قديما وحين دب الخلاف بين (نبلاء أثينا) علي السلطة كانت (الديمقراطية) هي الوسيلة المثلي التي احتكم إليها ( نبلاء اليونان) لتقاسم السلطة وتداول الحكم واضطهاد عامة الشعب , يومها قامت ( الديمقراطية) وانحصرت في نطاق ( النخبة اليونانية) التي كانت تتنافس فيما بينها علي قمع العامة واضطهادهم والتحكم بمصيرهم وهكذا حل اليونانيون خلافاتهم السياسية عن طريق فكرة (الديمقراطية) التي لم تكون تمثل _ حكم الشعب نفسه بنفسه_ كما يقال عنها اليوم وهي كذلك لم تزل عند تطبيقها واقعيا ترابط بذات المربع الذي كانت فيه وسوف تستمر إلي ما شاء وأن تحولت من فكرة يمارسها (النبلاء ) إلي وسيلة وفكرة تطوع بها الشعوب والمجتمعات من قبل ورثة ( النبلاء) وهم الطبقة الاجتماعية النافذة يساندها في ذلك كبار الأقطاعين والرأسمالين والوجاهات الاجتماعية ولا تزل في المقابل الشعوب والمجتمعات تعاني من قسوة الفكرة واحتكارها بين القلة النافذة في المجتمع وهي قلة تحكم وتتحكم باسم الشعب فيما الشعب برئ منها ومن كل ما تمارسه باسمه ولا فرق في هذا الشعور بين ديمقراطية الغرب الإمبريالي أو ديمقراطية الشرق الثيوقراطي ..!! أن الشعوب وقعت في أكبر فخ وأعظم خدعة ويتمثل هذا الفخ والخديعة في (الديمقراطية) التي لم تحقق يوما الاستقرار الحياتي للشعوب المقهورة ولم تكون يوما أداءة تنموية أو وسيلة لتحقيق وأن قدرا من العدالة المجتمعية ولا فرق في هذا بين ديمقراطية _نبلاء أثينا _ أو ديمقراطية الزمن الحالي بكل صخبه وحديثه عن الديمقراطية وتبعاتها وقيمها ومفاهيمها , لدرجة أنني كمتابع لمعطيات راهن الحال بكل ظواهره المندرجة في سياق هذه الفكرة ( الجميلة) ظاهريا والمسمى _ ديمقراطية_ أقول أن هذه الفكرة بكل ظواهرها تمثل واحدة من أكبر الحيل والأكاذيب التي تصادر إرادة الشعوب والمجتمعات وتختزل معاناتهم وتكشف عن زيف كبير وقع به الإنسان التواق للحرية , لكن تم تطويق إرادة هذا الإنسان من خلال سلاسل _الديمقراطية _ التي لم تطعم جائع وقيمها لم تحفظ كرامة تهدر علي أرصفة الحاجة الاجتماعية حتى أني أصبحت علي قناعة _ وهذا رأي_ أن حرية الرأي والتعبير وهي واحدة من مفردات الديمقراطية لم تعد تعني شيئا ويفترض أن تستبدل _بحرية الأكل والعيش بكرامة إنسانية , وهي مفاهيم نحتاجها لكنا لن نحصل عليها من خلال الديمقراطية الليبرالية التي لا تخدم العامة من الشعب بقدر ما تخدم صفوة المجتمع من أثرياء ووجهاء وأصحاب النفوذ الذين يسوقون الغلابة إلي _مقصلة الصناديق _ ليبصموا علي صكوك عبوديتهم طواعية وبكثير من التعصب والحماس..!! دعونا نكون أكثر صراحة ونتساءل أن كانت _ أميركا_ مثلا أو فرنسا وبريطانيا أو أي دولة متقدمة من العالم الأول قد بنت تقدمها وتحضرها بواسطة (الديمقراطية ) ..؟!! بيد أن من يقول أن الدول المتقدمة بنت تقدمها ووصلت إلي ما وصلت إليه عن طريق الديمقراطية يكون للأسف (كاذب وواهم ومغفل ) مع كل احترامي وتقديري لكل من قد يخالفنا هذا الرأي وهم كثر للأسف ممن يرفعون اليوم شعارات الديمقراطية بدءا من حرية الرأي والتعبير , إلي حرية الاعتقاد وحرية الفعل وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير إلي أخر المصطلحات التي تردد علي مسامعنا وتنتقل في فضائتنا المفتوحة وتصل إلي مخادعنا وغرف نومنا عبر الكثير من الوسائط التقنية التي غدت في متناول كل إنسان بفضل ثورة المعلومات والتقنية والعلوم الإنسانية والابتكارات العلمية المضطردة التي تصلنا تباعا ونستهلكها بنهم ونستقبلها بحماس وهي أدوات لم تكون نتاج الفكرة الديمقراطية بقدر ما جاءت كنتاج لتنامي الأسواق الاستهلاكية وتلبية رغبات محاور التأثير والانتاج الصناعي , أن لم تكون حصيلة (جشع الرأسمالية) التي تحكم وتهيمن علي مقدرات العالم ومصيره بصورة فردية وجماعية ,نعم فمن يحكم أميركا ليس ( الحزب الجمهوري) وليس (الحزب الديمقراطي) بل شركات عملاقة تعمل في صناعة الطاقة والنفط وصناعة السلاح والسيارات , تلك الشركات التي تشكل فيما بينها منظومة (الكارتل) الصناعي والتجاري والاقتصادي هي التي تحكم العالم وهي التي تدير مصير الكون وفقا لمصالحها وأن جعلت من فكرة (الديمقراطية) قفازا مخمليا ترتديه بهدف إقناع العالم بصحة وسلامة هذا الخيار الذي غداء يستغل أسواء استغلال من قبل عتاولة الأنظمة الديمقراطية في أمريكا و أوروبا هناك حيث يتنافس أصحاب المصالح فيما بينهم علي الحكم والسيطرة والإدارة مدفوعين من قبل الشركات العملاقة المتنافسة فيما بينها والتي غدت تقرر وفقا لمصالحها مصير العالم ومستقبله وبما يتوافق مع أهدافها التجارية والاقتصادية ومصالحها الاستعمارية , إذ نجد هذه الشركات هي من تمول الحروب وتقررها بل وتقرر مصير شعوب وأوطان , فتجعل من هذا الشعب أو تلك الأمة سوقا لمنتجاتها وبالتالي حياة ومستقبل هذا الشعب أو تلك الأمة مرهون بديمومة اتكالهم وركونهم المطلق علي منتجات هذه الشركة أو تلك , فيما هذا الشعب أو تلك الأمة قد يكون منجما للطاقة التي تحرك عجلات المصانع الانتاجية التابعة لهذه الشركات فيما فكرة الديمقراطية وحقوق الإنسان عبارة عن شماعة ترفعها هذه الشركات العملاقة لتحقيق مصالحها ولأبقى سيطرتها علي مصادر الطاقة والأسواق التي تستوعب منتجاتها الاستهلاكية والترفيه , ولهذا أقول أن _ أمريكا- وبريطانيا_ وفرنسا_ وألمانيا_ واليابان_ كل هذه الدول المتقدمة لم تبني تقدمها عن طريق الديمقراطية وأن جعلتها شعارها لتظليل الرأي العام الدولي والمحلي , فيما هي ومع مجموعة الصفوة النخبوية استغلوا الديمقراطية لتحقيق أهداف إستراتيجية هي قطعا أبعد من تفكيرنا في العالم الثالث الذي جعلنا فقرنا وغرقنا في مستنقع التخلف المركب نتعلق بقشة (الديمقراطية) فرحنا بها ومن خلالها نهدم قيم وأخلاقيات ونمزق شعوبا ومجتمعات ونعيد اجترار كل موبقات العصر (الجاهلي) بذريعة ممارسة حقوقنا الديمقراطية , أن أمريكا لوا كانت التزمت بخيار الديمقراطية لما كانت هذه التي نعرفها اليوم ولوا كان ( جورج واشنطن ) أو ( إبراهام لنكولن) ديمقراطيين لما تصدوا للانفصالين ( الجنوبين) في حرب أهليه طاحنة دامت لسنوات وأحرقت الأخضر واليابس واستنزفت قدرات الجمهورية الأمريكية , ولوا كانت بريطانيا ديمقراطية لكانت قد تقسمت منذ القرن الثامن عشر ..!! أن الديمقراطية قد تكون وسيلة لحل معادلة الصراعات السياسية والحزبية أي لحل معادلة الصراع بين النخب المجتمعية لكنها بذات القدر لم تكون تعني العامة الذين يبحثون عن أمن وأمان واستقرار اجتماعي وكرامة وطنية تحفظ لكل مواطن حقه في حياة كريمة بعيدا عن قيم الامتهان ومظاهر العبودية .. أن أخطر مظاهر العبودية هي عبودية الحاجة وحين تصبح الحاجة هي الغاية لدي الفرد والمجتمع فأن كرامة الإنسان هناء تصبح عرضة للبيع في أسواق النخاسة وأرصفة الحاجة .. ويمكننا التأمل بعمق في تداعيات المرحلة وزخمها الديمقراطي بكل ما تحمل من قيم سنجد أننا نعيش في كنف عبودية راقية تجلدنا بهاء سياط (الديمقراطية) ونجلد بعضنا بذات السياط في مسرحية عبثية تثير القرف خاصة حين يتم ربط مصير دول وشعوب بكل تاريخها وقيمها وحضارتها بفكرة سفسطائية أسمها _الديمقراطية_ التي استغلت في العالم الثالث لهدم كل الروابط الاجتماعية والوطنية والقيمية والحضارية فأصبح حق تقرير المصير _مثلا_ جزءا من الحق الديمقراطي وهذا يعني أن الديمقراطية التي أن سلمنا بها بكونها بنت تقدم وتحضر المنظومة الغربية فأنها في العالم الثالث غدت بمثابة معول هدم وكل الشواهد التي نراها تؤكد هذا لكنا لا نحبذ النظر لها أو التأمل في تبعاتها بل حين تم تسريب معلومات من الخارجية الأمريكية من خلال موقع ( ويكليليكس) اعتبرنا الأمر وكأنه معجزة وتحول صاحب الموقع إلي أسطورة فيما نحن رحنا ننهمك يبحث كل طرف منا عن ما يهمه ولم ننظر للأمر بكونه لعبه في سياق لعبة أطلق عليها ذات يوم أحد أباطرة ما يسمى المحافظين الجدد في أمريكا وهو ( وول ولفز) _ إستراتيجية الصدمة والرعب_ ولأن ذاكرتنا مثقوبة فأننا نسينا أو نتناسى سلسلة من المواقف التي عايشنها منذ العام 1990م وحتى اليوم عقدين فيها من الكفاية ما يعيد الأموات للحياة لكنا لا نريد أن نتوقف أمام سلسلة الأحداث التي عشناها خلال هذه الفترة لأن البعض يرى أن من المستحسن البقاء فوق هذا (القطار) الذي يسخر من ركابه فيما ركابه يسخرون من بعظهم ..؟ التعبير نت