تمارس جماعة الحوثي التي اعلنت تمردها عن الدولة اليمنية وخاضت معها ستة حروب منذ العام 2004 وحتى العام 2009، ازدواجية في المشهد حيث تشارك بممثلين في مؤتمر الحوار الوطني، في الوقت الذي تستمر في التمسك بمنطق السلاح وخيارات العنف بكافة أشكاله. ودفنت الجماعة الشيعية اليوم الأربعاء، رفات زعيمها الروحي حسين بدر الدين الحوثي "مؤسس الجماعة" بعد 9 سنوات من مقتله على يد القوات الحكومية في محافظة صعدة (242 كم) شمال صنعاء. وعقب مقتل مؤسس الجماعة تقلد الاخ الشقيق عبدالملك الحوثي قيادة الجماعة وخاض ضد القوات الحكومية ستة حروب اخرها في 2009 مخلفة مئات القتلى والجرحى من الجانبين ومن المدنيين. وتسيطر حاليا جماعة الحوثي على محافظة صعدة شبه كليا وعلى أجزاء من محافظات مجاورة كحجة والجوف، وتفرض هيمنتها بقوة السلاح، وتمارس كل خيارات العنف ضد معارضيها. وعلى الرغم من مشاركة الجماعة كطرف في مؤتمر الحوار الوطني الذي انطلق في 18 مارس الماضي وتعد قضية "صعدة" احد اهم قضاياه التسع، الا ان ركون الجماعة لخيارات العنف ما تزال مستمرة وأنهم يستغلون المشاركة في الحوار "كمظلة فقط"، حسب تصريحات لمسئولين محليين. وأكد مسئول محلي لوكالة أنباء (شينخوا) أن أعمال عنف تمارس ضد المدنيين المعارضين لأفكار جماعة الحوثي شبه يوميا، مضيفاً أن مسلحي الجماعة يمارسون أعمال الاختطافات والإخفاء القسري والقتل والتعذيب بحق المواطنين دون اسباب سوى اختلافهم في مع افكار الجماعة ". وحسب المصدر فإن مسلحي الجماعة كذلك يمارسون التحرش المستمر بالمعسكرات المتواجدة على اطراف صعدة وينصبون خياما امام تلك المعسكرات ويفرضون نقاط تفتيش. وأشار إلى أن قوات الجيش تتحاشى باستمرار الدخول في أي اشكاليات مع تلك العناصر بغية عدم تسميم الاجواء التي تحرص القيادة السياسية والحكومة على اضفاء اجواء التسامح وإنهاء الصراعات. وبثت عناصر من الجماعة يوم أمس شريط فيديو، على موقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك" يظهرون فيه وهم يقومون بتفجير معارض لهم بعبوات ناسفة في صعدة. وفي سياق متصل، قال بدر المعنقي رئيس الملتقى الوطني لأبناء صعدة إن هناك تصعيدا ميدانيا ممنهجا من قبل جماعة الحوثي رغم مشاركتهم في الحوار الوطني. وأوضح المعنقي، وهو عضو في مؤتمر الحوار الوطني، فريق قضية صعدة، ل(شينخوا) أن جماعة الحوثي التي تدفن زعيمها حسين اليوم يجب عليها ان تدفن معه اعمال العنف بكافة اشكاله وان تنخرط في الحياة السياسية بعيدا عن الاستقواء بالسلاح. وأضاف " الحوثيون يستغلون الحوار الوطني حاليا كمظلة فقط، وهي فرصة يجب عليهم ان ينخرطوا فيها لإعادة بلورة انفسهم وان يتركوا السلاح وخيارات العنف غير المجدية ". وتابع " الحوثيون يمارسون حاليا العديد من مظاهر التصعيد على الارض بخياراتهم المسلحة وفي مناطق عدة من محافظة صعدة ومناطق اخرى مجاوره ". وواصل قائلا " مظاهر العنف التي تمارسها الجماعة تتمثل في اعمال الاختطافات والإخفاء القسري للمعارضين لأفكار الجماعة، كما يقوم مسلحو الجماعة بتدمير منازل المعارضين على ساكنيها وجباية الاموال بالقوة من المواطنين وكذا نهب الاراضي ونشر نقاط التفتيش في الطرقات التي تصل المحافظة بالمدن الاخرى وكذا داخل المدينة وكافة مناطق المحافظة. وأكد المعنقي أن الحوثيين يسيطرون شبه كليا على صعدة وأنهم يمارسون كل انواع القمع والتنكيل بحق ابناءها خاصة من يعارض افكارهم. وأشار رئيس ملتقي ابناء صعدة الى ان هناك تخليا من قبل الحكومة عن أدوارها تجاه اعمال العنف التي تمارسها الجماعة على المواطنين في صعدة، لافتا إلى أن عواقب وخيمة سيدفعها الشعب اليمني إزاء صمت الحكومة تجاه الاعمال التي تمارسها جماعة الحوثي ضد ابناء المحافظة من المعارضين لأفكارها. بدوره، قال محمد الحكيمي، صحفي يمني مستقل، إن جماعة الحوثي تفرض هيمنتها على ارض الواقع بقوة السلاح، وتخوض في نفس الوقت عملا سياسيا بممثلين في مؤتمر الحوار الوطني. وأوضح الحكيمي أن الحوثيين احتشدوا اليوم لدفن زعيمهم حسين بدرالدين الحوثي، وهذا حق طبيعي لهم ، ففي 2004 قتلت القوات الحكومية حسين الحوثي ولم تبدي للجميع أسباب قتلها له كما لم تبدي للجميع أسباب خوضها حرب صعدة في الاساس. وأضاف " تعاطف كثيرون مع حسين الحوثي باعتباره قتل لكونه متمرد لم يعرف أحد حينها سببا لتمرده ومقتله في آن وهو خطأ كبير تحملته السلطة ". وواصل قائلا " لست منسجما مع شيوع طقوس كهذه لكن جماعة الحوثيين حشدت اليوم كل طاقتها لتكريس دفن مهيب لزعيمها وقد يتحول قبره إلى مزار ديني يقصده انصاره نتيجة لاستشهاده بتلك الطريقة التي قتل بها ". وبالنسبة للعنف القائم في صعدة فهو محسوم سلفا منذ حرب صعدة الأولى 2004، هذا العنف حددت مصيره السلطة". وعن استمرار الجماعة انتهاج مبدأ العنف، أكد الحكيمي أن العنف الذي تجرعه الحوثيون في صعده طيلة 6 حروب، صار وسيلة للجماعة التي تفرض هيمنتها بقوة السلاح. وأشار إلى أن المشكلة هى أن خيارات العنف وقمع النساء وتحريم الاغاني هي الأدوات الوحيدة التي تتقاسمها كل الجماعات الدينية المسلحة في اليمن شمالا وجنوبا .. وهذه للأسف خيارات طاردة. وحول مشاركة الحوثيين في الحوار الوطني واستمرارهم في ممارسه القمع ، لفت الصحفي اليمني إلى أنه في بلد كاليمن يبدو بأن كل شيء ينسجم بالقوة، ولدينا اليوم شيوخ وتجار اسلحة يخوضون حوارا وطنيا في صنعاء، وبينهم من يقتل ومن ثم يستأنف الحوار دون أن يأبه للقانون أو الشرع على الاطلاق. من جانبه، يرى القيادي في الثورة الشبابية اليمنية محمد سعيد الشرعبي، أن الحوثيين يمارسون تكتيك سياسي من خلال مشاركتهم في مؤتمر الحوار، وأن خياراتها الحقيقة قائمة على العنف ومنطق السلاح. وأوضح الشرعبي أن مشاركة جماعة الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني تكتيك سياسي مرحلي ويكشف بوضوح زيف رفض الجماعة لبنود التسوية السياسية، ومع ذلك، تثبت جماعة الحوثي بأن خيارها الاستراتيجي خيارا قائما على العنف. وأضاف "الجماعة نشأت على العنف وتؤمن بمنطق السلاح والقوة في انتزاع وجودها وإلغاء وجود الآخرين، وهذا ما يفسر تناقض سلوك الجماعة وانتهاكاتها بحق المدنيين، وبين التزاماتها كطرف في مؤتمر الحوار الوطني".