تأليف بسمة لاهوري ترجمة وإعداد حسن الحسيني: في الحلقة الرابعة من كتاب {كارلا.. حياة سرية} الذي تنشر فصولا منه، تكشف مؤلفته بسمة لاهوري كيف حارب الرئيس ساركوزي الصحف والمجلات التي أساءت إلى زوجته وأهانتها، وكيف تحولت كارلا إلى وسيطة للسلام، والوحيدة القادرة على كبح جماح زوجها. حفل الزواج قرر في التاسع من فبراير 2008 يهمس الصحافيون الذين ينتظرون موعد الزواج بشغف، وفي نهاية المطاف حصل في الثاني منه في سرية تامة، حتى ان كارلا لم تتمكن من ابلاغ رافا صديقة العمر، التي رافقتها الى مستشفى الولادة عندما وضعت ابنها. للاسف الحب لا ينتظر والقرار قد اتخذ، او اتخذ تقريبا، فناقوس الخطر قد قرع. عندما فجر عيري روتييه رئيس تحرير مجلة نوفيل اوبسرفاتور، يومها قنبلة على موقع المجلة على الشبكة الالكترونية، انها حكاية الرسالة الالكترونية الشهيرة «اذا عدت. الغي كل شيء». رسالة الاسترحام هذه التي ارسلت قبل اسبوع من الزواج موجهة الى سيسيليا وموقعة بيد نيكولا ساركوزي.. هل هذه الرسالة ارسلت حقاً؟ السر لم يكشف حتى الآن، ولكن نشرها اثار عاصفة حقيقية. الرئيس في قمة الغضب رفع دعوى قضائية بالتزوير واستخدام التزوير واخفاء اشياء مسروقة. وهذه سابقة في تاريخ رئاسة الجمهورية، شكلت مناسبة لحفنة من الصحافيين لاكتشاف الوجه الحقيقي لكارلا بروني وهو مزيج من الاغواء والتهديد. قصة مجنونة في الحادي والعشرين من فبراير استمعت الشرطة الى عيري روتييه كشاهد مرافق في المركز الواقع في شارع شاتو ديه رونتييه في الدائرة الثالثة عشرة في باريس. انها قصة مجنونة، قال لنا، فقد وضعت هواتف مجلة نوفيل اوبسرفاتور والناطق باسم الرئاسة الفرنسية دافيد مارتينون يومها الذي اعتبر انه مصدر اخباري تحت اجهزة التنصت. واخطأ مارتينون عندما نفى ان يكون قد تحدث معي هاتفيا، فالتنصت اظهر انه اتصل بالمجلة لاكثر من 15 دقيقة واليوم يفشي لنا بيار شارون ان محكمة فعلية قد وضعت في قصر الاليزيه، لقد تم استجوابه خلال ساعات وكان يقال له اننا نعرف انك مصدر الخبر وعليك الاعتراف، ولكن عبثاً، مارتينون الذي كان مقربا من سيسيليا وهو اليوم قنصل في لوس انجلوس لم يعترف بأي شيء. عيري روتييه يواصل شرحه ان الرسالة الالكترونية كانت في الحقيقة رداً من الرئيس على رسالة بعثت له بها سيسيليا وتقول «لا تتزوج انك ترتكب حماقة، ولكن احدا لم يقرأ محضر شهادة سيسيليا، بينما نشر محضر شهادتي امام الشرطة في الصحف». حرب الرئيس نيكولا ساركوزي لا يتوقف عند هذا النوع من التفاصيل، فقد هدد مباشرة كلود بيردوريل، رئيس مجموعة الصحافة التي تصدر مجلة لو نوفيل اوبسرفاتور، عبر الهاتف: «سأحارب المجلة»، قال له خارجا عن طوره. وقد أُخذ التهديد على محمل الجد. فالجميع يتذكر عندما توعد ساركوزي سنة 2005 بتعليق دومنيك دو فيلبان على عقافة اللحام، بعد ان اعتبره مسؤولا عن الاشاعات المسيئة له ولزوجته. جان دانيال مؤسس المجلة وكاتب افتتاحياتها، كان بدوره عرضة لعقاب الزوج الرئاسي. حيث كان يتلقى الاتصالات الهاتفية المباشرة. اعتذار ملتبس لا شيء يوقف كارلا، التي راحت تشكو لدى آلان شوفان، احد كبار صحافيي المجلة وتربطها به علاقة صداقة: «ان هذه القصة تؤلمني». كانت تقول له بصوت متألم. وعلى اعمدة صحيفة لوموند، رفع كلود بيردوريل العلم الابيض في صيغة غامضة وملتبسة: «لو نوفيل اوبسرفاتور ارتكبت خطأ، لان الرسالة الالكترونية هي رسالة خاصة، وبرأيي هذه الرسالة غير موجودة فعليا على الاقل في ذلك الوقت». واضطر الصحافي عيري روتييه الى كتابة رسالة مطولة لكارلا يعتذر فيها «عن الآلام التي تُسبّب لها» وهو لم ينته من تلقي المفاجآت.. فبعد يومين تلقى صاحب القلم الوقح، الذي قدم اعتذاره للسيدة المجروحة المشاعر، اتصالاً على هاتفه النقال بينما كان في اجازة مع عائلته. كان صوتها نصفه ودودا ونصفه الآخر متوعدا، وبدأت المكالمة هامسة: «لا ادري ان كنت سأتحدث عن الرسالة التي بعثت بها لي ام لا»، يقول لنا روتييه: تظن انني من الغباء الى درجة انني اعتقد انها ستحيط رسالتي بالسرية. وحاولت ان تنسج نوعا من التواطؤ معي من خلال القول «ان هذا الحوار شخصي ولا داعي لكي يعرف احد به، واعرف انك لم ترد الحاق الاذية بي ولا بنيكولا من خلال المقال الموجه ضدنا.. انها الغجرية والمغربي بتاعها الذي نسيت اسمه هما اللذان افسداك. وهذه حقارة من قبلهما قاما بها للبقاء (في دائرة الاعلام) اعلاميا. لقد عاشا تحت اضواء وسائل الاعلام بفضل نيكولا، والآن يريدان مواصلة ذلك}. هذا التقرب والود من قبلها اذهل عيري روتييه. عقبة فجة وقاسية واكد لنا صحافيون اخرون في مجلة «لو نوفيل اوبسرفاتور» المكالمات الهاتفية التي اجرتها السيدة الفرنسية الاولى قبل الزواج، من الذين تعتبرهم من اصدقائها، فالصحافة لا تتحدث الا عن هذه القضية. على اثير فرانس انتير كان ديديه بورت يسخر من «الفرنسية الاولى البديلة». كارلا تواجه عقبة اخرى غير منتظرة لكنها فجة وقاسية. الاشاعات جرحت مشاعرها ولكنها لم تكن تعلم ما اذا كانت الرسالة الالكترونية الشهيرة حقيقية ام لا. ومن دون ان تحصل على جواب على السؤال المعذب كانت مضطرة لقلب الصفحة، لانها هي شخصيا قررت وضع حد لهذه القصة القاتمة. فقد اعتبرت علناً ان اعتذارات مسؤولي «لو نوفيل اوبسرفاتور» تكفي لتهدئة غضبها. صفحة طويت الصفحة طويت والمرأة التي تعرضت للاهانة تحولت الى وسيطة للسلام، وحدها قادرة على ضبط جماح زوج يحقد ويغضب بسرعة. وهذا الدور لن تتركه ابداً. في السابع من مارس استمعت الشرطة الى سيسيليا زوجة ساركوزي السابقة واكدت انها لم تتلقَّ على الاطلاق الرسالة الالكترونية. تم تعيين دينيس اوليفين صديق كارلا بروني مديراً عاما لمجلة «لو نوفيل اوبسرفاتور». عيري روتييه ترك المجلة للعمل في مجلة شالنج التابعة للمجموعة نفسها. كارلا لم تضع الخاتم المرصع بماسة في شكل قلب في اصبعها.