جاءت دعوة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح لعقد قمة عربية استثنائية طارئة موضوعها البحث عن السبل والوسائل التي تمكن العرب من الخروج من حالة العجز والضعف المهين والمزري تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مذابح وعملية تنكيل وقتل يومي وحصار جائر يمارسه جيش الاحتلال الاسرائيلي في وقتها المناسب بعد ان استباحت اسرائيل كل ما هو فلسطيني- الأرض والإنسان -في استراتيجية عدوانية عنصرية لم يسبق ان قام بها مستعمر أو محتل من قبل ،مستبيحاً غزة والضفة الغربية قتلاً واعتقالاً وقضماً للأراضي الفلسطينية لإقامة المزيد من المستوطنات ومنتهكاً المقدسات مغيراً ملامح المكان لمصلحة مطامعه التي يريد فرضها على الفلسطينيين والعرب والمسلمين.. وبحيث ينتهي السلام المزعوم إلى عملية تسوية يقبل فيها الفلسطينيون بالتخلي عن الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف والتنازل عن حق العودة لمن هجروا من قراهم ومدنهم الفلسطينية في المراحل المختلفة للصراع العربي- الإسرائيلي والذي كانت قضيته المركزية فلسطين والتي أضحت كما هو واضح وجلي اليوم ينظر البعض اليها في عالمنا العربي للأسف كعبءٍ ثقيل ينبغي الخلاص منه بالحصول على أي شيء وكيفما اتفق لحفظ ماء الوجه في أحسن الأحوال مما شجع الاحتلال الصهيوني على الإيغال في الدم الفلسطيني وما لم تحققه آلة الحرب الهمجية لجيش الاحتلال يحققه الحصار الظالم للفلسطينيين في قطاع غزة متخذاً صورته البشعة فيما وصل اليه الوضع في هذه المساحة الصغيرة المكتظة بالسكان إلى حد قطع الغذاء والدواء والكهرباء وفرض الظلام الدامس عليها شجعه الصمت العربي والدولي الذي وصل إلى حد التواطؤ مع هذا الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة. في ظل هذا الوضع العربي المزري- المنعكس انقساماً على الصف الفلسطيني- جاءت دعوة اليمن بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح المتكررة والمستمرة الى وحدة الشعب الفلسطيني ليصبحوا لُحمة واحدة وجاءت الدعوة الى موقف عربي موحد إيجابي فاعل يسهم على نحو مباشر في وقف العدوان الاسرائيلي وكسر الحصار وتوحيد الصف الفلسطيني عبر الحوار بين كل ابنائه وفصائله على اختلاف خياراتها وتوجهاتها التي ينبغي ان تتباين في التكتيك وتلتقي في استراتيجية اقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية وعاصمتها القدس الشريف باعتبار ذلك هو الذي يمثل الرد العملي على ذلك العدوان البربري الغاشم.. هذه هي الرؤية الواضحة والمبدئية التي عبر عنها اليمن قيادةً وشعباً وهي اليوم تتواصل في الجهود المبذولة لعودة اللُّحمة الفلسطينية والانتقال بالوضع العربي من حالة الاستكانة، ووضع فرض الأمر الواقع إلى حالة جديدة تفرض من خلالها صحوة ضمير المجتمع الدولي من السبات الذي خلفته الدوائر الصهيونية والصمت العربي والانقسام الفلسطيني والاستقواء الاسرائيلي بالدعم الامريكي الذي وصل الى حد تسخير قوة الدولة العظمى والقطب لصالح مشاريعها العدوانية على الشعب الفلسطيني الأعزل من كل شيء باستثناء إيمانه بعدالة قضيته التي هي عربية وإسلامية وإنسانية قبل أن تكون فلسطينية. في هذا السياق جاء موقف اليمن الداعي الى الحوار والوحدة الذي يشكل رداً عملياً على كل المحاولات الرامية الى تعميق الخلاف الفلسطيني- الفلسطيني والذي اتخذ بعد التطورات الأخيرة في الضفة والقطاع صورة خروج المسيرات الشعبية المنددة بما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وحصار، لتؤكد الجماهير اليمنية بذلك ان القضية الفلسطينية تسكن وجدان أبناء اليمن بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم وفعالياتهم السياسية والحزبية والاجتماعية، مقدمين كل ما يستطيعون في سبيل استعادة الحقوق المشروعة ووقف العدوان ورفع الظلم الذي يحيق بشعب الجبارين. وهذا ما يجب ان يكون من نتائج القمة العربية الاستثنائية القادمة والتي تتطلب معطيات الوضع في الأراضي الفلسطينية متطلبات ترقى بالقرار العربي الى مستوى التحديات والأخطار التي تواجهها وتجابهها الأمة في اكثر من مكان وهذه المرحلة الدقيقة والحاسمة من تاريخها والتي لها مصلحة حقيقية فيها والتي تعد فلسطين خط دفاعه الأول .. عندما يكون العرب- قادة وشعوباً- فعلاً قد اتخذوا أقصر الطرق لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يخدم الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط والتي أضحت بسبب نهج العدوان الإسرائيلي تقبع على برميل بارود قابل للانفجار في أية لحظة في اطار هذا الفهم والاستيعاب للمسؤولية القومية والوطنية جاءت دعوة الأخ الرئيس الى عقد القمة العربية الاستثنائية الطارئة وفي ذات الاتجاه جاءت المسيرات الشعبية التي نظمتها القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الساحة اليمنية تضامناً مع معاناة اشقائهم من ابناء الشعب الفلسطيني فهل ننتظر في القريب العاجل قمة عربية تعبر عن نبض الشارع العربي وما يكنه من مشاعر حزن وآسى تجاه ما يتعرض له ابناء الشعب الفلسطيني من ظلم وعدوان وظلام دامس انتجه حصار جائر يحاول من خلال الشر الاسرائيلي المستفيد من القسم الفلسطيني-الفلسطيني والهزال في المواقف العربية والصمت الدولي عن الجرائم الاسرائيلية بل والذي وصل في الآونة الاخيرة الى اضفاء المشروعية عليها تارة تحت ذريعة الدفاع عن النفس وتارة تحت مبررات تحقيق سلام لن يتحقق إلا على دماء ومعاناة الشعب الفلسطيني التي صورته المأساوية تجسد ماوصلت إليه الأوضاع في قطاع غزة. فهل العرب قادرون على السمو فوق خلافاتهم وعقدهم لتلك القمة المطلوب ولو كحد ادنى من المواقف لإيقاف هذا الوضع المتدهور الذي يفوق احتمالات طاقة البشر.. هذا ما نرجوه ونأمله من القمة العربية القادمة في حال انعقادها والمهم هو ما ستخرج به من قرارات وتوصيات تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي وتحتقيق الغايات المنشودة منها.