تروي الحلقة السابعة من برنامج "رجال حول الرسول"، الذي بثته العربية الجمعة 28-8-2009، في الساعة 5:20 بتوقيت السعودية، قصة حياة الصحابيين أبو موسى الأشعري وفروة بن مسيك رضي الله عنهما. زَبِيد، إحدى مدن اليمن التاريخية، سَكنت وادِيَها في منتصفِ الطريق بين الجبل والبحر في منطقة تِهامة قبائلُ الأشاعِرِ، منذ قديم الزمان. وفيها بُني مسجدٌ في العهد النبوي، وهو جامعُ الأشاعر. وبفضلِ جامعِها الشهير أصبحت زَبِيد من أشهرِ مدن اليمن، وصارت مقصِدا للعلماء. والفضلُ في هذا كلِّه لواحدٍ من كبارِ الصحابة، وهو عبدُ الله بنُ قيسِ بنِ سُلَيْم، المُكَنَّي بأبي موسى الأشعري. أبو موسى الأشعري تبدأ قصةُ أبي موسى الأشعري مع الإسلام في مرحلةٍ مبكرة من الدعوةٍ النبوية، فقد سمع برسولٍ يدعو إلى التوحيد في مكةالمكرمة، فسارع بالرحيل إليه. وفي مكة راح أبو موسى يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وصل إليه. أسلم أبو موسى في مكة، وبدأ يَنهل من نور النبوة. وسرعان ما عاد إلى بلده اليمن، ينشر رسالة الإسلام في ربوعها، وذلك قبل الهجرة النبوية إلى المدينةالمنورة . نشر أبو موسى الأشعري دعوةَ الإسلام بين أهله وقومه في منطقةِ تِهامة. وبعد سنوات قرر هو مع وفدٍ من اثني عشر رجلا من قومِه زيارةَ المدينةالمنورة، والالتقاء برسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت رحلتُهم عن طريق البحر الأحمر، لكنَّ سفينتَهم ألقتهم على شاطئ الحبشة، وهناك اجتمعوا بجعفرَ بنِ أبي طالبٍ وأصحابِه عند النجاشي ملكِ الحبشة. ومنها توجهوا معا إلى المدينةالمنورة. وتزامن وصولهم مع فتح خيبر. وفي المدينةالمنورة ذُهل الصحابةُ بشخصية أبي موسى الأشعري، فقد كان حصيفا ذكيا، وفارسا شجاعا، وذا صوتٍ جميل في تلاوة القرآن. مكث أبو موسى وقومُه في المدينةِ بضعةَ أشهر، تلقوا فيها الكثيرَ من رسول الله عليه وسلم، وتشهد بعضُ مواقعِ المدينة على ذكرياتٍ لأبي موسى الأشعري. شارك أبو موسى خلالَ وجودِه في المدينة في بعض الغزواتِ مع الرسول والمسلمين، ثم طَلب منه النبي صلى الله عليه وسلم، أن يَعود إلى اليمن، ومعه معاذُ بن جبل، بعد أن بدأ الإسلامُ ينتشر في تلك الديار. توجه معاذُ بن جبل إلى بلد تسمى الجَنَد، واتخذ منها مقراً لإدارة شؤون اليمن، والفصلِ في الخصومات بين الناس، بينما استقر أبو موسى الأشعري من جديد بين قومه في منطقة زَبيد، وهنا أقام المسجد الذي عرف باسم جامع الإشاعر، نسبة إلى قومه، وأصبح لهذا المسجد دور كبير في نشرِ نور الإسلام وعلومِه. وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، عاد أبو موسى من اليمن إلى المدينة، ليشاركَ مع كثيرٍ من أهل اليمن في الفتوحات مع جيوشِ الإسلام. وكان مقربا من الخلفاء الراشدين، فولاه عمرُ ولايةَ البصرة سنة سبعَ عشرة للهجرة. ثم ولاه عثمان على الكوفة. وخلال هاتين الولايتين ساهم أبو موسى في فتحِ بلاد الفرس. وبعد وفاة عثمان اقترن اسمُ أبي موسى الأشعري بواقعة التحكيم الشهيرة بين على ومعاوية. وأحداث هذه الواقعة جرت في جبل التحكيم الذي يعرف الآن بجبل أبي موسى الأشعري، إلى الشمال من مدينة معان جنوب الأردن. بعد إخفاقِ عمليةِ التحكيم، اعتزل أبو موسى الأشعري أطرافَ النزاع، وأمضى ما بقي من حياته متنقلا بين مكةَ والبصرةِ والكوفة. وتختلف الروايات بعد ذلك في مكان وزمان وفاته ودفنه، بين قائل إن ذلك كان في مكة، ورأي آخر يقول إنه توفي في الكوفة، سنة اثنتين وخمسين، وقيل اثنتين وأربعين وقيل أربع وأربعين. لكن الأمر المؤكد أن الأجل وافاه بعيدا عن بلده الذي نَشَر فيه الإسلام. فروة بن مسيك وبالإضافة إلى جامع الجَنَد الذي بناه معاذ بن جبل في اليمن، هناك جامع آخر، بناه الصحابي فروة بن مسيك المرادي، بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم. وفروة بن مسيك واحد من زعماء أهل اليمن الذين وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من مرة، وأسلم مع قومه. ثم ولاه الرسولُ صلى الله عليه وسلم، أميراً على عدد من قبائل اليمن، وأمره ببناء هذا المسجد. وكان لفروةَ بنِ مسيك دورٌ مهم في وضع حد لمحاولات الردة في اليمن، أو ما عرف في التاريخ بفتنة الأسود العنسي. في عهد أبي بكر وشطرٍ من عهد عمر، ظل فروة بن مسيك في المنصب ذاته الذي وضعه فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم شارك في الفتوحات الإسلامية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، واستقر في الكوفة، ثم عاد إلى اليمن، وسكن في صنعاء إلى أن توفي في السنة الحادية والأربعين بعد الهجر. شاهد الفيديو: http://www.marebvideo.com/watch.aspx?vid=2182