عليها على الشاوش كرم كانت الجهات الامنية في ادارة امن باجل تبلغها بأن ثمة سجينة رابعة في الطريق اليها عليها ان تودعها في سجنها الذي يغدوا خاصا رغم اشراف الجهات الامنية والنيابة عن سجنها كما تقول الشاوش كرم ، والتي تؤد انها موظفه 40 الف ريال لدى الاجهزة الامنية لا تكفيها لها ولبناتها الايتام ، وحين سألناها هل يحصلن السجينات على تغدية تنفي وتقول انها تمنحهن وجبات مقابل العمل والخدمة في منزلها واحيانا تتسول لهن الغداء من بقايا المطاعم وفاعلي الخير وجيرانها ، وتمضي كرم في سرد قصة هذا السجن الذي يمتد حتى الامام يحي .. نقول ان جدتها كانت سجانه وكذا امها وهي الآن ومستعدة ان تورثه لبناتها وحين طلبت منه التوضيح لماذا تصر على التمسك بالسجن في منزلها وعدم نقله الى السجن المعد للجانحات بجوار ادارة الامن قالت لا يمكن حتى يتم تعويضي وتسليمي حقوقي كاملة من الجهات الامنية جراء عمل مضني وشاق اني وبناتي للسجينات ، مدير الامن وضباطه الذين تحدثنا معاهم اكدوا ان السجينات يفضلن بيت كرم حيث وانها اكثر حرصا وحفاظا على السجينات وانها تقوم بواجبها على اجمل وكه .. متناسين فيما يبدوا ان هذه المرأة تقوم بإرغام السجينات على خدمتها مقابل ان تبحث لهن عم وجبات الطعام ، احد الشخصيات الاجتماعية محمد ابو طالب يقول ان كرم مشهود لها بالحرص على السجينات نافيا ما يتردد من اخبار عن استغلال جنسي للسجينات او خروجهن في اوقات غير لا ئقة كما تقول بعض التقارير ، وحين كنا في زيارة للسجن تمكنا من تصوير سجينتين وهن في صمت موجع عيونهن تحي حجم الالم الذي تخفيه احداقهن من ظلم الدولة والمجتمع ، رفضن الحديث لكن بمجرد صوت من السجانة الشاوش كرم قامت احداهن وتبعتها اخرى بالاقتراب من نافذة السجن والتقطنا صورا لهن ، كان يبدوا عليهن انهن صغيرات اعمارهن تتراوح ما بين 16 20 عاما ، السجينات الثلاث بحسب كرم مسجونات من الجهات الامنية ولم توضح بأي صفة قانونية يتم سجنهن هل لمجرد الفعل ام وفق حجز النيابة على ذمة التحقيق ام يقضين حكم محكمة ؟ لتكتفي انهن مسجونات بتهمة الزنا وانهن في حمل غير شرعي ، وان اكبر قدر لاعداد السجينات في المتوسط العام يصلن احيانا الى 8 سجينات وتنفي ان يكون هناك سجينات بتهم اخرى ، تقول كرم معظم من يسجن في سجنها من النساء بسبب زنا لكنها لم تؤكد ان الجهات الامنية تضبط الطرف الآخر من الرجال المتهمين ، ام ان الرجل يضل دون تهمة لأنه رجل في مجتمع يبدوا ذكوريا حد امتهان النساء ، حيث يغدوا زنا المرأة عارا وزنا الرجل شرفا وهذا امر منهاض لقيم للدين الاسلامي القائمة على اسس العدل والمساواة ، لكن كرم صمتت حين سألنا عن قصص هؤلاء واكتفت بالقول تهمتهن الزنا معظمهن من الريف ، حاولنا الاتصال بوكيل النيابة للحديث عن مشروعية سجن كهذا لكن الاجازة القضائية كانت لنا بالمرصاد ، المحامي صلاح القميري ومسؤول منضمة مساواة بالحديدة ، يقول اصبح من المخجل والمعيب في حق وزارة الداخلية ووزارة العدل وحقوق الانسان والمنضمات الحقوقية في اليمن ان يبقى سجن النساء في باجل امتداد لعهود الامام يحي مستغربا بقاؤه حتى اليوم حيث وان السجن هذا ليس لديه أي صفة قانونية حتى وان ادعت الاجهزة الامنية الاشراف عليه غرفة واحده لا تليق بأن يكون سجن للبش الغرفة الواحدة لا تصلح مربط ماشية في جو الحديدة الحار ثم من يخول لمرأة ان تحبس في بيتها ومن المؤسف ان النيابة والامن والبحث يودعون السجينات لديها دون اي خدمات أو توفير وجبات الطعام الامر الذي يدفع بشاوشة الحبس ان تتسول بهن ، انا ادعوا المنضمات الحقوقية الى الضغط على الجهات المعنية لنقل السجينات الى سجن تتوفر فيه شروط الاصلاحية التي تهذب السجينات ولا تحيلهن الى مجرد عبيد لدى السجانة يخدمونها مقابل رغيف الخبز ... دراسة تكشف مأساة السجينات الاستاذ سعيد الشرعبيمدير مشروع بناء قدرات السجينات بمحافظة الحديدة أوضح تعليقا على الموضوع ، خلال استبيان قمنا به اتضح لنا ( ان جميع السجينات للفئة العمرية من :18 - 40 سنة ، ( 80% ) أميات ، (20%) متعلمات أكملن التعليم الأساسي ( 50%) من المسجونات يعشن في الريف ، أما الحالة الاجتماعية فإن( 13%) عازبات و(20%) متزوجات و(67% ) مطلقات (7%) أرمل ، وعن عدد الأبناء فإن ( 47%) من المبحوثات لديهن أطفال مابين 1-12 طفل (50%) مبحوثات برفقة أبنائهن وباقي الأبناء كانت إجابتهن مع أم السجينة أو الأخت أو أهل الزوج وأخريات أفادوا أن أبنائها كل يوم في بيت وعن المهنه أفادت (3%) بائعة ( 3%) مزارعة (17%) ربات بيوت ( 80%) عاطل ، وفي المحور السابع حول واقع السجن : أجابت (5) مناسب 13% و( 25) غير مناسب 83% ، وعن السبب أنه يوجد غرفة واحدة لجميع السجينات ( زبيد – بيت الفقيه – باجل ) وعدم وجود تهوية وعدم وجود حمامات مناسبة و غياب الاحتياجات الأساسية ( الفرش ، أدوات النظافة ..إلخ) وحول الوضع الصحي : كانت الاجابه بأنه مناسب 13% و (25) غير مناسب 83% ، وعن السبب كانت الاجابات مختلفه وفي مجملها غياب الخدمات الصحية وعدم القدرة على الحصول على العلاجات لمن لديهن مشاكل صحية غياب مختصه صحية أو دكتورة للتعامل مع قضايا الصحية للسجينات ، وحول التغذية : كانت الاجابات بأن التغذية غير مناسبة 80% وعن السبب تمثلت في قلة الوجبات وعدم انتظامها ومحددويه الاصناف في الوجبات غياب حليب الأطفال والطباخة غير مناسبة وصعوبة الحصول على ماء نقي وبارد نظراً لارتفاع درجة الحراره في المحافظه.وعموما فإن النظرة الاجتماعية السائدة تجاه السجينة على أنها مذنبة ومخطئهوالتعامل مع المفرج عنها بالازدراء حيث تمنع من الاحتكاك بالنساء أو الاختلاط بتجمعاتهن وتعاني من العزلة وأن كانت قضيتها غير مرتبطة بالشرف أو حتى برئيه فيظل السجن وصمة عار تلاحقها مدى الحياة ) . سجن نساء خاص بنظر القضاء والامن منذ 150 عاما ومن خلال زيارتنا للسجن بأنه سجن خاص بإشراف ورضى من الاجهزة الامنية والقضائية والنيابة على امتداد قرن ونص من الزمن رغم تقارير الصحفية وتقارير المنضمات عن هذا السجن الا ان الجهات المعنية تبقى متفرجة وصامتة رغم وجود سجن خاص للجانحات فارغ وواسع وبه امكانية ان يكون سجنا ملائما لكرامة المرأة السجينة ضابط الامن الذي راقنا اكتفى بالقول ان معظم السجينات واقاربهن يرفضن اي سجن سوى سجن الشاوش كرم لانه اكثر امنا لهن نافيا اي حديث عن حصول انتهاكات جنسية وابتزاز للسجينات مؤكدا ان ذلك السجن اضمن للسجينات من اي سجن آخر ، وهذا ما اكده مدير امن مديرية باجل منصور الملاحي ، ولا ندري لماذا تصر السجانة على ابقاء السجن تحت وصايتها وتكتفي بالقول انها تطالب بتعويض عن خدمتها وخدمت بناتها وعائلتها للدولة هذه السنين في القيام بدور السجانة ، اما الاجهزة الامنية فلا تقدم مبررا مقنعا لإبقاء سجن بعيد عنها وتحت اشراف امرأة وفي داخل منزل .. ليبقى السجن في باجل وصمت عار في جبين السلطة والمجتمع وشاهد ناطق على غياب المسؤولية لدى اجهزة الامن ، وتأكيد على اهتزاز منظومة التقاضي وغياب العدل الذي يسمح ببقاء هكذا سجن لا تتوفر فيه شروط الحجز للحيوان ناهيك عن ان يكون سجن للنساء ، الامر الذي يجعلنا نقدم هذا التقرير ليكون بلاغا للنائب العام ووزراء الداخلية وحقوق الانسان والعدل وكل المنضمات الحقوقية ، بسرعة ايجاد سجن بديل للمرأة السجينة في مدينة باجل الذي معظم من يستقبلهن من الريف في المديرية والمديريات المجاورة .