أثار خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخير غضبا في الشارع الأردني, بينما لقي انتقادا رسميا "على استحياء", طبقا لوصف سياسيين ومحليين بالأردن. ولم يكن خطاب نتنياهو بشأن "حل قضية اللاجئين الفلسطينيين خارج إسرائيل" مفاجئا بقدر ما كان صادما لدى البعض.
وفي أول رد فعل رسمي على خطاب نتنياهو اعتبر الناطق باسم الحكومة وزير الدولة لشؤون الاتصال الدكتور نبيل الشريف أن "الأفكار التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي لا ترقى إلى ما توافق عليه المجتمع الدولي من أسس لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة".
واعتبر الوزير الأردني أن أفكار نتنياهو "تحتاج إلى تطوير جوهري"، كما شدد على ضرورة وقف إسرائيل لجميع الإجراءات الأحادية بما في ذلك الوقف التام لأعمال الاستيطان ورفع الحواجز وإنهاء الحصار ووقف الممارسات التي تستهدف تغيير الهوية التاريخية للقدس المحتلة".
هذا الموقف بدا بعيدا عن المواقف "غير المعلنة" سواء تلك التي سربتها مصادر رسمية أو التي تحدث بها سياسيون ومراقبون ووسائل إعلام، حيث وصف "المحرر السياسي" لصحيفة عمون الإلكترونية انتقادات الحكومة لخطاب نتنياهو بأنها جاءت "على استحياء (..) وأثارت قلق الأردنيين حيال التوطين".
وأكد مصدر أردني فضل عدم الإشارة له أن عمان لا ترى في خطاب نتنياهو أي جديد، وأن الشروط التي وضعها لقيام الدولة الفلسطينية "لا معنى لها إلا أن قيام هذه الدولة مستحيل".
خطر على الأردن وبرأي الكاتب والمحلل السياسي سميح المعايطة فإن "عملية السلام بالمفهوم الحالي لها باتت خطرا على الأردن".
وقال المعايطة "إذا كان المطلوب من عملية السلام تحقيق الرؤية الإسرائيلية التي تضمن أمن إسرائيل مقابل عدم قيام الدولة الفلسطينية وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان التي يقيمون فيها فمصلحتنا تقتضي أن ننفض أيدينا من هذه العملية".
واعتبر أن من حق المواطن الأردني أن يجد أمامه "حكومة ذات برنامج سياسي واضح جدا في رفض التوطين والتمسك بحق العودة". وأضاف "من حقنا أن نجد رئيسا قويا بملامح سياسية لا تحتمل أكثر من تفسير وتأويل".
واعتبر أن أولوية المرحلة يجب أن تكون التعامل مع خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما "ليس فقط عبر الفرح بجدية الأميركان بدعم السلام بل بالمخرج خاصة بعد خطاب نتنياهو".
ويتفق مع ما ذهب إليه المعايطة عضو لجان حق العودة بالأردن القيادي الإسلامي كاظم عايش الذي طالب بتوحد الأردنيين والفلسطينيين على موقف موحد يرفض أي حل يقوم على التوطين أو المس بالحقوق الفلسطينية الأساسية وعلى رأسها حق العودة للاجئين.
ويشكل اللاجئون الفلسطينيون حسب إحصاءات رسمية نحو 42% من مجموع سكان الأردن. ويتمتع لاجئو العام 1948 بحقوق المواطنة الأردنية الكاملة. غير أن السفير الفلسطيني السابق الباحث المتخصص في قضايا اللاجئين الدكتور أحمد حماد اعتبر أن سيناريوهات "تصفية قضية اللاجئين قطعت شوطا كبيرا".
وتحدث حماد عن خطة قال إنه "جرى طبخها" بين العديد من العواصم المؤثرة لا تعتبر أن الأردن وسوريا تواجهان مشكلة مع قضية اللاجئين وأنه سيتم تعويض البلدين بمبالغ مالية كبيرة لتحسين أوضاع اللاجئين فيهما.
تصفية القضية وأضاف "المشكلة الأساس هي في تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نظرا للتوازنات الطائفية هناك". واعتبر حماد أن ما يتحدث به نتنياهو عن حل قضية اللاجئين خارج إسرائيل "متحقق وبنسبة كبيرة على الأرض".
وكانت عمان استدعت السفير الإسرائيلي يعقوب روزلين الشهر الماضي للاحتجاج على بحث الكنيست مشروع قانون يعتبر أن الأردن هو مكان الدولة الفلسطينية.
لكن مجلس النواب فشل حتى الآن في بحث اقتراحات تطالب بمراجعة العلاقات الأردنية الإسرائيلية، ومن ضمنها معاهدة السلام نتيجة ما تقول أوساط برلمانية إنه "ضغوط" تعرض لها المجلس لتأجيل البحث في هذه الاقتراحات.
واشتعل جدل حاد في المملكة مؤخرا حول سيناريوهات الدفاع عن الأردن في وجه المشاريع الإسرائيلية، وبلغ هذا الجدل حدودا غير مسبوقة في لهجة العداء لإسرائيل، غير أن الحكومة تفضل برأي سياسيين التمسك بالخطاب الدبلوماسي نفسه في مواجهة التصعيد الإسرائيلي.