تسلم الرئيس المصري محمد حسني مبارك اليوم الاربعاء من نظيره الكوبي راؤول كاسترو الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية لحركة دول عدم الانحياز, رئاسة الحركة للسنوات الثلاث المقبلة . جاء ذلك في افتتاح اعمال القمة ال 15 للحركة التي بدأت في منتجع شرم الشيخ المصري بمشاركة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وقادة وممثلي الدول الاعضاء في الحركة , بمشاركة عدد من ممثلي الدول والمنظمات الاقليمة والدولية التي تتمتع بصفة مراقب في الحركة. وأشار الرئيس المصري ف كلمة افتتاح القمة الى تصورات مصر لمستقبل الحركة خلال فترة توليها رئاسة الحركة للسنوات الثلاث المقبلة . وأكد الرئيس مبارك ان السلام والتنمية فى قلب ما تسعى إليه حركة عدم الانحياز من أهداف وغايات. وقال مبارك : إن ذلك يقتضى تعزيز التضامن الدولى والتعاون البناء بين كافة الأمم والشعوب من أجل التغلب على ما يواجهه السلم والأمن الدوليين من تحديات وتهديدات ومخاطر، وما تواجهه جهود التنمية من عقبات ومشكلات وصعاب. ولفت مبارك إلى ما يهدد السلم والأمن الدوليين من مخاطر الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، فضلا عن العديد من النزاعات المسلحة وبؤر التوتر وقضايا طال انتظارها لحل عادل، فى مقدمتها القضية الفلسطينية وقضية السلام الشامل فى الشرق الأوسط. ودعا الرئيس المصري حركة عدم الانحياز إلى التعامل مع الواقع الدولى الراهن على نحو يتسم بالفعالية والمبادرة. وقال "إننا ندعو لنظام دولى سياسى واقتصادى وتجارى جديد أكثر عدلا وتوازنا، ينأى عن الانتقالية وازدواجية المعايير يحقق مصالح الجميع ويراعى شواغل الدول النامية وأولوياتها، يرسى ديمقراطية التعامل بين الدول الغنية والفقيرة، ويحقق التمثيل المتوازن للعالم النامى بأجهزة المنظمات الدولية، ومؤسسات التمويل القائمة، وآليات صنع القرار الاقتصادى العالمى، والتجمعات الدولية الرئيسية مثل مجموعة الدول الثمانى الصناعية الكبرى ومجموعة العشرين". واضاف : إننا نتطلع جميعا لحياة أفضل لأجيال الحاضر والمستقبل.. نتطلع للسلام والأمن والاستقرار والتنمية ولمزيد من التعاون فيما بيننا.. ولشراكة حقيقية فعالة مع الدول من خارج الحركة تقرن الأقوال بالأفعال.. وترسى دعائم تضامن دولى جاد من أجل السلام والتنمية.. على نحو ما يستشرفه الموضوع الرئيسى لهذه القمة. وتابع قائلا " إننا نعيش جميعا واقع مشكلات النمو والتنمية فى مواجهة صعاب الداخل وتحدياته وأزمات عالمية ترد إلينا من الخارج.. مشيرا إلى أزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية العام الماضى والأزمة الحالية للاقتصاد العالمى. وتابع: تأثرنا بتبعات ظاهرة "تغير المناخ"، ونواجه صعابا فى تمويل التنمية وتحديات فى تعاملنا مع قضايا إمدادات الطاقة والأمن الغذائى . وتضمنت خطة الرئيس المصري مبارك قضايا نزع السلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان والاتجار في البشر والأممالمتحدة والموضوعات الخاصة بالبيئة والغذاء والصحة والأزمة الاقتصادية وحرية الاعلام. وتتمثل الرؤية المصرية للحركة في تعزيز التعاون بين دول الجنوب بأساليب مبتكرة وعملية والتواصل بين الشمال والجنوب لتحقيق مصلحة التنمية في العالم. من جانبه اعرب الرئيس كاسترو في كلمته امام القمة التي تعقد تحت شعار (التضامن الدولي من أجل السلام) عن تأييد بلاده عمل مصر على مقدمة الحركة. وقال كاسترو أنه شرف لبلادهم أن تسلم قيادة الحركة إلى مصر المؤسس الأول لها ومساندتها للثورة الكوبية، مشيراً إلى اعتزازهم بزيارة الزعيم جمال عبد الناصر والرفيق فيدل كاسترو عام 1960. وطالب كاسترو بتأسيس هيكل مالى واقتصادى جديد لجميع الدول لمواجهة الفقر والجوع، فالأزمة المالية لا تحل بحلول شكلية وتجميلية ونقص العدل، فلابد أن يكون هناك إطار جديد للنقد المالى. فيما تناقش القمة ملفات سياسية واقتصادية ساخنة فى مقدمتها الصراع العربى الإسرائيلى وبؤر التوتر فى الشرق الأوسط وبؤر التوتر فى العراق والصومال والسودان والحصار على كوبا فيما طالب الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في كلمتة التي القاها في القمة بانشاء مجلس (أمن وسلم) تابع لحركة عدم الانحياز ، لمواجهة تخاذل مجلس الأمن تجاه قضايا هذه الدول . وقال العقيد القذافي "نحن الاغلبية الساحقة في الأممالمتحدة ، إلا ان مجلس الأمن لا يمثلنا فهو محتكر من أصحاب المقاعد الدائمة ويقع تحت سيطرة إحدى القوى الكبرى في مجلس الأمن ، لذا فالمجلس أداة في يد دولة واحدة كبرى" . وأضاف:" نحن تضررنا كل الضرر من مجلس الأمن واصبح يقف مسلط على رقابانا ، فذلا عن الجمعية العامة للامم المتحدة التي باتت تشبه مكان احتفالي او ديكور رغم انها المفروض ان تكون برلمان العالم ، وهو ما يبرر اقتراح ليبيا إنشاء مجلس تابع لحركة عدم الانحياز". وتابع بقوله " يفصل هذا المجلس المقترح في المشكلات التي قد تندلع بين 118 دولة الاعضاء في منظمة دول عدم الانحياز ، بدل من تحويل الأمر إلى مجلس الأمن الذي لا نثق فيه وهو يصوت ضدنا ونخفف العبء عليه ", مطالبا بإعادة النظر في اقتراح انشاء مجلس للامن والسلم . ودعا القذافي إلى اتخاذ العديد من الخطوات من أجل زيادة فعالية دول عدم الانحياز وزيادة ثقلها على المستوى العالمي كحركة عالمية هامة, مؤكدا ان " حركة عدم الانحياز طيلة الخمسة عقود الماضية لم تكن حيادية ، بل كانت منحازة لطرف على حساب آخر سواء الاتحاد السوفيتي سابقا أو الولاياتالمتحدة". واردف قائلا " نحن أمام تحد جديد ونبغى ان يتحقق ذلك في رئاسة مبارك للقمة الخامسة عشر ، ونقيم الموقف الدولي حتى يستفيد العالم من هذا التجمع الضخم من الأمم ، يجب أن نؤثر في السلام والاقتصاد العالمي ، حتى لا يبدو اجتماعنا كأنه روتيني". وشدد القذافي على ضرورة تواجد قوي لدول عدم الانحياز على مستوى العالم ، داعيا الدول المشاركة في قمة اليوم الموافقة على اقتراح تقدمه ليبيا قريبا بأن يكون للاتحاد الافريقي المكون من 53 دولة مقعد دائم في مجلس الأمن يتمتع بكافة الصلاحيات بما فيها حق النقض . كما دعا أيضا إلى لعب دورا أكبر في المؤسسات الدولية المؤثرة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، والذي يجب ان يمثل كافة دول العالم ، فضلا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية . بدوره أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن هناك مجالا واسعا لإسهام حركة عدم الإنحياز في توفير الأمن والسلم والرفاهية في العالم لافتا إلى أن نزع السلاح من الاسس الراسخة لتحقيق السلم والأمن الدوليين. وأوضح مون أن الخطوات التي تتخذ دوليا بالتعاون مع حركة عدم الإنحياز تهدف للتوصل إلى إتفاقية منع إنتشار الأسلحة معربا عن تطلعه للتعاون الوثيق مع الحركة من أجل ضمان نجاح المؤتمر. وأضاف أن الإلتزام طويل الأجل لتحقيق العدالة الإجتماعية والعدل ما زال يتردد صداه اليوم بينما يواجه العالم أزمة إقتصادية ومالية شديدة لافتا إلى مدى معاناة الدول النامية بما فى ذلك ملايين الشعوب الذين يعيشون فى إطار دول عدم الانحياز من جراء تلك الأزمة. وراى أن مختلف الاجراءات الحمائية لن تؤدي إلى التقليل من شأن أفقر الفقراء والتجارة المنصفة والحقيقية مؤكدا أن العدالة ينبغى أن تكون هي الأساس الذي يعتمد عليه لإحياء النشاط التجاري وإخراج الفقراء من وضعهم الحالي. وأكد أنه يسعى لعقد قمة في نيويورك خلال العام المقبل من أجل توفير حافز يبلغ ثلاثة تريليونات دولار لمساعدة الدول المحتاجة معربا عن ترحيبه بالقرار الذي اتخذته الدول الصناعية الكبرى الإسبوع الماضي لمضاعفة مساهمتها من أجل مساعدة الدول النامية على التكيف مع التغير المناخي. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى حل كافة المنازعات سلميا من خلال الحوار مشيرا إلى أن الأممالمتحدة تعمل يدا بيد مع المنظمات الإقليمية لتلافي إتساع نطاق تفجر النزاعات إلى أبعاد أكبر. وقال أننا نحتاج لشراكة جديدة للحفاظ على السلام بين الدول ومجلس الامن وأمانة الأممالمتحدة ونحتاج إلى مبادىء جديدة وأهداف جديدة يتفق عليها للتأكد من أن حفظ السلام يتمتع بالموارد والقدرات والتخطيط والإستعدادات الكافية لكي يكون أداة تخدم السلم والأمن الدوليين. وأضاف أن حركة عدم الانحياز قد أشارت إلى التفاوت والتباين ما بين ديناميكيات القوى وبنيان الأممالمتحدة وسعت إلى تحسين التمثيل والشفافية والديمقراطية وكانت واضحة بالنسبة لحاجة مجلس الأمن فيما يتعلق بضرورة أن تعكس عضويته وعمله واقع اليوم وليس الواقع الذي كان سائدا. وحول الوضع في الصومال قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الصوماليين ينبغى أن يقدموا الجهود لحماية بلدهم وتخليصها من النزاعات التي تمزقها داعيا المجتمع الدولي لبذل المزيد من الجهد للمساعدة. وبشان القضية الفلسطينية طالب مون المجتمع الدولي بايجاد حلا لهذه القضية يؤدي إلى النتيجة المرجوة وهي إقامة دولتين هما فلسطين وإسرائيل تعيشان في وئام وسلام متجاورتين. فيما أكد الرئيس السوداني عمر البشير أن قمة حركة دول عدم الانحياز المنعقدة حاليا في شرم الشيخ تكتسب أهمية خاصة ومتميزة في ظل المعطيات الراهنة على الساحة الدولية. وقال البشير في كلمته التي ألقاها بوصفه الرئيس الحالي لمجموعة ال 77 والصين أن القمة تعقد في ظل ظروف استثنائية بالغة التعقيد حيث يمر العالم بأسوأ وأخطر أزمة اقتصادية ومالية يواجهها منذ كساد الثلاثينات الشهير. واوضح البشير أن هذه الأزمة تقترن بمشكلات عديدة ومتشابكة كأزمة الغذاء وتغيير المناخ بانعاكساتها وأثارها المدمرة خاصة على البلدان النامية التى تهدد أولوياتها الوطنية والمكاسب التي حققتها حتى الآن نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وطالب الرئيس السوداني الدول المتقدمة بالإستجابة الجماعية والإلتزام الجدي في التعامل مع المتطلبات والحلول الأساسية في مجالات التجارة وفتح الأسواق والحصول على التمويل الميسر وبناء القدرات ودعم التنمية المستدامة وتقديم المساعدات المالية والفنية وحل مشاكل الديون وإزالة العقبات. وشدد على أن حشد الإرادة السياسة الدولية تعد ضمانا للعمل الجماعي لمجابهة الأزمة المالية والإقتصادية والتغلب على آثارها المتعددة وخاصة ما يتصل منها بتحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا. من جانبها اعتبرت رئيسة الفلبين جلوريا أرويو أن موضوع هذا المؤتمر /التضامن الدولي من أجل السلام والتنمية/ يأتي في حينه واستجابة للإحتياجات المعاصرة في ظل الواقع الحالي للإقتصاد العالمي وسياسة العالم. وطالبت ارويو في كلمتها التي ألقتها نيابة عن المجموعة الآسيوية دول حركة عدم الإنحياز بالعمل من اجل الحد من الإنقسام في العلاقات الدولية التي تشكل عائقا ضد جهودها المشتركة وتحقيق التقدم والنمو والتنمية. وشددت على ضرورة تكثيف الجهود الجماعية من أجل تحقيق الديمقراطية والإنصاف وسيادة القانون والعدالة في إطار النظام العالمي والإعتراف العاجل بالمناهج السلمية على أساس قدرات الدول الأساسية من أجل تعزيز التضامن كصوت قوي في العالم اليوم. واشارت الى امكانية تطور التضامن الدولي بشكل فعال من خلال الحوار بين الحضارات والأديان والعقائد مشيرة إلى أن آسيا سوف تسهم بجزء من هذا الحوار خلال الإجتماع الوزاري للحوار بين الحضارات من أجل السلام المنعقد في ديسمبر القادم بمانيلا. وفي السياق ذاته أكد رئيس جمهورية الدومينيكان ليونيل فرنانديز رئيس المجموعة اللاتينية والكاريبي في كلمته على ضرورة التصدي للمشكلات التي يعاني منها العالم اليوم وفي مقدمتها قضية الجوع في الدول الأقل نموا. وأشار فرنانديز إلى ضعف مبالغ المساعدات المقررة لمكافحة الجوع في الدول الأقل نموا والتي بلغت على مدى خمسين عاما مبلغ تريليوني دولار فقط بما يمثل 11 بالمائة من المساعدات التنموية التي تلقتها البنوك في عام واحد على خلفية الأزمة المالية العالمية والتي بلغت 18 تريليون دولار. وطالب رئيس جمهورية الدومينيكان دول العالم بالعمل على إيقاف جميع أنواع المضاربات حول أسعار الغذاء وأن تكون هذه القمة الصوت الذي يحمي التطلعات العادلة لشعوب الدول النامية ويحول أحلام المؤسسين لهذه الحركة الكبيرة إلى إجراءات تاريخية لصالح الشعوب المهمشة والمحرومة من التنمية. فيما أكد وزير خارجية جمهورية بيلاروسيا في كلمته التي ألقاها نيابة عن المنطقة الأوروبية أن بلاده وبالرغم من أنها لم تكن من بين المؤسسين وأنضمت إلى أسرة الحركة فيما بعد إلا أنها تشاطرهم في أهمية الدفاع عن إنجازات حركة عدم الإنحياز. وأوضح الوزير البيلاروسي أن بلاده تعد الدولة الأوروبية الوحيدة العضو في الحركة وأن النهوض بالمواقف التي تتبعها حركة عدم الإنحياز لإيجاد حل للمشكلات المعاصرة وخاصة في القارة الأوروبية يعد عنصرا هاما في سياستها الخارجية. وعقب ذلك أعلن الرئيس المصري حسني مبارك رئيس القمة ال 15 لقادة دول عدم الإنحياز إنتهاء أعمال الجلسة الإفتتاحية العلنية للقمة على أن يستأنف القادة أعمالهم في جلسة عمل لاحقة . وفيها يتم اعتماد جدول الأعمال وتقرير رئيس الإجتماع الوزاري التحضيري الذي اختتم بالأمس وانتخاب هيئة مكتب القمة, بالاضافة الى النظر في طلب انضمام الأعضاء الجدد والمراقبين والضيوف واعتماد التقرير الخاص بنشاط الحركة خلال الأعوام الثلاثة الماضية ثم مناقشة عامة حول الموضوع الرئيسي للقمة وهو (التضامن الدولي من أجل السلام والتنمية) وكذلك موضوع (الأزمة المالية والإقتصادية العالمية الراهنة). ومن المقرر ان تتبنى القمة وثيقتين رئيسيتين، هما: "الوثيقة الختامية" والتي تلخص الموقف المشترك للحركة حول كل القضايا على جدول الأعمال، و"إعلان شرم الشيخ" الذي سيركز على تنمية الحركة نفسها. وعلاوة على ذلك ستناقش لجنة حركة عدم الانحياز الاوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، حيث ستتبنى إعلان حول فلسطين. سبا