واشنطن تندد باستمرار احتجاز موظفي سفارتها في صنعاء    واشنطن تندد باستمرار احتجاز موظفي سفارتها في صنعاء    الصحفية والإعلامية الكبيرة الدكتورة رؤوفة حسن    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير ياسين المسعودي    إب.. سبعة جرحى في تفجير قنبلة إثر خلافات عائلية وسط انفلات أمني متزايد    أغلبها من حضرموت.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 338 أسرة خلال الأسبوع الماضي    كبار الوطن.. بين تعب الجسد وعظمة الروح    كبار الوطن.. بين تعب الجسد وعظمة الروح    لحج.. جبهة صراع جديدة بين فصائل العدوان    صنعاء تحتضن ختام بطولة الجمهورية للمصارعة تحت 17 عاما    اعلامي جنوبي يدعو لطرد رشاد العليمي وشرعيته من عدن والجنوب العربي    إتلاف 180 طناً من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في أمانة العاصمة    الأمين العام للأمم المتحدة: "ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة تصعيد خطير"    غوتيريش: مركز الملك سلمان للإغاثة يُعد نموذجًا بارزًا على السخاء وجودة الخدمات الإنسانية    توزيع مساعدات عاجلة للأسر المتضررة من الأمطار في المحويت    المغرب يهزم سوريا ويبلغ نصف نهائي كأس العرب 2025    الدولار يتراجع إلى أدنى مستوى له    المحرّمي يطّلع على أداء وزارة الأوقاف ويشدد على نشر ثقافة التسامح والوسطية    الرئيس الزُبيدي يتفقد سير العمل بديوان عام وزارة الزراعة والري والثروة السمكية وقطاعاتها    العليمي يهدد بتجويع الجنوب .. ويبحث عن شرعيته في غرف الفنادق ..    بوتين يعلن تحرير سيفيرسك ويؤكد امتلاك الجيش الروسي زمام المبادرة    غوغل تعلن ضوابط أمان جديدة لحماية مستخدمي كروم    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    سوء الخاتمة: الاشتراكي يختتم تاريخه الأسود بفضيحة.    شهد تخرج 1139 طالبا وطالبة.. العرادة: التعليم الركيزة الأساسية لبناء الدولة واستعادة الوطن    جلادون على طاولة التفاوض    ضحايا جراء سقوط سيارة في بئر بمحافظة حجة    منظمة اممية تنقل مقرها الرئيسي من صنعاء إلى عدن    النفط يواصل الارتفاع بعد التوتر المتصاعد بين واشنطن وكاراكاس    نتائج الجولة السادسة من دوري الأبطال    جرائم العدوان خلال3,900 يوم    أمريكا تستولي على ناقلة نفطية في البحر الكاريبي    بيان مجلس حزب الإصلاح وسلطان البركاني    الجنوب راح علينا شانموت جوع    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    اليونسكو تدرج "الدان الحضرمي" على قائمة التراث العالمي غير المادي    إسرائيل تحذر واشنطن: لن نسمح بوجود تركي في غزة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    وزارة الزراعة والثروة السمكية تعلن فتح موسم اصطياد الجمبري    المنتخب الوطني تحت 23 عاما يغادر بطولة كأس الخليج بعد تعادله مع عمان    المحرّمي يطّلع على جهود وزارة النفط لتعزيز إمدادات وقود الكهرباء والغاز المنزلي    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    نبحوا من كل عواصم العالم، ومع ذلك خرجوا من الجنوب.    مباراة حاسمة.. اليمن يواجه عمان مساء الغد على بطاقة التأهل لنصف نهائي كأس الخليج    اجتماع موسع بصنعاء لتعزيز التنسيق في حماية المدن التاريخية    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    اكتشاف أكبر موقع لآثار أقدام الديناصورات في العالم    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    شبوة.. تتويج الفائزين في منافسات مهرجان محمد بن زايد للهجن 2025    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب كأس الدوري الأمريكي    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات مستقبل الحرب في اليمن
نشر في مأرب برس يوم 20 - 10 - 2019

في خضم المستجدات التي غص بها مشهد الحرب في اليمن مؤخرًا، بدا أن مسار الأحداث دخلت طورًا جديدًا يوحي بانحراف البوصلة عمّا كان مرسومًا في المخيال الشعبي اليمني غداة انطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، بالترافق مع متغيرات دراماتيكية متسارعة تشير في عمومها إلى تسوس عميق في أجندات التحالف التي يتحدد على أساسها مستقبل ما بعد الحرب.
وثمة حيثيات جمّة يراها كثير من المراقبين مدعاة لعدم التفاؤل، وفقًا لما يفصح عنه واقع الأحداث طرأت على مسار المعركة ضد الانقلابيين الحوثيين قبل أن تتشظى إلى مسارات هامشية أقل شأنًا خلقت واقعًا ضبابيًا مغايرًا ومحبطًا كان يمكن تفاديه دون كثير مشقة.
* التواء الغايات
لعل السؤال الملح في هذا الصدد، يتمحور حول المنحى الغائي الذي تتجه إليه بوصلة الحرب في اليمن، والإجابة عن هذا السؤال تدفعنا للعودة قليلا في الجدول الزمني للحرب والأسباب التي أخرت الحسم، أو بالأصح شطبته _عن عمد_ من قائمة الأولويات.
ذلك أن تطاول أمد الحرب، وإرجاء الحسم مع الانقلابيين، ليس مَرَده إلى عجز حلفاء الشرعية، أو قوة الحوثيين، مع الفارق الواضح في حجم القوة بين الخصمين _إن صح اعتبار الحوثي خصمًا للتحالف_ إنما يعود ذلك إلى طريقة التعاطي السلبي للتحالف الثنائي (السعودية والإمارات) مع مسألة إعادة الشرعية، لاعتبارات لها علاقة بأجندة خاصة لهذين القطبين اللذين يقودان التحالف، تتصل بالمخاوف التي يضمرها كلا الحلفين من أيلولة الحكم في البلاد إلى أحد التشكيلات الوطنية في جسم الشرعية، من تلك التي لدى الرياض وأبوظبي تحفظات بشأن فرضية استحواذها على السلطة في البلاد في حال تم إزاحة الحوثيين عن المشهد.
هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى، فالإمارات التي تتصدر المشهد في جنوب اليمن لها طموحاتها السياسية والاقتصادية بفرض هيمنة مباشرة أو غير مباشرة على الموانئ والجزر اليمنية وعلى ميناء عدن على وجه التحديد، كونه يشكل التهديد الأول على مينائي جبل على ودبي الإماراتيين، اللذين يدران على خزينتها سنويًا زهاء 300 مليار دولار سنويًا.
* إضعاف الشرعية
بالتالي فسبيل الوصول إلى هذه النتيجة بالنسبة للإمارات، سوف تصطدم بعوائق كثيرة، لن يتسنى لها تخطيها إلا بإضعاف السلطة الشرعية، والدفع نحو الانفصال، وإنشاء مراكز قوى بديلة تتكئ على عشرات الآلاف من القوات غير النظامية التي تدين بالولاء الكامل للممول في أبوظبي، تتولى على عاتقها رعاية المصالح الإماراتية في اليمن خلال الفترة المقبلة.
مع العلم أن الانتقالي الجنوبي والدعم الذي تقدمه له الإمارات لا يعني أنها تتجه إلى اتخاذه حليفًا أبديًا في الجنوب حبًا وكرامة، بقدر ما لذلك من اعتبارات براغماتية في اتخاذه قنطرة عبور مرحلية، ذلك أنه اذا افترضنا انفصال الجنوبي _وذلك بعيد في الفترة الحالية على الأقل_ فإن من مصلحة الإمارات أن تستمر الفوضى في جنوب ما بعد الانفصال المفترض، لأن ذلك وحده يسمح بتدويل الممرات المائية الحيوية وميناء عدن، وحينذاك (أي في حال التدويل) تكون الإمارات صاحبة الأولوية في التصرف بموجب الاتفاقية التي أبرمتها مع نظام الرئيس الراحل صالح عام 2008م.
* خلق التناقضات البنيوية
هذا التوجه يبدو واضحًا في الاستراتيجية الإماراتية بالنظر إلى التشكيلات العسكرية التي تعمل تحت لوائها في عدن ومحافظات الجنوب، حيث تختلف من حيث الخامة، وفي الغالب يتم تكوينها وفق أسس مناطقية، فالحزام الأمني في عدن ينتمي معظم منتسبيه إلى يافع، والأمر ذاته يتكرر مع التشكيلات الأخرى مثل النخبة الحضرمية، والنخبة الشبوانية، إضافة إلى قوات طارق صالح التي لها وجود في عدن، رغم أنها تعد من حوامل القضية الجنوبية، والجامع المشترك بين هذا الخليط غير المتجانس هو الدرهم الإماراتي الذي يجعل ولاء الجميع تحت مظلته.
كما أن الانتقالي الجنوبي، لا يمكن اعتباره ممثلاً للقضية الجنوبية شأنه شأن الحوثي في شمال البلاد، بل إنه في نظر كثير ممن كان لهم السبق في حمل قضية الجنوب، غير مؤهل للحديث نيابة عن الجنوبيين وفرض نفسه عليهم.
* واقع مفخخ
إضافة إلى ذلك فإن "الانتقالي الجنوبي" لا يعد الهيئة السياسية الوحيدة في جنوب اليمن، بقدر ما هو نتوءٌ طارئ كأحد مخرجات الهيمنة الإماراتية على جنوب اليمن، حيث يوجد تشكيلات سياسية أطول باعًا مما يعرف ب"المجلس الانتقالي"، وأكثر التصاقا بالقضية الجنوبية، فهناك "الحراك الثوري" و "الائتلاف الوطني الجنوبي" على سبيل المثال لا الحصر.
إلى جانب ذلك فإن الانتقالي الجنوبي يفتقر إلى الرؤية الواضحة، ففي الوقت الذي يتمرد فيه على الشرعية ويطالب بإعادة الدولة الشطرية كخيار نهائي لا محيص عنه، يلهث في نفس الوقت خلف المطالبة باستحقاقات وزارية في حكومة اليمنية الشرعية، نظير الاعتراف بسيادتها، مالم فسيستمر في التحريض عليها وتهييج نوازع الفرز المناطقي على أساس الجغرافيا، في تناقض مرتبك لا يقف على بَرّ.
أيضًا ما يزال المجلس الوليد في أحضان أبوظبييفتقر إلى الخبرة الكافية في إدارة المحافظات التي يسيطر عليها، كما أثبت ذلك في عدن وبعض المحافظات التي فرض سلطته عليها، ولا أدلّ على ذلك من الوضع الذي آلت إليه مدينة عدن من تفسخ الأمن وانتشار السلاح وتجرثم الفوضى التي فشل الانتقالي _الذي هو صاحب السلطة أن يكون ضامنًا للملف الأمني على الأقل _ في احتوائها، تمامًا كما أثبت فشله الذريع في توفير أدنى الأساسيات الخدمية للسكان وتطبيع الأوضاع في مدينةٍ تعدُّ أصغر المحافظات اليمنية على الاطلاق.
* فوضى الولاءات
السيناريو الذي تتشكل أبعاده حاليًا في ظل المعطيات التي يكشف عنها مسار الحرب في اليمن، لا توحي أبدًا بإزاحة قريبة للانقلاب الحوثي، الذي اشتدت قبضته على زمام الأمور في صنعاء وأخواتها طرديًا مع امتداد فترة الحرب.
ولا يختلف الوضع كثيرًا في جنوب اليمن مع وجود قوة مسلحة صغيت على ولاءات غير وطنية، بصرف النظر عن إمكانية ضمها إلى وزارة الدفاع اليمنية، بمقتضى بما أسفر عنه "حوار جدة" في حال تم إمضاء بنوده المعلن عنها، وفق الصيغة السعودية المقترحة لجمع الفرقاء على كلمةٍ سواء.
* سيناريو الخاتمة
ما يبدو عليه الوضع الحالي في البلاد، أن هناك ثلاثة مراكز قوى تتجاذب المشهد في اليمن، وكل منها له تحالفاته الدولية وقوته العسكرية، ففي صنعاء هناك مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران وتنظيم "حزب الله" وتسيطر على كل مفاصل الدولة في مناطق نفوذها، وعلى الجانب الآخر هناك "الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات في عدن وبعض محافظات الجنوب، ولها أيضًا تشكيلاتها المليشاوية التي تفرض سلطتها بالقوة، وكلاهما (الحوثيين والانفصاليين) لا يحظيان بأي اعتراف دولي، إنما كيانات انقلابية تطحلبت في الهامش الذي خلقته الظروف التي هيأ التحالف مناخها خلال السنوات الخمسة الماضية.
في المقابل، هناك السلطة الشرعية المعترف بها دوليًا والجيش الوطني في مأرب وبعض المحافظات المحررة، وبالرغم من أنها الطرف الوحيد الذي يمثل اليمنيين، تبقى مغلولة اليد أمام الضغوطات التي يمارسها التحالف في حال قررت التحرك بمعزل عن مرجعيته، كما حدث في أغسطس الماضي عشية المذبحة التي ارتكبتها الإمارات بحق الجيش اليمني في تخوم عدن.
وبالتالي، فإن من العسير ابتكار تناغم بين هذه التركيبة غير المتجانسة وصهرها في جسم سياسي واحد في حال افترضنا حدوث ذلك مستقبلا، طالماظل السلاح والقوة بأيدي الفصائل التي لن تُغيِّر المصالحات في ولاءتها، علمًا أن أي صيغة للسلام لن تخلق إلا سلامًا هشًا وقابلًا للانفجار في أي بادرة خلاف بين تلك القوى المتنابذة والمختلفة في أهدافها وخامتها السياسية والأيديولوجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.