نفى قيادي بارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح، أي ارتباط تنظيمي يجمعهم بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، لكنه لم ينكر وجود تأثير ثقافي وفكري للجماعة «المحظورة» سعودياً على عناصر حزبه، على غرار هو شائع في العالم الإسلامي، على حد تعبيره. وقال الأمين العام المساعد في الحزب الدكتور محمد السعدي في حوار مع «الحياة» إن الإصلاحيين أثبتوا حضورهم في الساحة اليمنية بشكل عام، وفي تعز بشكل خاص، بأنهم الرقم الصعب، الذي لا يمكن تجاوزه، وحققوا منعةً وصموداً وانتصارات في كثير من المواقع. السعدي طلب من الإمارات وغيرها ممن لديهم حساسية من «الإخوان» في أماكن أخرى بأن ينفتحوا على الإصلاح اليمني وأن يسمعوا منه بشكل مباشر، متمنياً أن يحدث ذلك في القريب العاجل. وأكد القيادي الإصلاحي الذي يشغل أيضاً وزير التجارة في حكومة المهندس خالد بحاح، الحاجة إلى إعادة هيكلة العلاقات الشمالية-الجنوبية بشكل متوازن، وعدم حرمان منطقة على حساب أخرى داخل الوطن الواحد، مبيناً أن تقرير المصير أو الانفصال أو الاندماج يجب أن يكون بالطرق السلمية، وأنه طالما نريد أن ننفصل لماذا ننفصل ونحن نتقاتل. واعتبر الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح سقوط صنعاء بيد الحوثيين وقبلها عمران «أمراً أُعد له منذ سنوات»، والمستهدف منه ليس اليمن وإنما المنطقة برمتها. وفي ما يأتي نص الحوار: دعني أبدأ معك من حادثة اختطافك في شباط (فبراير) 2015 في العاصمة صنعاء من المليشيات الحوثية.. ما القصة؟ - كنت ذاهباً إلى عدن عن طريق المطار، وهناك أوقفني شابان وطلبا البطاقة الشخصية، وأظهرتها لهما، فسألاني أين أعمل؟ فقلت لهم إنني أعمل في الحكومة، ثم سألاني عن الوظيفة؟ فأجبتهما: للأسف وزير، ثم بدأ أحدهما يتصل بغرفة عمليات طيران اليمنية، على حد قوله، فاكتشفت أنها تمثيلية، إذ كان يتصل بجهاز أمني، بعدها قال الأجواء في مطار عدن غير جيدة والرحلة تأخرت، وكنت أمام كاونتر اليمنية وسألت الموظف: هل صحيح الطائرة تأخرت؟ فأجابني بالنفي، وأن الطائرة موجودة في المطار، فقلت للشاب لا يحتاج الأمر إلى أن تكذب يا ولدي. فقال على كل حال لا يمكنك ركوب الطائرة، هناك توجيهات بأن الناس محتاجة إليك في صنعاء، فقررت ألا أدخل معهم في إشكالات، وركبت سيارتي وصلينا المغرب والعشاء مع مرافقي على أن نتوجه بعد الصلاة إلى عدن. طبعاً توقعنا أن يكون هناك كمين في الطريق، وتركونا حتى وصلنا إلى ذمار، وفي النقطة العسكرية قفز مجموعة من المسلحين يلبسون الزي المليشاوي، وركبوا السيارة بجلافة، فضحكت ثم قلت لهم صلوا على رسول الله، هل بيننا ثأر شخصي، بعدها هدأوا، وقالوا للسائق: اتبعنا وذهبوا بنا إلى ملعب الكرة، وأدخلونا غرفة هناك. هل كان هناك معتقلون آخرون في الغرفة التي احتُجزتم فيها؟ - لا، لم يكن هناك أحد سوى المسلحين الحراس. بعد نحو ساعة من احتجازنا جاء شخص يسأل هل تعشينا أم لا، فأجبناه بالنفي، فذهب وجلب لنا طعاماً، وبعد ساعتين قالوا جاءت توجيهات لنعيدك إلى بيتك في صنعاء، فعدنا للبيت وسلمونا هواتفنا وكل حاجاتنا الشخصية، في الوقت نفسه أبلغوني بأنني تحت الإقامة الجبرية. مكثت نحو شهر على هذه الحالة، وكان طلبهم الرئيس ألا أذهب إلى عدن، بعد مرور الشهر أطلقوا رئيس الوزراء والوزراء، واعتقدنا بأن المشكلة انتهت، لكن للأسف شددت الحراسة على المنزل. كيف غادرت منزلك ووصلت إلى المملكة؟ - لم أستأذنهم ولكن بطريقتي الخاصة استطعت الإفلات منهم، جئت براً، ومررت بجميع نقط التفتيش وكانوا يضربون لنا سلام في كل النقاط. وكنت مع عائلتي أثناء قدومي إلى السعودية. «الإصلاح» رقم صعب ما علاقة حزب الإصلاح بالتنظيم الدولي ل«الإخوان»؟ - العلاقات بين البشر في الدائرة العالمية، والعلاقات بين المسلمين في الدائرة الإسلامية، وبين العرب في الدائرة العربية، وبين الأرحام كذلك فأنا من اليمن، أخي يحمل الجنسية القطرية، وأختي تحمل الجنسية الإماراتية وتعيش فيها، أخوال أولادي يحملون الجنسية السعودية، ولم تعد هناك الفواصل والتقسيمات التي تستطيع أن تقول إن الفكر أو السلوك ينفصل مع هذه الدوائر. حركة «الإخوان المسلمون» منذ الثلاثينات من القرن الماضي انتشرت في العالم الإسلامي كله، وتأثر بفكرها الطلابُ والمدرسون، فالتأثر الفكري والثقافي انتشر في العالم الإسلامي كله، ومن ضمنه اليمن. ولكن الارتباط التنظيمي أؤكد أنه ليس هناك ارتباط تنظيمي؛ لأنه ليس من صالح اليمن ولا الأقطار الأخرى أن يكون هناك نمطية معينة أو إدارة مركزية أو محلية، و«الإصلاح» من خلال أدبياته ونظامه الداخلي والسياسي واضح في مسألة العلاقات الخارجية، ومنذ أن أعلن الإصلاح في أيلول (سبتمبر) 1990، كان واضحاً وشفافاً في أدبياته ومؤتمراته العامة وعلاقاته الخارجية، ولم يكن يوماً له ارتباط تنظيمي، ولكننا لا ننكر أن هناك تأثيراً ثقافياً وفكرياً كما هو حاصل في العالم الإسلامي. ماذا عن دور حزب التجمع اليمني للإصلاح في معركة تعز. هناك اتهامات كثيرة تشكك في دوركم، في الوقت الذي تمتلكون قاعدة شعبية كبيرة في هذه المحافظة.. كيف تردون؟ - المشكلة أن الناس لا يفهمون أن «الإصلاح» حزب سياسي، يريدون أن نكون مجموعات مسلحة. وهذا خلاف النهج والتربية والتنشئة والفلسفة والمنهج الذي نسير عليه. «الإصلاح» تجمع مدني، منذ إنشائه في سبتمبر 1990. مكثنا نتحدث عن الاسم، وما يجب أن يكون، واتفقنا عليه بعد ثلاثة أشهر من النقاش، هو تجمع لأبناء اليمن حول قضايا سياسية، قيمية، أخلاقية. ولكنه أيضاً باعتباره جزءاً من الشعب اليمني يملك القدرة على التعامل مع السلاح ولو كان فردياً أو خفيفاً، فشارك في مراحل عدة من النضال بجوار الشرعية، لم ينفرد يوماً بفتح جبهة خاصة بالعمل المسلح، وإنما اتخذ مبدأ السير مع النظام بالوئام وليس الخصام، وشارك في الثمانينات والتسعينات في معارك، ثم عاد للعمل السلمي والتربوي والتعليمي والدعوي في الوسط الاجتماعي اليمن