بين ظلام الحصار وظلمة الحياة وقسوة العيش وعلى أمل الفجر القادم يعيش سكان قطاع غزة بدون كهرباء بعدما تاهت قضاياهم الوطنية والإنسانية وظروفهم المعيشية القاسية بين المضللين والعابثين الذين يحاولون أن يغيروا الصورة ويزوروها لتتيه في فواتير مزودي الكهرباء حتى تصير صورة المواطن الذي لا يدفع فاتورة الكهرباء بهذا الشكل الذي يحاك وقد تناسوا كل الظلم والتشرد الذي وقع ولا يزال على سكان غزة المحرومين من ابسط مقومات الحياة فمن حصار بري وبحري وجوي الى حرب إبادة جماعية بأسلحة الفسفور ثم الى فرض عزلة دولية وعربية حاولت تغيب القطاع بكل هذا الظلم ويتحدثون عن بضع دولارات لسداد فواتير الكهرباء وكأن الناس الذين يعيشون في العراء تحت تلك الخيام التي آوتهم بعدما هدمت الطائرات والجرافات الإسرائيلية بيوتهم وشردتهم في العراء مطالبون بدفع ضريبة الحصار المفروض لمن يحاصرهم ولا ذنب لهم سوى أنهم وقعوا فريسة لعالم لا يرحم ولا يجرأ احد على قول الحقيقة لأنه يخشى من دولة الاحتلال التي تمارس عربدتها وسطوتها ولا تذعن لأي قرار دولي ولا تسمع لنداءات العالم الذي يصدر قرارات خجولة لا تستند الى القوة كتلك التي يصدرها مع دول أخرى من العالم. مرة أخرى تغرق غزة في الظلام بدون كهرباء لا لإنارة الشوارع التي فقدت منذ سنوات بل كهرباء المخابز والمستشفيات في صورة جديدة من صور العقاب الجماعي التي تفرضها إسرائيل على قطاع غزة كجزء من مخطط كبير يبدوا أننا نقترب منه ، مخطط تسعى حكومة اليمين في إسرائيل إلية وهو شن هجوم عسكري مرة أخرى قد تختلف صورة هذه المرة لكنة سيحمل نفس الترسانة التي دكت ارض القطاع وبنفس العقلية التي يمتلكها قادة أركان جيش الاحتلال ونظرتهم العنصرية التي عرفناها في السابق ونعرفها اليوم فلم ولن تتغير تلك العقلية العنصرية التي تريد قتلنا ولا تريد معنا تصالح . إن حجم المعاناة التي يعانيها سكان القطاع المحاصر المثقل بالآلام والجراح لا يمكن أن تقاس بحفنة من الدولارات وفواتير محطة الوقود المركزية التي تولد الكهرباء والتي تغذي قطاع غزة، وليس جديراً بنا كفلسطينيين وعرب وحتى من يسمون أنفسهم بالعالم المتحضر أن يصدق تلك الأكذوبة لأنه لا يمكن لك أن تتخيل مدينة ساحلية على البحر المتوسط تغرق بالظلام دون أن تفكر بمجموعة الأسباب التي دعت الى ذلك وأول هذه الأسباب هو صمت العالم المطبق على جرائم الحصار والحرب والدمار الممنهج الذي استهدف كل أشكال الحياة وفرض أجندة جديدة وزور شكل الأشياء واستبدل المسميات الحقيقية بأخرى زائفة . أن تعود غزة الى الظلام بهذا الشكل في زمن تتفاخر فيه عواصم كثيرة قريبة وشقيقه وتتباهى بالأضواء والثراء الكبير والأبراج التي تناطح السحاب أمر غير واقعي وزمن اغبر هذا الذي نعيش فيه ونشهد على عاصمة المقاومة والرجال وعاصمة البطولة والدفاع عن الحقوق المغتصبة ، مظلمة لا تصلها الكهرباء بينما عواصم كثيرة في هذا العالم لا تعرف شكل الظلام وسكانها لا تعرفون لونه ولا كيف يكون حتى ربما أن كثير منهم لا يسمع عما تعيشه غزة منذ سنوات طويلة بفعل الصورة المشوشة التي تروج لها بعض وسائل الإعلام المتآمرة مع الاحتلال . وكما في كل مرة تعود فيها مشكلة من مشاكل الحصار المفروض على قطاع غزة تطفوا على السطح بعض التصريحات والاتهامات ، يعبروا عنها أصحابها بالتجريح وعبارات الشتائم والاتهام بالتآمر والتعاون وفي كل مرة لا نكون جديرين بوضع الحلول الصحيحة أو حتى مخاطبة العالم بالشكل الحقيقي كما هو الحال بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة التي حاول البعض الاستفادة منها ، ونفشل في تسليط الضوء على السبب الرئيسي وراء كل مشاكل القطاع وهو الاحتلال الذي يفرض حصاراً ظالماً وقاهراً منذ سنوات ويتفنن في فرض العقوبات على سكانه .