حذر عبد القوي الشميري، الأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء العرب (غير حكومي)، من "كارثة صحية" قد يواجهها اليمن، بحلول الصيف المقبل، عبر انتشار أمراض عديدة، في ظل نقص الأدوية وانهيار البنية التحتية؛ بسبب الحرب المتواصلة منذ نحو ثلاث سنوات. وتدور الحرب بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عربي تقوده الجارة السعودية، من جهة، ومسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المتهمين بتلقي دعم إيراني، من جهة أخرى. وأضاف الشميري، وهو يمني، في مقابلة مع الأناضول، أن الأوضاع في اليمن تتفاقم صحيا، ويحتاج اليمنيون إلى مساعدات عاجلة. وخلال اجتماع لوزراء الصحة العرب بالقاهرة، مطلع مارس/ آذار الجاري، ناشد وزير الصحة اليمني، الدكتور ناصر باعوم، الدول العربية سرعة تقديم الدعم الصحي لبلاده. وأوضح باعوم أن الحرب أدت إلى نتائج كارثية في القطاع الصحي، إذ يفتقد 16 مليون شخص (من أصل أكثر من 27 مليون نسمة) للرعاية الصحية، ويعاني 1.5 مليون طفل من سوء التغذية، فيما يعاني 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وبات 50 % من المرافق الصحية مغلقة جزئيا أو كليا. ** صيف كارثي وبشأن مساعدات الاتحاد، الذي تأسس عام 1962، لليمن، قال الشميري، نقيب الأطباء والصيادلة اليمنيين، إن "اليمن حظي بخمسة مشاريع إغاثية من الاتحاد، أولها في عام 2008، وأحدثها مشروع استمر أكثر من شهرين العام الماضي، لمكافحة وباء الكوليرا". وأوضح أن "الوضع الصحي في اليمن كان صعبا للغاية قبل سنوات طويلة، ولم يحصل المواطن اليمني على رعاية صحية متكاملة، وكان يفتقر في الأرياف إلى الرعاية الصحية الأولية". وشدد على أن "الوضع ازداد سواءً وتعقيدا بعد الانقلاب على الشرعية في اليمن، حيث توقفت موارد وزارة الصحة، وتعطل الكادر الطبي والمقار الصحية، وزادت الأمراض". ويشير الشمري بالانقلاب إلى سيطرة المسلحين الحوثيين على العاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، قبل أن يسيطروا على محافظات أخرى. ومجسدا مأساة اليمن في أعداد قال إن "ما بين 7 ملايين إلى 14 مليون يمني كانوا خارج تغطية الرعاية الصحية الأولية قبل الانقلاب، ثم اقترب عددهم الآن من 18 مليون نسمة". وأضاف أن "هذه الإحصاءات مخفية، والأمراض المتوطنة عادت، والكوليرا صارت حدثا، كما عاد مرض الدفتيريا، وهذه مؤشرات خطيرة". وتابع: "نحن مقبلون على الصيف، ونتوقع أن تظهر حمى الدنج والملاريا، ونسأل الله أن يلطف بالشعب اليميني من كارثة صحية". وأعلنت منظمة الصحة العالمية، في 28 فبراير/ شباط الماضي، ارتفاع الوفيات في اليمن جراء الدفتيريا إلى 72 حالة، في 20 محافظة من أصل 23، منذ أغسطس/ آب الماضي. ويتزامن انتشار هذا المرض مع تفشي وباء الكوليرا، منذ أبريل/ نيسان 2017، الذي أسفر عن وفاة أكثر من ألفين و200 حالة، فيما تجاوزت الحالات المشتبه بإصابتها المليون حالة، وفق المنظمة. وأردف الشميري أن "الحكومة الشرعية دعت العالمين العربي والاسلامي إلى تقديم دعم عاجل للقطاع الصحي، للحيلولة دون وقوع كارثة صحية مع اقتراب الصيف". ** مساعدات تركية وبخصوص الاستجابة لاحتياجات اليمنيين، قال الشميري، المسؤول عن الملف اليمني الإغاثي في الاتحاد، إن "تركيا من الدول التي قدمت دعما مبكرا للشعب اليمني، خاصة في العقد الأخير". وتابع: "أشكر أنقرة على جهودها الإغاثية في اليمن.. في عام 2011 مثلا قدمت منحا علاجية في مشافيها لمئات من جرحى ثورة فبراير (شباط من العام نفسه)"، التي أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح (1978-2012). وأردف أن "تركيا تقدم مساعدات طبية وتقيم مستشفيات ميدانية، كما تقدم دعما غذائيا لليمن، وقد زار رئيس جمعية الهلال الأحمر التركية (كرم كنيك) اليمن في 2017.. ونأمل أن تزيد تركيا دعمها الإغاثي، لما لها من مكانة تاريخية في اليمن والمنطقة. وزار كنيك مدينة عدن العاصمة المؤقتة (جنوب)، في فبراير/ شباط الماضي، حيث التقى مسؤولين يمنيين، بينهم رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، وتعهد بتقديم مزيد من المساعدات الغذائية والدوائية وإضاقمة مشاريع خدمية. المسؤول الإغاثي العربي أشاد أيضا ب"الجهود والتسهيلات المصرية المستمرة لليمنيين القادمين إلى مصر، وكذلك الدعم الإغاثي والطبي المصري داخل اليمن". وعقب لقائه نظيره اليمني، في الأول من مارس/ آذار الجاري، أعلن وزير الصحة المصري، أحمد عماد الدين، زيادة عدد المنح العلاجية المقدمة للمرضى اليمنيين إلى 80، إضافة إلى إرسال أدوية وأمصال وطعوم إلى اليمن. وأعرب الشميري عن أمله في أن "تتسارع الجهود العربية في توصيل الدعم للشعب اليمني، خاصة من أشقائه في دول التحالف العربي، وذلك عبر مساعدات فعالة يتم توجيهها مباشرة إلى وزارة الصحة اليمنية". وملخصا الوضع في المنطقة، قال الشميري إن "الإنسان العربي سيبقى متضررا، في ظل بشرية تعيش خللا؛ بسبب صراع يدور في منطقة عربية ضعيفة بين الأربعة الكبار، وهم: الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا". ومضى موضحا أن "الكوارث تلاحق منطقتنا، ومشاكل الإنسان تتفاقم يوما بعد آخر". وعن المشاهد القاسية خلال عمله الإغاثي أجاب بقوله: "الروهنغيا (أقلية مسلمة مضطهدة في ميانمار) وهم يسيرون على الأقدام لمسافات طويلة صوب بنغلاديش، حاملين بشراً أحياءً على أعواد من الخشب، أو موتى يبحثون لهم عن قبور". ويظل الأطفال هم الأكثر تضررا، بحسب الشميري، إذ "تفقد الأم من الروهنغيا ابنها غرقا أو مرضا أثناء الهروب مما يفعل بهم (من جانب الجيش ومليشيات بوذية)، ويُقتل العشرات من أطفال سوريا بغازات سامة وصواريخ، ويُرى الطفل في اليمن وهو في النزع الأخير مصابا بالجفاف ولا علاج ينقذه". وإضافة إلى اليمن، قال المسؤول الإغاثي العربي إن لجنة الإغاثة، التابعة لاتحاد الأطباء العرب، تنشط في "دول المعاناة، مثل فلسطين والعراق والصومال وسوريا والسودان". وأضاف أن "اللجنة قدمت ثلاثين ألف عملية للإبصار في إفريقيا، فضلا عن تقديمها مساعدات إغاثية وصحية في بنغلاديش للاجئين الروهنغيا". وإجمالا، وصلت الجنة إلى 26 دولة، عبر 600 مشروع إغاثي استفاد منها نحو ثمانية ملايين إنسان بين عامي 2004 و2016، بحسب الشميري. وختم حديثه بالتعهد ب"استمرار الاتحاد في نشاطه الإغاثي في مواجهة المعاناة والظروف الصعبة المحيطة بالعالم".