كشفت شبه جزيرة القرم عن النقص المثير للقلق في الواقعية التي اتسمت بها السياسة الخارجية في ظل الرئيس الأميركي باراك أوباما. وهذه النظرة العالمية، أو غيابها، هي التي يجب أن تتغير. على مدى خمس سنوات، قيل للأميركيين إن "الحرب بمدها وجزرها آخذة في الانحسار"، ويمكننا أن ننسحب من العالم بتكلفة محدودة على مصالحنا وقيمنا، وهذا بدوره غذى التصور القائل إن أميركا ضعيفة. وهذه هي الطريقة التي نظر بها بوتين إلى سياسة "إعادة الضبط". فخطط الدفاع الصاروخي للولايات المتحدة تم تحجيمها، والحلفاء في شرق أوروبا وجورجيا تم تقويضهم، وتوسيع "ناتو" تم تأجيل النظر فيه. أما معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة فقد استلزمت تخفيضات كبيرة من قبل أميركا لا روسيا. ورأى بوتين افتقار العزم في تحركات الرئيس أوباما ما وراء حدود أوروبا. في أفغانستان والعراق، بدت القرارات العسكرية مدفوعة اكثر برغبة في الانسحاب منها بتحقيق النجاح. والأسوأ من هذا كله كان تجاوز الرئيس السوري بشار الأسد "الخط الأحمر" المتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا. ويرى بوتين سقوط الاتحاد السوفييتي "الكارثة الجيوسياسية الأكبر في القرن"، ولا يقبل أن يكون جيران روسيا دولاً مستقلة، وخصوصا أوكرانيا. بالنسبة له، تلك الدول "الخارج القريب" لروسيا وينبغي إعادتها تحت سيطرتها بأي وسيلة من الوسائل الضرورية. ويكمن الأمر الأكثر إثارة للقلق بشأن غزو بوتين لشبه الجزيرة القرم أنه يعكس عدم اعتبار متزايد لمصداقية أميركا في العالم. وهذا الأمر عزز جهات فاعلة عدوانية أخرى، من القوميين الصينيين إلى إرهابيي تنظيم القاعدة. وينبغي أن تشكل شبه جزيرة القرم المكان الذي يعترف فيه أوباما بهذا الواقع ليبدأ في استعادة مصداقية أميركا كزعيمة للعالم، وهذا سيتطلب نوعين مختلفين من الردود. الأول والأكثر إلحاحا يكمن في إدارة الأزمات. ونحتاج إلى العمل مع حلفائنا لدعم أوكرانيا، وطمأنة أصدقاء خائفين في أوروبا الشرقية ودول البلطيق، وإظهار جبهة قوية موحدة أمام بوتين، ومنع الأزمة من التفاقم. وهذا لا يعني تحركا عسكريا ضد روسيا، لكن يجب أن يعنى فرض عقوبات على المسؤولين الروس، وعزل روسيا دوليا، وزيادة الوجود العسكري والتدريبات العسكرية لحلف "ناتو" على حدود روسيا الشرقية. وينبغي أن يعني أيضا مقاطعة قمة الدول الثماني في سوتشي، وبذل كل جهد ممكن لدعم الوطنيين الأوكرانيين وتوفير إمدادات لهم، سواء الجنود أو المدنيين، في جميع أنحاء شبه جزيرة القرم والذين يرفضون تقطيع أوصال البلاد، وهذا ما ينبغي أن نرفضه أيضا. نظرة مستقبلية ويجب أن تتطلع الولاياتالمتحدة إلى أبعد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فنظامه قد يبدو فارضا لذاته، لكنه يتعفن من الداخل. وروسيا تحت قيادته ليست قوة عظمى على قدم المساواة مع أميركا، بل محطة غاز يديرها نظام فاسد أوتوقراطي. وفي النهاية، سينقض الروس على بوتين بالطريقة نفسها وللأسباب نفسها التي انقض الأوكرانيون على الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش. وينبغي أن نستعد لهذا اليوم، ونظهر للشعب الروسي أننا ندعم حقوق الإنسان لديهم من خلال توسيع قانون ماغنتسكي لفرض مزيد من العقوبات على الذين يسيئون اليهم، وأن نتوقف عن السماح للمسؤولين الأكثر فسادا في بلادهم بأن يستثمروا عائدات غير مشروعة في الاقتصادات الغربية. علينا أن نبرهن على أن بلدانا مثل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا لديها مستقبل في المجتمع الأوروبي الأطلسي، وكذلك بإمكان روسيا أن يكون لها ذلك أيضا.
اغتنام الفرصة
قد تقع شبه جزيرة القرم تحت السيطرة الروسية، لكن أوكرانيا لديها فرصة أخرى للحرية وحكم القانون والمستقبل الأوروبي. وفي سبيل اغتنام هذه الفرصة، ينبغي على قادة أوكرانيا توحيد الأمة والالتزام بالإصلاحات، ويتعين على الغرب في المقابل أن يوفر مساعدات مالية كبيرة لها وغيرها من المساعدات. أخبار من الرئيسية واشنطن بوست": أزمتا "القرم" واختفاء الطائرة الماليزية تظهران ضعف الولاياتالمتحدة تسريبات نص مشاريع قرارات القمة العربية الخامسة والعشرين في الكويت بعد أيام من إستقالة إيمان عياد : ليلى الشيخلي تعلن إستقالتها من قناة الجزيرة أين الطائرة الماليزية؟ وماذا حصل؟