تلقى أحداث العنف التي تشهدها مناطق مختلفة من العراق مزيدا من المخاوف على الاقتصاد العالمي في ظل تسارع الأحداث وعجز الحكومة العراقية عن إيقاف توسع المسلحين في شمال البلاد. وشهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا خلال الأيام الماضية بعد سيطرة هذه الجماعات على عدة مدن عراقية وسط مخاوف من تناقص الإمدادات من ثاني اكبر بلد منتج للنفط في منظمة أوبك /الدول المصدرة للنفط / بعد توقف صادرات العراق من الشمال منذ مارس الماضي . وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها في تسعة أشهر حيث وصلت الى ما يقارب 114دولار للبرميل بزيادة اكثر من 3%عما كانت عليه قبل اندلاع الصراع في العراق . وحذرت وكالة الطاقة الدولية من المخاطر المتنامية بشكل متزايد على نمو إمدادات النفط العراقي والناجمة عن القلاقل السياسية والعنف مع ارتفاع الطلب بفضل تحسن الاقتصاد العالمي. وقالت ماريا فان دير هوفين المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية في مقدمة تقرير الوكالة عن سوق النفط على الأمد المتوسط اليوم الثلاثاء "في أوبك يظل العراق المصدر الرئيسي لمعظم النمو المتوقع في الطاقة الإنتاجية لكن هذا النمو يبدو معرضا للخطر بشكل متزايد." وبحسب توقعات وكالة الطاقة الحالية فان منظمة أوبك ستزيد من طاقتها الإنتاجية بواقع 2.08 مليون برميل يوميا لتصل إلى 37.06 مليون برميل يوميا بحلول عام 2019, يسهم العراق بأكثر من 60 بالمئة من هذه الزيادة. وتشير الاحصاءات الرسمية إلى أن العراق كان ينتج ما يقارب من ثلاثة ملايين برميل يوميا خلال العام 2013 مع توقعات يتزايد الإنتاج خلال العام الحالي. وخفضت وكالة الطاقة توقعاتها لنمو الطاقة الإنتاجية في العراق بمقدار 470 ألف برميل يوميا وتتوقع الآن أن تصل تلك الطاقة إلى 4.54 مليون برميل يوميا بحلول 2019 وهذا أقل بكثير من خطة الحكومة العراقية للوصول إلى تسعة ملايين برميل يوميا بحلول 2020. وتعد منطقة الشرق الأوسط من أكبر مناطق إنتاج النفط في العالم، وهناك مخاوف من تصاعد هذا الصراع قد يؤدي إلى الإضرار بإمدادات النفط العالمية. وفي اخر تطورات الأحداث اقدم مسلحون على مهاجمة مصفاة بيجي بشمال العراق الاكبر في البلاد اليوم الأربعاء بأسلحة آلية وقذائف مورتر. وقالت مصادر امنية عراقية أن قذيفة مورتر أصابت مخزنا لقطع الغيار وتصاعد الدخان من المبنى. يشار إلى أن المصفاة كانت تحت الحصار منذ بدأ مسلحون هجوما كبيرا في شمال العراق الأسبوع الماضي وتم إجلاء الأجانب منها مع استعداد قوات الأمن للهجوم على المجمع. من جهته اعتبر الرئيس التنفيذي لبلاك روك أكبر مدير أصول في العالم إن الصراع في الشرق الأوسط وصعود أسعار النفط قد يعيقان النمو المستهدف الذي تتطلع اليه شركته .وان ذلك سيؤثر على ثقة المستثمرين . كما أثرت التطورات في العراق على أسواق المال العالمية ايضا ، إذ انخفضت الأسهم في الولاياتالمتحدة ، وكذلك انخفضت مؤشرات البورصة في آسيا. كما ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع مع استمرار اضطرابات العراق التي جعلت من المعدن الاصفر ملاذا آمنا . من جهة ثانية سحبت بعض شركات النفط العاملة في العراق عمالها الأجانب خشية أن يهاجم المسلحون حقول النفط الرئيسية التي تتركز في الجنوب برغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية لتشديد الأمن. وتقول الحكومة العراقية ان المناطق الجنوبية التي يخرج منها نحو 90 بالمئة من انتاج البلاد من النفط آمنة تماما وان نحو 100 ألف شرطي مخصصون لحماية منشآت النفط يقفون في حالة تأهب قصوى استعداد لاى طارى . وقالت مصادر أمنية عراقية تعمل في قطاع النفط إن الشركات ستشرع في عمليات إجلاء كاملة لمئات العمال الأجانب من العراق إذا حدث تصاعد كبير في العنف مثل وقوع هجوم كبير في بغداد أو البصرة. وفيما اجلت بعض الشركات بعضا من موظفيها المهمين مثل /بي بي /و/اكسون موبيل / أعلنت شركة غاز بروم الروسية انها لم تقلص عدد موظفيها حتى الان لكنها تدرس خطط للطوارئ واحتمال حدوث أي تطورات . وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية اليوم أن مسلحين ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) قد احتجزوا، الليلة الماضية (60) عاملا أجنبيا من بينهم (15) تركياً، أثناء محاولتهم الهرب من الاشتباكات التي تشهدها العديد من المدن العراقية حاليا. وقامت تركيا باخلاء قنصليتها في البصرة التي تعد المركز النفطي الاكبر في جنوب البلاد بعد سيطرة المسلحين على مدن جديدة في الشمال في مؤشر خطير على القلق الخارجي حيال تلك الاحداث. وتبدى الهند وهي مستورد رئيس لنفط العراق تخوفا كبيرا بشان مستقبل الامدادات وكانت وزارة النفط الهندية قد طلبت من شركات التكرير البحث عن بدائل لاحتمالات اى طارى لنقص كميات النفط الخام العراقي . ولم تكن العملة في معزل عما يجري حيث ارتفع الين والفرنك السويسري و لامست العملة اليابانية أعلى مستوى لها في 4 أشهر أمام اليورو مع بحث المستثمرين عن ملاذ آمن، وتجاوز الجنيه الإسترليني حاجز 1.70 دولار للمرة الأولى في 5 سنوات وسط تصاعد اعمال العنف في العراق والنزاع بين أوكرانيا وروسيا بخصوص الغاز. وحذر خبراء من ان استمرار اعمال العنف في العراق سيكون له اثار سلبية على الاقتصاد في الشرق الاوسط والعالم من خلال سيطرة المسلحين على خطوط امدادات النفط العراقية . وبحسب الخبراء فان أحداث العراق تأتي لتزيد الصراع في المنطقة العربية بشكل أكبر مما هو عليه، وان الوضع في العراق لايمثل شأنًا داخليًا، وان له ثأتيرات متعددة على اقتصاد المنطقة والعالم. ويتوقع الخبراء أن تشهد أسعار النفط المزيد من الارتفاع وهو ما سيساعد على تزايد معدلات التضخم إقليميًا وعالميًا.