ألقى الخلاف السياسي والإيديولوجي في مجتمعنا - الذي لا تزال جهود لملمته تحاول الوصول إلى النور - بظلاله على قضية اغتيال الدكتور عبدالكريم جدبان، التي حاول كل طرف التعامل معها بما يحلو له، وما يخدم هدفه. وسارعت وسائل إعلام النظام السابق وجماعات مسلحة، لاستغلال القضية، فشنت هجوماً شرساً بسيل من الاتهامات التي لا تزال وسائل إعلامها ترددها، صباح مساء، على خصمها اللدود.. مؤكدة أن حزب الإصلاح هو من نفذ العملية، وهو المخطط لها. ووضعت الاتهامات الموجهة للإصلاح بتنفيذ عملية الاغتيال – والتي استبقت نتائج التحقيقات الجارية – استفهامات حول المتورط الحقيقي في الجريمة. نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالإصلاح عدنان العديني، اعتبر من يلجأ لكيل الاتهامات قبل معرفة نتائج التحقيقات، إنما يهدف إلى التشويش على القضية وتفويت فرص الوصول إلى الجاني.. موضحاً: أن الاتهامات ما هي إلا نوع من التآمر على القضية نفسها. وقال العديني - في تصريح ل"مأرب برس": إن اتهام بعض الأطراف لحزبه باغتيال جدبان ما هي إلا محاولة لتيئيس الناس من العملية السياسية، لإيجاد بيئة غير مستقرة تستفيد منها الجماعات المسلحة، منوهاً إلى أن تلك الأطراف تريد أن تبعد القضية عن مسارها القانوني، وتبقيها معلقة لاستخدامها في أي وقت. وأضاف: بأن "الحزب الذي يخلق عبر جولات الانتخاب لا يحتاج ليقول للناس موقفه من العنف؛ لأن وجوده - بحد ذاته - موقفاً من العنف، وأن الحزب الذي يتنفس من صناديق الاقتراع لا يمكن أن يعود لصناديق الرصاص". وأشار إلى أن كل الاستثمارات التي تحصل بعد الاغتيالات، تستهدف العملية السياسية وتقويض فرص التوافقات في المجتمع. ودعا نائب إعلامية الإصلاح جميع الأطراف إلى تحويل هذه القضية لإدانة ثقافة العنف وتنمية ثقافة اللا عنف.. مشيراً إلى أن تنمية ثقافة اللا عنف هو الإجراء الوحيد الذي يمكن أن يحفظ للعملية السياسية مكانتها في المجتمع. من جانبه، قال المحلل السياسي عبدالسلام محمد: إن المستفيد من الحادثة هي جماعات العنف المسلحة، التي لا تريد بناء الدولة وتريد السيطرة على البلد تحت قوة السلاح. وأكد محمد أنه من المستبعد تماماً أن يكون الإصلاح وتيار هادي في المؤتمر، وكذا اللقاء المشترك بشكل عام، ضالع في القضية كونها تيارات سياسية يضرها توتر الأجواء السياسية التي تسعى جاهدة لتسويتها من خلال مؤتمر الحوار. وأوضح أن هناك ثلاثة سيناريوهات متوقعة، في القضية، أولها: هي أن القاعدة من قامت بهذا العمل بمناسبة ما يحدث في دماج، لكنه استبعد هذا السيناريو، مشيراً إلى أن جدبان رجل سياسي، وليس قياديًّا ميدانيًّا عسكريًّا للحوثيين. وعن السيناريو الثاني توقع عبدالسلام محمد، أن تكون "عصابة العنف في النظام السابق"، التي قال: إنها تريد خلط الأوراق في مؤتمر الحوار، هي من نفذت العملية، مشيراً إلى أن هذه العصابة لا تريد حتى للحوثيين أن يندمجوا بالحوار الوطني، متوقعاً حدوث هذا السيناريو بشكل كبير. واستبعد رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، أن يكون الحراك المسلح ضالع في العملية كون علاقة حميمية تربطهم بالحوثيين. وكشف عن سيناريو ثالث، بأن اغتيال جدبان تم عن طريق تصفية حسابات داخل جماعة الحوثي، مشيراً إلى تصريحات رئيس حزب الحق حسن زيد، التي لم يتحدث فيها عن عملية اغتيال، وإنما عملية تصفية – حسب قوله. وحول السيناريو الأخير، توقع عبدالسلام محمد، أن تكون القيادة العسكرية في جماعة الحوثي، التي ترفض تغيير مسار الحركة المسلح إلى السياسي، هي من تقف وراء اغتيال جدبان، الذي قال: إنه المرشح الأول لقيادة جماعة الحوثي المسلحة في المرحلة القادمة، خاصة بعد أن غيرت إيران خطتها من المناورات العسكرية إلى المناورات الدبلوماسية، مشيراً إلى أن جدبان له علاقات قوية مع سياسيي إيران.