المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الحوثيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة: 372 قتيلاً خلال 4 أشهر    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    الرسائل السياسية والعسكرية التي وجهها الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي باليمن.. النقد الدولي يحذر من آثار الهجمات البحرية    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    من يسمع ليس كمن يرى مميز    معاداة للإنسانية !    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"جغرافوية الهوية "
نشر في المساء يوم 13 - 03 - 2014

(اليمن تحتوي على كل ما في العالم) أ/عبدالله البردوني.
*ثمة عوامل مختلفة تحاول الورقة سبرها وتبيانها واستكشاف كنهه أبعادها حيث جعلت الجغرافيا كأحد المحددات والعناصر المشكلّة للهوية في اليمن وصولاً الى جعل الجغرافيا تلك هوية قائمة بذاتها ومعبرة عنها، وهذا ما ستبينه الورقة تباعا وبما يفي بالعنوان ويجلي تلك الأزمة المنتشرة افقياً وعموديا وذلك من خلال الآتي:
أولا: الجغرافيا ذاتها كتاريخ(تاريخية الجغرافيا):
حيث ان لكل منطقة حدودها الخاصة باسم القبيلة كانت او وفقاً للتقسيم الاداري السيء كمحافظة او مديرية او عزلة حيث عملت على ترسيخ ذلك وساعدت في تسيسها ولم تراعي الظروف والعوامل الديمغرافية والتنموية والطبوغرافية بل كانت وفقا لمنظور سياسي سقيم تبعا للمتحكمين بالقرار السياسي والمتفردين به وطريقة عمل النظام السياسي وبناه المختلة واهدافه المرذولة.
ولهذا اضحى لكل منطقة او مديرية او عزلة او محافظة نكهتها الخاصة ولهجتها الخاصة ودينامياتها الخاصة معززة بالعادات والتقاليد الراسخة البنى والمتماهية مع ذلك التقسيم العليل مما جعل للجغرافية تلك واعطاها بعد الثابت المتعاضد (بالسالف) لكل منطقة او قبيلة او فئة او عائلة واضحت ما يمكن تسميته(بالزمنية الهوياتية) المتماهية والمتقاطعة كمفارقة صارخة وفجة مع نرجسية(الانا) المغالية والمنفلتة من كل عقال، سيما وان لكل منطقة او محافظة رموزها الخاصة ومعالمها الخاصة كمارب(سبأ/صرواح)او حضرموت/شبوة، او اوسان وقتبان ومعين وحمير(ذوريدان)وتهامة الاشاعر ومذحج يحابر مراد/عنس،او لحج/يافع، التاريخ القديم مرورا للتاريخ الوسيط او الاسلامي كالأشرفية والرسولية في تعز والحديدة، او الطاهرية في الضالع ورداع واجزاء من ابك بعدان وغيرها، او النجاحية والزريعية في عدن والقرامطة في اب وامتداداتها الى الجنوب والغرب وما الى ذلك او الزيدية صعدة وماجاورها او ماقبل ذلك كحضرموت وصنعاء والجند وغير ذلك .
خصوصا وان لكل منطقة ووفقا لزمنية الهوية وتاريخيتها رموزها ومعالمها ومميزاتها سواء كالرموز الدينية او المعالم الحضارية او الشخصيات الاعتبارية والقيادية والثقافية والتاريخية كحضرموت قبور الانبياء وتريم بمساجدها ومبانيها وزبيد بأرثها وصنعاء بحضورها وعدن بجمالها وكارزميتها اضافة الى الحصون والقلاع والسدود والحضور في فترة متسقة او منقطعة وصولا الى الاضيق كحاشد وبكيل وحمير ومذحج والعوالق وبني هلال المنتشرة او نهد حضرموت او عبيدة ابراد والسراة، يافع والحبيلين العواذل وآل فضل، ناهيك عن الهواشم او السادة او قحطان وما الى ذلك من تمثلات وتموضعات وتشكلات موغلة في التاريخ قدما حقيقية كانت او اسطورية وهمية خرافية أو حقيقة مؤسطرة ومتخيلة وهذا ما ينتج ويبرز وهم الهوية والانتماء وحقيقتها ككل.
هذه الرموز والمعالم والموروث التاريخي المرتبط بالجغرافيا يعززها ويبرزها اكثر عند قراءتنا للتاريخ بطريقة سردية و مبتسره واختزالية واسقاط تعسفي خاطئ ان لم يكن خطيئة، وبهذا يصبح العقل كما يقول برهل(عبارة عن ذهنية مرتبطة بالجغرافيا لا بالتاريخ) والسبب الرئيس في هذا بتصور الباحث لم يقم على ذهنية التساؤلات القلقة احتراما/اين اخطأنا واين اصبنا؟ ما سرّ سيادة منطقة ما واحتلالها المركز ومنطقة القلب في الاحداث تلك على ما عداها؟ ما الظروف والملابسات الداخلية والخارجية؟ وهل تلك المناطق وحضورها المكثف في تلك الفترة قائم بذاته مما اهلها لقيامها بذاتها ايضا؟ ام ان ذلك الحضور كان شيء لم يكن بدون التعاضد الاخر بأخواتها؟
هذه الاسئلة القلقة والقارئة لقارئها ومؤسطرها والمستكشفة للذات والكينونة الاساس هي التي بغيابها سطت تلك النزعات عليها واسقطت عقد اللؤلؤ المنتظم وشوهته واحالته جحيما بعد نعمى،والتي اوجزها البردوني الفذ بقوله: -كنا كعقد لكن لم يجد عنقا**صرنا جناحين لكن اينا طارا؟

ثانيا:الحروب وافرازاتها:

ان الحروب المجترّة باليمن لسبب أو بدون سبب التي قامت باليمن ولاتزال للأسف اليوم قائمة سواء تلك الموغلة في رحم التاريخ كحروب الدويلات والممالك القديمة، وحروب الائمة مع الدويلات تلك في العصر الاموي والعباسي وما تخللتها من احداث او ما بعد قيام الثورتين المجيدتين سبتمبر واكتوبر أو ما تخلل تلك الثورتين من صراعات عميقة وحروب قبلية/قبلية او حروب مشنّة من قبل الانظمة على بعضها او ضد مناهضيها كحروب المناطق الوسطى التي امتدت الى ثلثي اليمن تقريبا وحرب 94 وحروب صعدة الست وحروب ما يسمى القاعدة والارهاب ، وبغض النظر عن اسباب تلك الحروب ووجاهتها من زاوية من قاموا بها وكانوا وقودها او قادتها على حد سواء قد افرزت نتوءات وتصدعات وشروخ عميقة تركت اثارها المدمرة وابرزت امراضا وعللا على مختلف الصعد نذكر ابرزها واهمها:
1-احدثت الحروب تلك انقسامات متعددة وجذرتها وساعدت على انتشار قيمها وثقافتها المهترئة والممقوتة والكارثية وجدانيا وارضا وانسانا وعقلا فأعاقت أي حراك جماهيري شعبي واسع الطيف وذو وزن سياسي واجتماعي معتبر، كما خلقت ورسخت للعصبويات المقيتة والصارخة والفئوية المستقذرة، ووسمت الجميع بحرب الكل ضد الجميع.
2- أبرزت الانتهازية والوصولية وأحالت ثقافة الآباء والنخوة والحمية إلى عار ساعد على الانبطاح والانهزام والتقوقع والتخلف المريع وأصبحت الثأرية هي العنوان، واللاثقة بالقريب هي القاسم المشترك، وان الارتزاق وطلب النجدة والنصرة من الخارج وربما العدو بقصد سحق الخصم واكتساب الوهم-ظنا خطأ-انه في الصواب او عينه وهو مايسميه البر دوني (بالعقدة اليزنية)او ما تنتجه من ثقافة تحكيمية كما اسماها وتوصل اليها الدكتور محمد الظاهري والمسالمة مع الغريب على الخصم القريب.
3-رسخت الاستبداد والتسلطية المقيتة والفاسدة في المجتمع وكرسته مما جعلها بنى وانساق ثقافية يتوارثها الأبناء عن الاباء كأحد الثوابت المركزية وبحيث اتخذت تلك البنى تموضعاتها في عقل ووجدان المجتمع وبحيث (التخلف كأيدولوجية رسمية في التعامل)كما يقول بذلك الشهيد الراحل جارالله عمر قد انتقل الى البنى الاجتماعية وافرازاتها السياسية ككل ومن ثم تغلغلها في قاع المجتمع وتمددها افقيا ناهيك عن انتشارها عموديا.
4- افرزت الحروب تلك واحيت الولاءات الضيقة وكرستها بل والأنكى بررتها واصبحت منهلاً لها ،اضافة الى ان الحروب تلك جعلت الحروب بالوكالة لأطراف اقليمية ودولية أو لأطراف تسلطية في داخل النظام السياسي هي السائدة.
5- شجعت المناطقيه المأفونه والمتعفنة وطيّفت المجتمع واحالته لكنتونات مغلقة وجزر معزولة ومشتتة الجهد ،واضرت بالسلم الاهلي والوحدة الاجتماعية ككل.
6-حاولت قتل روح الاخاء والتعاون وقيم التعاضد وحق الجوار والمصداقية والشيم في النفوس واحالتها الى قيم مسخ ومشوهة.
7-قضت على الطمأنينة والسكينة العامة والوقار في الشخصية اليمنية واستبدلتها بالنزق واللاثقة والقلق العام والاستلاب وحب السيطرة والاستعلاء والانتقام والسلب والنهب المنظم حيث اضحت القوة استراتيجية وهذا ما هو قائم اليوم.
8-انتجت تلك الحروب مجتمعة ما يسمى بسياسة الهوية حيث ضعضعت قيم الانتماء الجامعة واحدثت ندوباً وتصدعات عميقة في غور الجسد اليمني وشخصية اليمن الاعتبارية وانسانها، ففكفكت الروابط الجامعة والوشائج الحميمية والصلات الاجتماعية والاهلية وضربت امن واستقرار المجتمع الاهلي وسلمه.
9-ضربت منظومة القيم والاخلاق والروابط القرابية والولاءات الكبرى والاساس، كما اضرت بالأنساق الثقافية المتداخلة، وجعلتها غير متصلة الا كحرب غير متسقة الاّ كعنف وصراع، غير مستقرة الاّ كإنتقالات وتموضعات افقية وعمودية فولدت الخوف والشك من القادم وضرورة التأهب له وفقا للسيناريو الاسوأ.
10-شيئت الاغتراب وأبرزته ورسمت ملامحه وجدانيا وذهنيا، وافقدت الثقة معانيها الا بالتغلب والصراع والانتقام وروح الثأر او الانهزام والتقهقر المريع.
11-افشت القهر المجتمعي نخبويا وشعبيا، كما اغتصبت الارادة القائمة والكامنة فاصبح الجميع في لحظة انكشاف شامل وان بدرجات متفاوتة.
12-هذا كله صب في صالح النعرات الضيقة والولاءات الاضيق او (الهويات القاتلة) كما يسميها معلوف او (العدمية) بحسب بشارة، الامر الذي شجع وأوجد لظاهرة التشيع والولاءات ماقبل دولتيه كاالعشائرية والقبلية وجرثومة المناطقية التي تتشبث بالجغرافيا، كما قسمت الناس وفقاً للمبدأ(من لم يكن معي فهو ضدي) وخلقت حالات من الصراع المستمر والمدمر وفقا للأعراف(انا عدو ابن عمي ومع ابن عمي ضد عدوي ) وهكذا دواليك من التوهان في متوالية متوازية لا متوازنة.
-هذه الحروب اوجدت اقتصادها الخاص ونسقها الخاص وثقافتها الخاصة حيث اضحت الحروب تلك معيارا للحضور والابهة الزائفة وخطوة لامتلاك وحيازة القوة وامتلاك القدرة من ثم فأنتجت كيانات مسخ وقيم شوهاء وادعاءات مهترئة وساقطة بكل ما للكلمة من معنى.

ثالثاً: جغرافية المورد الاقتصادي و الثروة:
حيث ان ثمة مناطق بعينها كمديريات او محافظات او حتى رقعة جغرافية اكبر لها ميزات في مجال معين ويمثل العصب الحيوي والشريان الرئيس للنظام السياسي برمته كالنفط والغاز وما يقوم به هذا القطاع الاكثر حيوية واكثر تعبيرا عن ذلك هي محافظات بعينها كحضرموت ومارب وشبوة، اضافة الى الموانئ ودرجة الحضور المرتبط بالحدود السياسية مع الدول المحاذية او المتاخمة كالموانئ البرية في حضرموت والمهرة وصعدة والجوف او الموانئ البحرية كعدن وحضرموت وسقطرى والحديدة وتعز وحجة وامكانيات محافظات اخرى ان تكون لها هذه الميزة واكتسابها.
كما ان حضور قطاعات صناعية وتجارية ك تعز والحديدة وعدن وحضرموت حفّز محافظات اخرى كذمار وصنعاء حتى صعدة الان ولحج وابين وغيرها على ان تكون كذلك، ناهيك على ميزات بعض المحافظات كالحديدة في الخضروات والفواكه والمياه او ابين في سدها وانتاجها للقطن او حضرموت بسعتها المساحية وتنوعها الى صحراء وواد او مارب بواديه الشهير وسدها الاشهر وما الى ذلك كالقلاع والحصون والمدن والقرى المعلقة، أو يافع بهندستها المعمارية ونمطه كما هي صنعاء أو زبيد او تريم او شبوة بقصورها، كل ذلك حفز تلك المناطق للتشبث بهوياتها وادعاء خصوصياتها ومزارعها في الفواكه والتمور وحتى انتاجها واحتوائها للأحجار (الرخام) وغيرها من المحافظات التي توجد بها معادن نادرة كا الذهب في صنعاء وحجة وغيرها او حتى المعالم السياحية من خلال المناطق الاثرية كمارب/ المحويت/اب/ذمار وغيرها الكثير الكثير كمحميات عتمة وحوف والمياه الحارة وغير ذلك.
ناهيك عن اتصال وحضور بعض المحافظات واكثرها بالبحر والمخزون السمكي كغذاء وصولا لمناطق فيها الرعي وتربية الدواجن وانتاج اللحوم بمختلف انواعه، كل هذا يشجع ويخلق حالة من الوهم والحقيقة على حد سواء بانها متميزة وتستطيع العيش خارج ذلك الاكبر الذي هو اليمن دون تحري وسبر وبحث معمق.
رابعاً: جغرافية المورد الاقتصادي والعامل الديمغرافي:
حيث ولّدَ التفاوت الاقتصادي والاختلال التنموي المتعاضد مع العامل الديمغرافي حيث المقارنة بما تنتجه منطقة ما مقارنة ببنيتها الديمغرافية والخلل البنيوي العميق في النظام الاقتصادي والتخطيط التنموي المختل وغير الموجود احايين كثيرة الى تشيؤ لماهية الجغرافيا تلك كهوية معززا بالشعور بالضيم والتهميش والاقصاء والمحاباة والمحسوبية القرابية وذات الولاءات الاضيق تبعا لعمل النظام الاقتصادي كأحد تشكلات النظام السياسي الى هذه الظاهرة وابرازها تغذيها العوامل المختلفة بأبعادها التي ذكرنا او التي سناتي لذكرها وتفصيلها احيانا.
وابرز مثال على ذلك هو حالة الجنوب اليوم والمسألة الماربية او التهامية او حتى داخل تلك المسميات والعناوين المختلفة فبقدر ما يكشف ذلك عن نمو وتسيد للهويات الجغرافوية بفئويتها المستقذرة ،بقدر ما يكشف عن الخلل البنيوي العميق في بنية النظام السياسي وطريقة عمله وادائه وانسحاب ذلك الى تعميم خطأه وخطيئته على شكل الدولة الملتهمة من قبل تلك التسلطية الفئوية.
الامر الذي ادى ويؤدي الى الاحتماء بالجغرافيا ظناً من معتنقي ذلك الى انها كفيلة بإزالة الاحتكار الاقتصادي والخلل في السياسات التنموية يشبع ذلك الشعور البنية الديمغرافية الضعيفة والموارد الاقتصادية الكبيرة مقارنة بالمناطق الاخرى بسكانها وماهي عليه اليوم، خصوصا وان النظام قد استخدم هذه الورقة تحديدا وبصورة صارخة وعلى اساس مناطقي بالتعيينات لشغل الوظائف وتسيسها بطريقة فجة ووقحة، سيما وان هذا الخلل يكشف عن سوء تعليم وجهل كبير وصحة متردية وما الى ذلك، على الرغم من انك تجد جميع سكان ومنتمي تلك المناطق الجغرافوية تجأر بالشكوى وترفع عقيرتها بالوسائل الاعلامية والمنتديات المختلفة بما فيها حتى موطن المحتكرين لكل ذلك وسببه الرئيس.

خامساً: جغرافية العامل السياسي والنفسي والثقافي:

*السياسية:
وتتمثل بالاتي:
1-خلل النظام السياسي البنيوي والعميق والذي صمم لصالح فئات ومناطق بعينها، مما اشعر الاخرين بالضيم والاقصاء والتهميش وحتى احساسهم على انهم توابع لمناطق اخرى وملحقة بها وليسوا شركاء الامر الذي نفى الوطن اولا كجامع ومن ثم انسحابه على المواطنة وقيمها وحقوقها، فشاعت انتقادات من قبيل ضم والحاق.
2-جعل الجغرافيا تلك للأسباب والعوامل المختلفة المذكورة آنفا كجزء من الزبونية السياسية كتعيين الوزراء او المحافظين او المدراء العموم والتنفيذيين والوكلاء وحتى الدبلوماسيين من مناطق بعينها او فئات بعينها مما شجع على الفرز والاستقطاب واثار حدتهما، اضافة الى الانقسامات الولائية والقرابية والولوج غصبا بكهوف الجغرافيا طمعا في الاحتماء واكتساب المنعة وامتلاك الحظوة في التعيين والوصول الى المراكز المتقدمة في بنية صنع القرار ومركزه، ناهيك عن استثمار القوة بالجغرافيا لاحتيازها بالدائرة الاوسع، فوسع ذلك من الولاءات الفرعية وعمل على تخلقها وفق فئوية مقيتة للطبقة والنخبة والحزب والقبيلة والمذهب والطائفة والمنطقة.. الخ.
3-الفساد السياسي كأساس للفساد الاخلاقي والاداري والمالي سيما القائم على المحسوبية والمحاباة وولاءات الثقة لا الكفاءة والنزاهة ومعايير الشفافية والولاء الوطني الجامع كوطن، الامر الذي تسبب بجعل الجغرافية تلك نسقا للسياسة القائمة وفساد وتسلط النظام القائم، وبحيث تكون الجغرافيا تلك منكفئة ومنغلقة ومتقوقعة فيه وغير منافسة لرأس النظام ومحتكري قراره على المستوى العام والفوقي وهذا يعزز من استمرار النظام لا استقراره الهش اصلا.
4-غياب مفهوم الدولة وفلسفتها وروحها اساسا فضلا عن غياب ارادتها لدى المستحكمين بهوان الدولة ليست سوى السلطة التي هي عبارة عن جهاز حكم لا جهاز خدمة، سيما وان طريقة اداء وسلوك النظام السياسي كان قائما على التحالفات الجهوية والعصبويات القرابية والخراجية والمذهبية والمناطقيه والقبلية، ولهذا رأينا (البطنين مقابل النهدين) وسبق ولخص المفكر والسياسي الجسور –جار الله عمر- ذلك بقوله(ان طريقة واداء وسلوك نظام ما في الحكم هي من تحدد نوعية المعارضة له والخروج عليه) فلا غرو اذن من رؤية الجنوب مقابل الشمال، أي الجهوية والبطنين مقابل النهدين، والمشترك وشركائه امام المؤتمر وحلفائه وهكذا.
*النفسية:
1-وأخطر ما فيها ان تلك العوامل والاسباب مختلفة ابانت وافصحت عن سيكولوجية الفخر بمنطقة ما بثرواتها برموزها بمعالمها بتاريخها بديمغرافيتها وبيئتها ككل مقابل سيكولوجية القهر والاذلال المتبعة من لدن النظام السياسي برمته حيالها، وان اظهار تفوقها الهوياتي (نحن) لن يكون او يمر الاّ بحط قدر الاخرى المضادة او الموازية لها والمتصادمة معها، يغذي ذلك الاحساس بالإحباط والافق المغلق او المنفتح نصف دائري لدى بعضها، وبالتالي فإبراز وتجذر ثقافة المناطقة وجرثومتها المنتنة والموبوءة سيد الموقف.
*الثقافية:
1-وبحيث ولّدت تلك العوامل المختلفة وبنسب واوزان متفاوتة لثقافة سياسية اضحت سبباً ونتيجةً معاً، أي بقدر ما ان تلك الاسباب المختلفة تؤدي الى انتاج ثقافة سياسية هوياتية قائمة على الجغرافيا كمؤئل وحاضن بقدر ما تصبح تلك الثقافة السياسية سبباً في تفشيها وابرازها وتجذرها ومن ثمّ استفحالها ومؤشرا شاهدا على التأزم الذي وصلناه اليوم مجتمعياً، بانتشاره وتمدده افقيا وعموديا وبصورة صارخة وحادّة لم تشهده اليمن من قبل .
2-كما تكشف الازمة المركبة والمعقدة والمستفحلة تلك عن حقيقة ساطعة، وهي حقيقة التعدد والاختلاف والتنوع والتي لم تأخذ بها أيا من الانظمة السياسية الحديثة وحتى القديمة والمتوسطة حدّ علمنا وان اشتهار ايجابي ببعض الانظمة القديمة في فترات متقطعة ربما يكون قائما على تلك الحقيقة حيث ثمة شواهد قد تمثل دليلا يحتذى لمزيد من التحري والبحث وما عبارة البردوني(اليمن تحوي على كل ما في العالم)الاّ احد مؤشراتها وشواهدها التي تتطلب سبرا علميا ومعرفيا متكاملا. -ولهذا نجد ان تركيبة أي نظام سياسي كانت قائمة على الضد كما اوضحنا مما سبب عجزا وتهشيما وتهميشا للدولة والمجتمع ككل، أي بلغة مختلفة ان غياب هذه الحقيقة هي اس البلاء برمته والصمم الكبير هذا والتقوقع المضيم والمميت.
3- كما ان غياب النوادي وانحسار نسب التمدن والتحديث للعوامل المختلفة سيما الحروب، ناهيك عن فصل الجامعة عن حقيقة المجتمع وخدمته وغياب وسائل التواصل والمواصلات بوصفها شريان للحياة بفعل الحروب او التضاريس الصعبة والطبوغرافيا المتنوعة والقاهرة احيانا، واختلال بنية النظام السياسي وسوء ادائه وسلوكه، وعدم قيام المدن واستحداثها بل والتصحر الثقافي والحضري والمديني لمراكز مهمة وحواضر جليلة كانت او ما قام مؤخرا وحديثاً احد تلك الاسباب والنتائج التي ادت لذلك، كما ادت لتعزيز تلك السلوكيات الخاطئة والمشينة وعملت على خلقها وابرازها بهذه الصورة المأزومة اليوم والمتأزمة جغرافيا وانتماء.
وعليه فالحل يكمن بالاعتراف اولا بحقيقة التعدد والاختلاف والتنوع شريطة ان لا يخرج ولا يحيد عن المواطنة ثقافة وسلوكا وموقفاً ابتداء واضافة الى اتخاذ ما ضمناه في الورقة عن طريق التشخيص ومعرفة الاسباب المؤدية لذلك والتي على ضوئها نستطيع وضع الحلول والمعالجات مستأنسين ومتخذين من استراتيجية الحل ومنظار الفهم المذكورة بالتوطئة مدخلاً لوضع حد لكل ما تمت مقاربته في الورقة هذه او ما تفضل زميلاي الباحثين به مع امكانية فتح حلقات نقاش معمقة بشأن مسألة اكثر من مهمة كأزمة الانتماء والهوية وما يتصل بها من اندماج ودولة ومجتمع ككل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.