لا للشمس.. لا للشمس بهذه الكلمات اختتم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح المرشح عن حزب المؤتمر الحاكم مهرجاناته الانتخابية بالعاصمة صنعاء أمس للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم غد الأربعاء، ويقصد بالشمس هنا شعار حزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي الذي يعد أكبر أحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض الذي ينافس صالح بالمرشح فيصل بن شملان. صالح الذي بدا منتشيا بالجماهير الغفيرة من مؤيديه الذين حضروا مهرجانه الانتخابي أمس وقدرت أعدادهم بنحو المليون، اختتم خطابه بالقول نعم للأمن والاستقرار، لا للفوضي والعنف والإرهاب، نعم للتنمية، نعم للاعتدال والوسطية، لا للغلو والتطرف، لا للقوي الظلامية، نعم للأمن والاستقرار والتنمية والوحدة الوطنية والديمقراطية التي نرسي قواعدها اليوم، واليوم غابت الشمس والي الأبد..لا للشمس، لا للشمس . وفي كل هذه العبارات إشارات اتهام صريحة لمرشح أحزاب المعارضة بن شملان المرشح الأكثر منافسة للرئيس صالح، الذي لم يكتف بشعبيته الجماهيرية، بحكم قيادته للبلاد منذ العام 1978، ولكنه طاف اليمن طولا وعرضا، خلال الأسابيع الأربعة الماضية، وجال في جميع المحافظات اليمنية، بحثا عن أصوات الناخبين، وعن كسب ولاء الوجاهات الاجتماعية والشخصيات المؤثرة في المجتمع اليمني. المنافسة الانتخابية علي مقعد الرئاسة وإن كانت شكلية بحكم البون الشاسع بين شعبية صالح وبن شملان، إلا أن سخونة الحملات الانتخابية وسخونة الخطاب السياسي لكلا المرشحين، أعطت نكهة خاصة للانتخابات الرئاسية وصورة إيجابية لتفاعلاتها وبالتالي أبرزت جدية المشهد الانتخابي وجدية المنافسة، التي دفعت طرفي المنافسة الي الاجتهاد وبذل قصاري جهدهما في كسب أصوات الناخبين بشتي الوسائل. الرئيس صالح الذي يبلغ من العمر 64 عاما، برز خلال حملاته الانتخابية التي شملت كافة المحافظات اليمنية الواحدة والعشرين في أوج شبابه حتي أن الكثير من الصحافيين لم يتمكنوا من تغطية كافة زياراته الميدانية للمحافظات، للمشقة التي تكبدوها واستغربوا كثيرا من الطاقة التي يتمتع بها الرئيس صالح والتي أرهقت جميع مرافقيه من المسؤولين والصحافيين وحتي الحرس الخاص، الذين لن يتمكنوا من الاستمتاع بالنوم الهانئ إلا بعد انتهاء الحملة الانتخابية له في المحافظات. رافقت صالح بضعة أيام خلال حملته الانتخابية وكنت في كل مرة أضطر ل الفرار لعدم قدرتي علي ملاحقته، التي تبدأ في الغالب من الساعة الخامسة صباحا ولا تنتهي في الكثير من الأحيان سوي عند نهاية اليوم، الإرهاق في أوجّه، الأكل ما تيسّر والنوم يفتح الله، ولا قدرة علي الكتابة أو التغطية الصحافية في ظل هذا الإرهاق أو ضيق الوقت. ثبت صالح أنه فعلا لا زال في أوج شبابه وأحرجنا نحن الشباب، الذين لم نتجاوز عتبة الأربعين بعد، وهي إشارة ربما أراد إيصالها لجماهير الناخبين الذين يرون أن منافس صالح وهو مرشح المعارضة فيصل بن شملان، الذي يكبر صالح بنحو 10 سنوات، أعجز عن إدارة البلاد، بشيخوخته الظاهرة، بشعر رأسه الكامل البياض وبرعشات الشيخوخة البادية علي يديه وعلي شفتيه أثناء الخطابات. الكثير من التعليقات ظهرت علي شيخوخة بن شملان، حتي أن بعضها تقول انه لن يستطيع إكمال الدورة الانتخابية للرئاسة المحددة بسبع سنوات، لأنه منتهي الصلاحية، وبعضها تؤكد علي فائدة تقدمه في السن، لأنه لن يطمح في الاستمرار بالسلطة (في حال فوزه) وبالكاد إكمال الدورة القادمة فقط . ومع اقتراب موعد الاقتراع المقرر يوم غد الأربعاء، ازدادت حدة المواجهة الانتخابية وتضاعفت حالات القلق في الأوساط السياسية اليمنية، لما ستتمخض عنه هذه الانتخابات الرئاسية، سواء من نتائج غير متوقعة أو من حالات عنف قد تشهدها نتيجة سخونة الحملات الانتخابية وحدة التوتر المتصاعدة بين مؤيدي حزب السلطة وأحزاب المعارضة. ووصف صالح يوم الاقتراع بقوله يوم العشرين من أيلول (سبتمبر) تسود وجوه وتبيض وجوه، يوم الأربعاء القادم يوم النصر العظيم . وقال إن من مهامنا المستقبلية تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين ومكافحة الفقر ومحاربة الفساد والمفسدين أينما وجدوا وترسيخ الأمن والاستقرار والطمأنينة في كل أنحاء الوطن ومكافحة الإرهاب ومواصلة جهود التنمية والتطور وتوفير فرص عمل للشباب . وأضاف لدينا حزمة من الإصلاحات السياسية والديمقراطية والإدارية والتشريعية والقضائية ضمن مهامنا المستقبلية، وتشجيع الاستثمارات وتدعيم الاقتصاد الوطني، الي جانب الاهتمام بقضايا تعزيز الحريات وحماية حقوق الإنسان وتوسيع مشاركة المرأة وتعزيز دورها في خدمة المجتمع، وأيضا حل مشاكل الثأر وعقد مؤتمر وطني للخروج بصلح عام ينهي مشاكل الثأر ان شاء الله في كل القبل والمحافظات اليمنية . وكل هذه القضايا مندرجة ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس المرشح صالح التي لم يتطرق لها كثيرا في خطاباته الجماهيرية، حيث كان يكتفي بالهجوم علي منافسه الانتخابي في أغلب رسائله الجماهيرية، ويترك التفاصيل لبرنامجه الانتخابي المكتوب. وفي المقابل كان مرشح المعارضة يركز علي قضايا جوهرية تهم المواطنين اليمنيين بشكل مباشر وفي مقدمتها القضايا المعيشية التي يعانون منها، حيث تلمّس همومهم وحاول دغدغة عواطفهم، بالتركيز علي هذه القضايا، التي هي محل إجماع لدي شريحة واسعة من المجتمع اليمني. وفي حين وجّه مرشحا الرئاسة الرئيسيان اتهامات مباشرة لبعضهما، ظلت قضية مكافحة الفساد، القاسم المشترك في خطاباتهما المباشرة للجماهير، والتي استخدمت من قبلهما كل علي طريقته، وصولا الي إقناع الناخبين وكسب ولائهم وبالتالي الفوز بأصواتهم التي ستلعب دورا كبيرا في حسم مصير الرئاسة اليمنية. وكان الشيخ حميد الأحمر العضو القيادي في حزب الإصلاح والمؤيد بشدة لمرشح المعارضة فيصل بن شملان، اتخذ قرارا مناهضا لموقف والده الشيخ عبد الله الأحمر، زعيم حزب الإصلاح الذي أعلن تأييده لترشيح صالح. وكان حميد الأحمر وصف بن شملان في مهرجانه الانتخابي المنعقد بصنعاء أمس الأول بأنه صلاح الدين وأنه قادم عبر صناديق الاقتراع لتخليص اليمن من التتار ، في إشارة الي نظام صالح، علي الرغم من انحدار صالح لمنطقته القبلية. في غضون ذلك ذكر مصدر معارض ل القدس العربي أن الأجهزة الأمنية اعتقلت خلال اليومين الماضيين العشرات من مؤيدي بن شملان بذريعة تثبيتهم لصور بن شملان علي حيطان الشوارع، بينما لم تقبض علي أي من أنصار صالح لذات السبب علي الرغم من الفارق الكبير بين أعداد الصور المثبتة لصالح في الشوارع التي تقدر بمئات الآلاف وبأحجام كبيرة، وبين صور بن شملان التي لا تكاد تذكر أمام العدد الهائل من صور صالح.