في بداية كأس العالم 2010 FIFA، عاشت إيطاليا مشهداً قطع في مخيلتها سابقاً. مارتشيلو ليبي على المقعد، شارة القائد على ذراع فابيو كانافارو، الموهوب جانلويجي بوفون بين الخشبات، عصا صناعة اللعب السحرية مع أندريا بيرلو وعدوانية جينارو جاتوزو في وسط الملعب. بالإضافة إلى ذلك، هناك خبرة جانلوكا زامبروتا، دانييلي دي روسي وألبرتو جيلاردينو أو فينتشنزو ياكوينتا، فتنالون بالتالي صورة فريق لا يُقاوَم ويُلقَّب ب"جدار برلين"، بعد إحرازه كأس العالم FIFA في العاصمة الألمانية عام 2006.
لكن بعد مرور أربع سنوات، أثّر الزمن كثيراً على هذا الصرح التاريخي الذي أضاف نجمة رابعة على القميص الإيطالي. ضربت التشققات أوّلاً القاعدة، فاختفى من التشكيلة فابيو جروسو أو أليساندرو نيستا ليحلّ بدلاً منهما جورجيو كييليني ودومينيكو كريشيتو، اللذان لا يملكان خبرة القدامى رغم طاقتهما. انهزم الدفاع الإيطالي في ألمانيا 2006 مرتين فقط (منهما مرّة واحدة من نقطة الجزاء) في سبع مباريات، لكن الدفاع الخلفي لناتسيونالي تصدّع خمس مرات في ثلاث مباريات عام 2010. يحلّل بوفون أحد أبطال برلين ببرودة : "إذا لم نكن قادرين على الفوز في مباراة واحدة من ثلاث، التغلّب على دولة مثل نيوزيلندا أو سلوفاكيا، فمن الأفضل العودة إلى بيوتنا والتفكير في الأمور الخاطئة".
شبح الغائبين تفسير آخر للسقوط الإيطالي، هو ان الجيل الجديد عانى لسدّ فراغ أليساندرو دل بييرو أو فرانشيسكو توتي. ورغم الإمكانيات الواضحة للاعبين أمثال سيموني بيبي، ريكاردو مونتوليفو أو كلاوديو ماركيزيو الا انهم عجزوا عن التفوّق على أسلافهم. يشرح ليبي عن الخليط الفاشل بين الأجيال: "في الماضي، نجحت في خلق دينامية جيّدة من الناحية النفسية، التحرّك على أرض الملعب، لكن هذه المرّة لم أنجح".
كذلك، أسهم غياب الابداع عن خط الهجوم في الحديث مجدداً عن عدم استدعاء ليبي للمهاجمين ماريو بالوتيللي أو أنطونيو كاسّانو المشهود لهما، ووضعه فابيو كوالياريللا على لائحة البدلاء، وترك الأخير في الترتيب الأساسي للمهاجمين خلف ياكوينتا، جيلاردينو أو دي ناتالي المخيبين. يتحمّل المدرب الألبي مسؤوليته قائلاً: "عندما أقول أنني مسؤول لا أتراجع عن ذلك، أنا مسؤول عن جميع القرارات التي اتخذتها في هذه المجموعة ومنذ المباراة الأولى. نعم كان بإمكاني إشراك هذا اللاعب أو ذاك، لكن المشكلة الحقيقية كانت في عدم نجاح المجموعة في التعبير عن ذاتها".
مسؤولية الجميع حتى لو اعترف اللاعبون انهم لم يكونوا على قدر المسؤولية، إلا أن المدرب يريد حمل صورة الفشل على عاتقه. يقول كريشيتو: "كلّنا نتحمّل المسؤولية، لم ننجح في ترجمة ما طلبه منا المدرب. لكن ال"ميستر" يردّ: "لا يتحمّل اللاعبون أية مسؤولية، لم أعدّ الفريق جيداً. عندما يشارك فريق في مسابقة كبيرة وهو خائف ويعاني من الإرتجاف، فهذا يعني أن مدرّبه لم يحضّره جيداً على الصعيد النفسي، الجسدي والتكتيكي.
يُدرك تشيزاري برانديللي الذي سيشرف على أبطال العالم 2006، النقاط التي يجب ان يركّز عليها لنقل إيطاليا مجدداً على قمة الكرة العالمية، أو على الأقل ليستعيد مستواه السابق الذي كان يؤهله التغلّب على منتخبات أقلّ عالمية منه، على غرار الباراجواي، نيوزيلندا أو سلوفاكيا، وهو ما عجزت إيطاليا عنه في جنوب أفريقيا.
يختم مارتشيلو ليبي: "نلاقي صعوبة بالاقتناع ان هذا هو الفريق الإيطالي الحقيقي. القائد هو دائماً على خطأ. لا اريد لعب دور الضحية، وسامحوني اذا لم أكن متواضعاً، لكنني أعتقد انني شاركت في النجاح السابق كما في الفشل الحالي. انها لحظة صعبة للكرة الإيطالية، لكن المستوى الذي قدّمته في هذه الدورة ليس مستواها الحقيقي".