فجر الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي مفاجأة من العيار الثقيل باعترافه صراحة أن بلاده كانت على وشك تصنيع قنبلة نووية، غير أنها فككتها طواعية "لأنها لم تجد عدوا تستخدمها ضده"، وزاد على ذلك بدعوته إلى تشكيل كيان جديد يكون بديلا لمجلس الأمن الدولي. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في افتتاح القمة ال15 لدول عدم الانحياز التي انطلقت أعمالها اليوم الأربعاء في منتجع شرم الشيخ بمصر، بمشاركة زعماء وممثلين لقادة 118 دولة أعضاء في المنظمة. وقال القذافي إن من حق الشعوب النامية امتلاك تقنيات نووية سلمية، مشددا على أحقية إفريقيا في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي . لكنه في الوقت نفسه وجّه انتقادات لاذعة لمجلس الأمن والأممالمتحدة بسبب خضوعها لسيطرة الدول الكبرى، مطالبا بتشكيل كيان جديد أسماه "مجلس أمن عدم الانحياز" لحل نزاعات الدول الأعضاء في الحركة. وأوضح القذافي، الذي تحدث باسم الاتحاد الإفريقي، أن النزاعات بين الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز يجب أن تحال إلى "مجلس أمن عدم الانحياز"، لا "إلى هذا المجلس الذي لا نثق فيه"، في إشارة إلى مجلس الأمن الدولي. ووصف مجلس الأمن بأنه "بتركيبته الحالية أصبح سيفا مسلطا على رقاب الدول الأعضاء غير الدائمين فيه، وهو مجلس يعمل بطريقة غير عادلة وغير ديمقراطية وغير نزيهة، ووقع تحت سيطرة الدول دائمة العضوية، ثم وقع عمليا تحت سيطرة دولة واحدة"، في إشارة إلى الولاياتالمتحدة. وتابع القذافي: "لقد خرج قطار العمل الدولي عن مساره وبدأ يلحق الدمار بالكثيرين"، مطالبا بتخصيص مقعد دائم لإفريقيا في مجلس الأمن. واعتبر أن ذلك "لن يسهم فقط في تقليل الظلم الواقع على القارة الإفريقية والاختلالات في التوازن الدولي، ولكنه سيقدم خدمة للسلام والأمن والاستقرار والرخاء على مستوى العالم". ولم تخل القمة من اللمحات الطريفة حينما ابتسم القذافي للرئيس المصري حسني مبارك، الذي ترأس بلاده القمة، بعدما شكره الأخير على كلمته قائلا: "نشكر الأخ العقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية.. وملك ملوك إفريقيا"، مكررا العبارة الأخيرة ثلاث مرات. وركزت القمة في يومها الأول على العديد من القضايا التي تسيطر على اهتمام الدول الأعضاء، أبرزها ضرورة وقف استغلال الدول الكبرى لأزمة الغذاء لرفع الأسعار بما يفوق قدرات الدول النامية، كما شددوا على أن الدول النامية تدفع بسبب الأزمة المالية العالمية فاتورة باهظة لأخطاء لم تقترفها أو تشارك فيها. من جانبه، دعا مبارك إلى تأسيس نظام دولي سياسي واقتصادي أكثر عدالة، قائلا: "إننا ندعو لنظام دولي سياسي واقتصادي وتجاري جديد أكثر عدلا وتوازنا ينأى عن الانتقائية وازدواجية المعايير، ويحقق مصالح الجميع، ويراعي شواغل الدول النامية وأولوياتها". وأضاف: "أن السلام والتنمية يظلان في قلب ما تسعى إليه الحركة من أهداف وغايات (...) والطريق إليهما تقتضي تعزيز التضامن الدولي، والتعاون البناء بين كل الأمم والشعوب من أجل التغلب على ما يواجهه السلم والأمن الدوليين من تحديات". وطالب الرئيس المصري دول الحركة بالتعامل مع "الواقع الدولي الراهن على نحو يتسم بالفعالية والمبادرة". بدوره، طالب الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، رئيس القمة الرابعة عشرة للحركة، بدور أكبر للدول النامية التي تشهد معاناة كبيرة بسبب الأزمة المالية العالمية، مشيرا إلى أن نصف سكان الدول النامية يرزحون تحت فقر مدقع على الرغم من أن الدول الثرية في الشمال كانت هي السبب الرئيسي وراء الأزمة الحالية، حيث يعاني الاقتصاد العالمي من خلل هيكلي، وتعيش تلك الدول الغنية على أكتاف الدول الفقيرة. كما أكد أن القضية الفلسطينية ماتزال تتصدر قائمة اهتمام منظمة دول عدم الانحياز، مشددا على أهمية أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة. أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقال إن هناك مجالا واسعا لإسهام حركة عدم الانحياز في توفير الأمن والسلم والرفاهية في العالم. وأردف: "إن حركة عدم الانحياز وفي مسعاها لتحقيق السلم والأمن تلعب دورا بالغ الأهمية لإقامة وتحقيق عالم خال من أسلحة الدمار"، مضيفا أن نزع السلاح هو من الأسس الراسخة لتحقيق السلم والأمن الدوليين. ومن المتوقع أن يتضمن البيان الختامي للحركة مطلبا بضرورة التعاون مع الصين التي تحضر القمة بشكل مراقب للتنسيق مع المؤسسات المالية الدولية للمساعدة في تجاوز الأزمة المالية العالمية. يذكر أن إيران ستتسلم رئاسة القمة ال16 لدول حركة عدم الانحياز والمتوقعة عام 2012 باعتبارها الدولة الوحيدة التي تقدمت بطلب لاستضافة القمة، وذلك بعد سحب قطر لترشحها.