رسا بمركبة بشاطئ الحياة، كما يرسي المركب بشاطئ. البحر.. لم يكن بمقدور أمواج الأيام ان تتغلب على خيّال و"فارس" ذلك المركب.. فأشرعة مركبة شامخة ومسافرة في كبد السماء.. وخبرته في الإبحار كان يضرب بها المثل في التحدي والاقتدار.. كل دقيقة تزداد هبوب الرياح، ومع كل عاصفة هائجة كانت أشرعة مركب الخيّال "الفارس" تزداد قوة وصلابة.. كلما فكرت تلك الأعاصير والأمواج بحيلة لتمزيق أشرعة مركبه، ابتكر، ألف طريقة للوقوف بوجهها، وإعادتها خائبة مكسورة الجناح دون ان تحقق مرادها.. بحر الحياة نفسه تعاطف كثيرا مع تلك الأمواج التي تجرعت الهزائم مرارا، فقرر ابرام عقد تعاون مشترك معها، مقابل ان يحظى –البحر- بابتلاع الخيّال "الفارس" بينما تكتفي– الأمواج والأعاصير- باستعادة هيبتها امام بقية البحّارة والمراكب والسفن ، بعد ان كانت تلك الهيبة المفقودة محل الحديث والسخرية من الجميع.. ذات يوم قرر البحر والأمواج شن هجمة بحرية شرسة بمساعدة يوم عاصف، ناهيك عن خروج الزوابع مليشياتها ، وما ان دقت ساعة الصفر إلا وتحول بحر الحياة الى ساحة فوضى عارمة ، ما أسفر الى سقوط مئات السفن والمراكب والبواخر، أما بالنسبة للخيّال "الفارس" فقد خرج منتصرا عليها باستثناء تعرض اشرعة مركبة لخدوش بسيطة ليست بالخطيرة.. وبهذا رفعت الأمواج الراية البيضاء امام الخيّال "الفارس"، معلنة للجميع ان لكل بحر بحّار، وان لكل مركب بحار "خيّال".. وأصبحت خبرة هذا البحّار الخيّال في مواجهة أمواج وأعاصير الحياة، درسا يدرّس للأجيال في مدرسة الحياة..