تتابع اجهزة الاستخبارات الاميركية بقلق تطورات معركة صامتة في بغداد حول السيطرة على جهاز المخابرات العراقية الذي يرأسه محمد عبدالله شهواني. وكان مجلس الامن القومي العراقي قد اعد مذكرة في الآونة الاخيرة بعنوان "خطة لاعادة تنظيم اجهزة المخابرات" ورفعها الى رئيس الوزراء نوري المالكي. وقال المجلس في مذكرته ان المخابرات العراقية يجب ان تخضع من الوجهة الادارية لوزارة الامن الوطني وذلك على عكس الوضع الراهن الذي يمنح المخابرات العراقية استقلالية واسعة عن حكومة المالكي ويفرد لها وضعا غامضا من زاوية التبعية الادارية والموقع في الهيكل الحكومي. وادى ذلك الى احاطة دور رجال شهواني بقدر كبير من التساؤلات في بغداد لاسيما بعد ما تردد عن مشاركتهم في اعتقال ايرانيين في العراق تقول المخابرات الاميركية انهم من رجال قوات القدس التابعة للحرس الثوري او انهم من عملاء للمخابرات الايرانية. وقد بلغ عدد من اعتقلوا لهذا السبب منذ تشرين الاول الماضي نحو 500 شخص طبقا لتقارير نشرت في واشنطن. وينوي مجلس الامن القومي العراقي تقديم خطته الى البرلمان ايضا بالاضافة الى رئيس الحكومة. ويسبب الامر حساسية شديدة في واشنطن بسبب العلاقة الوثيقة التي تربط بين شهواني وجهزة الامن الاميركية منذ التسعينات. وكان شهواني قد انشق عن نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وشارك مع رئيس الوزراء العراقي الاسبق اياد علاوي في خطة لقلب نظام حكمه بالتنسيق مع المخابرات الاميركية. الا ان الخطة فشلت حين تسربت بعض معلوماتها الى المخابرات العراقية آنذاك مما ادى الى اعتقال عشرات الضباط العراقيين في منتصف التسعينات واعدامهم. وقيل آنذاك ان مسؤلية تسريب الخطة تقع على كاهل المعارض العراقي السابق احمد الجلبي وذلك بعد ان خشى ان يسبق تنفيذ علاوي لخطته ترتيب انقلابي اخرى كان الجلبي وآخرين يعدون لتنفيذه في توقيت مقارب لخطة علاوي - شهواني. وادى ذلك الى توتر شديد في العلاقة بين المخابرات المركزية والجلبي الذي عثر له على حلفاء جدد في واشنطن هم قادة تيار المحافطين الجدد الذي كان يتهم المخابرات المركزية بالفشل والتقصير. الا ان خطة الجلبي فشلت بدورها. وكان ما بقى من تلك الفترة المضطربة هو عداء شديد بات يفصل بين علاوي وشهواني من جهة والجلبي من الجهة الاخرى. وحين كان علاوي رئيسا للوزراء ارتكب خطأ يتمثل في انشاء وزارة للامن الوطني. وكان الهدف من انشاء الوزارة هو ايجاد مقعد وزاري اضافي بهدف تسهيل توزيع الحقائب بين التيارات المخنلفة. ويقول علاوي الآن انه لم يضع اي صلاحيات لتلك الوزارة بالاشراف على المخابرات العراقية التي كانت المخابرات الامريكية قد اولتها اهتماما فائقا من حيث التريب والدعم. غير ان الامور تبدلت باعطاء هذه الوزارة الاحقية في المطالبة باخضاع المخابرات العراقية لها. وفيما يقول الاميركيون ان ذلك سيضع هذا الجهاز الحيوي في ايدي اشخاص على صلة بطهران فان تيارات في الحكومة العراقية تضع القضية في اطار الدفاع عن السيادة الوطنية وعن سيطرة الحكومة على اجهزة الدولة. غير ان الاهمية الكبيرة للحفاظ على الوضع الراهن للمخابرات العراقية تنبئ بأن واشنطن لن تتنازل بسهولة في المعركة الراهنة التي تصورها تقارير واشنطن باعتبارها معركة بين ثلاثة اجهزة للمخابرات الايرانية والعراقية والاميركية.