لا جديد في مسألة مشاركة الجنوبيين في مؤتمر الحوار فعلى خلاف المأمول لدى الاطراف السياسية المتحمسة للحوار الوطني هنا في صنعاء عاكست المواقف الجنوبية المعلنة تلك الطموحات والآمال في مشاركة جنوبية واسعة بمؤتمر الحوار الوطني الذي سيعقد خلال أيام بالعاصمة صنعاء ووفق شروط ومعايير طرحها أطراف الوفاق الوطني بمساندة دولية . ينحسب الصريمة ويهدد آخرون بالإنسحاب وتصر قيادات حراكية في الداخل على موقفها المقاطع وكذلك القيادات في الخارج ما تزال متمسكة بمواقفها ما يؤكد أن كل الحديث عن أي إنفراج ليس سوى أخبار إعلامية ليس لها أي اساس في الواقع . المواقف الجنوبية المفاجأة للجميع مستمرة منذ أسابيع وعبر عنها عدد من قادة ورموز القضية الجنوبية وعلى رأسهم من شاركوا في لقاء دبي الأخير الذي كان مخصصاً لإقناع أولئك القادة بالعدول عن مواقفهم وإعلان مشاركتهم في الحوار حيث بذلك المبعوث الأممي ومعه أطراف دولية أخرى جهود كبيرة بهدف تغيير مواقف القادة الجنوبيين إلا أن المهمة لم تنجح بالمستوى المطلوب , فقد خرج حيدر أبو بكر العطاس من الإجتماع في دبي ليعلن إن الحراك الجنوبي لن يشارك في مؤتمر الحوار اليمني بحسب الصيغة المطروحة أمامه، مشيراً إلى أن هناك قوى تريد أن يحضر الجنوب المهزوم إلى مؤتمر الحوار وهو أمر مرفوض تماماً. والتقى الموفد الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر ، شخصيات من "الحراك الجنوبي" بهدف إقناعها بالمشاركة في الحوار الوطني لإخراج البلاد من الأزمة السياسية، لكن ممثلي الجناح المتشدد في الحراك، بزعامة نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض، انسحبوا من الاجتماع بعدما سلموا بن عمر قائمة بمطالبهم، وفق ما أفاد به مشاركون. وقال خضر الجعري، أحد ممثلي تيار البيض، لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما زلنا على موقفنا بمقاطعة الحوار»، مؤكدا عدم القبول بأي حوار إلا بين الجنوب والشمال. ويطالب أنصار البيض بانفصال جنوب اليمن الذي كان دولة مستقلة حتى عام 1990 النظام في صنعاء مارس ضغوطاً غير عادية من أجل إقناع قادة الحراك والجنوب في الخارج الى المشاركة في الحوار الوطني حيث أعلن مؤخراً عن إجراءات رسمية تصعيدية تجاه بعض القادة كالرئيس السابق علي سالم البيض الذي يرفض من حيث المبدأ أي حوار مع نظام صنعاء ويدير نشاطة السياسي والإعلامي في الخارج من أجل إستعادة الدولة الجنوبية وهذا ما أزعج نظام صنعاء الذي كان قد أعلن في وقت سابق أن سيكثف تحركاته الدبلوماسية من أجل إيقاف نشاط البيض وإغلاق قناة عدن لايف وهي القناة المتحدثة بإسم الحراك المطالب بالإنفصال وقبل أيام قال مصدر رسمي أن السلطات في صنعاء تدرس حالياً إعداد مذكرة رسمية إلى "الانتربول" الدولي لاعتقال علي سالم البيض الموجود حالياً في بيروت وتسليمه إلى اليمن بتهمة السعي لإشعال حرب أهلية في البلاد. و نقلت صحف يمنية عن المصدر قوله ان من ضمن التهم الموجه لعلي سالم البيض "الخيانة العظمى بالعمالة لإيران واستلام أموال وأسلحة منها لإذكاء الفتنة والقيام بأعمال التخريب في الجنوب". وأشار المصدر إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد تلقي صنعاء ضوءً أخضر من مجلس الأمن الدولي بذلك. وكان مصدر مقرب من البيض قد أكد أنه رفض هو أو أي من أتباعه في الجناح "الحراكي" المطالب بفك ارتباط جنوب اليمن عن شماله رفض المشاركة في لقاء القيادات الجنوبية مع مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن/جمال بن عمر في دبي. التحرك الدبلوماسي اليمني جاء بعد ساعات من إلتئام الجنوبيين في لقاء خصص لإقناعهم بالمشاركة في مؤتمر الحوار عقد في دبي عبر فيه المشاركون عن وجهات نظرهم بشأن القضية الجنوبية، حيث تم التأكيد على الأهمية الكبرى التي تكتسبها القضية الجنوبية بالنسبة لاستقرار وأمن المنطقة. وتم الإتفاق على الآتي: • أولا، لا يمكن للقضية الجنوبية أن تحل بشكل مناسب إلا في إطار سلمي. ونحن نشيد بروح العمل السلمي التي يتبناها الحراك الجنوبي ونشدد على ضرورة التمسك بهذا الخيار ومقاومة كل محاولات الانجرار نحو العنف حتى في ظل الاستفزازات. ونعلن جميعنا التزامنا بنبذ العنف وبذل كامل جهودنا للحيلولة دون حدوث أية أعمال عنف. • ثانيا, اتفقنا على أن حل القضية الجنوبية يجب أن يكون عبر الحوار فقط وأنه ليس هنالك من بديل عن الحوار لتسوية هذه القضية سلميا. • ثالثا, ندين أعمال القتل والاعتقالات غير القانونية ونطالب بالإفراج عن المعتقلين والكف عن استخدام العنف ومعالجة الانتهاكات الأخرى. • رابعا, نعبر عن قناعتنا بإمكانية البناء على روح الحوار التي سادت خلال هذا الاجتماع التشاوري. ونتطلع إلى عقد لقاءات مستقبلية بإشراك جميع المكونات السياسية والحراكية المؤمنة بالقضية الجنوبية. وفي هذا الإطار نأمل تنسيق الجهود بين الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.
كل تلك المواقف جعلت الرئيس هادي والمتحمسين لمؤتمر الحوار الوطني ماضون في التحضير والإعداد له رغم رفض قيادات الحراك الجنوبي حيث ستكون القضية الجنوبية على رأس أجندة المؤتمر في الوقت الذي يقاطع فيه قياديون جنوبيون المؤتمر وهذا ما دفع متابعين ومهتمين الى إثارة التساؤل حول جدوى مناقشة القضية الجنوبية في ظل عدم مشاركة الجنوبيين أو أهم رموز القضية . مراقبون أكدوا أن النظام في صنعاء أعتمد منذ وقت مبكر على قادة حراكيين موالين له سيمثلون القضية الجنوبية ناهيك عن شخصيات جنوبية أخرى هي جزء أساسي من تركيبة النظام الحالي وتمارس نشاطها السياسي داخل اليمن رغم أن هناك شكوك حول مدى إرتباطها بفصال الحراك الحامل الشرعي للقضية الجنوبية .
وما يؤكد ذلك هو تحركات الرئيس هادي منذ توليه السلطة لكسب ولاء الكثير من قيادات الحراك ناهيك عن إرتباطات بعض القياديين بجهات بصنعاء حيث يتهم القيادي عبدالله الناخبي بعلاقة وطيدة مع حزب الإصلاح وتحديداً مشائخ نافذين وهو ما دفع نحو الخلافات في أوساط الحراك منذ وقت مبكر أو بالأصح مع إندلاع الثورة الشبابية الشعبية فالناخبي وقيادات أخرى توصف مواقفها بالمعتدلة بالنسبة للحوار الوطني ومختلف القضايا حتى تلك المتعلقة بمصير الجنوب وصيغة شكل النظام السياسي .
وعلى ما يبدو أن الكثير من القادة الجنوبيين فقدوا الثقة حتى في النظام الحالي الذي على رأسه شخص جنوبي وهو الرئيس عبدربه منصور هادي فالجفري مثلاً وهو من أوائل المتحمسين لمشروع النظام الفيدرالي يرى اليوم إلى أن الثقة والتحاور على اسس ومبادئ متفق عليها مسبقاً هما الضمان الأساسي للدخول الى مؤتمر الحوار .
النظام في صنعاء يحاول بكل ما أوتي من قوة العمل بعيداً عن قيادات الحراك وحتى لا يتأثر الحوار الوطني بمواقف تلك القيادات فقد سعى منذ اسابيع على إعادة الكثير من المبعدين والمسرحين إثر حرب صيف 94الى أعمالهم في الجيش والأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية إلا أن اللجان المكلفة بمهام الحصر وجمع المعلومات وترتيب الأوضاع لم تستطع حتى اللحظة تحقيق أي تقدم ما يعزز من إحتمالات تأييد جماهيري لمواقف قيادات الحراك الجنوبي الرافضة للحوار
في الوقت التي أثارت تصرفات ( لجنة معالجة قضايا الموظفين والمبعدين عن وظائفهم في المجالين المدني والعسكري بالمحافظات الجنوبية ) ردود أفعال غاضبة لدى المتقدمين لمعالجة قضاياهم من مختلف المحافظات الجنوبية والذين عبروا عن استيائهم الشديد من المعاملة السيئة التي تعاملت بها اللجنة معهم واصفين لجنة معالجة القضايا بالكاذبة والمتلاعبة .
وقال المبعدون عن وظائفهم والمظلومين من أبناء من أبناء المحافظات الجنوبية : قدمنا من مختلف المحافظات لمقابلة اللجنة المكلفة بمعالجة قضايانا والتي قامت بصرف عدد محدود من الاستمارات الخاصة بالبيانات يوم أمس الأحد حيث يشكو الكثير من المبعدين والمسرحين قسرياً من أعمالهم أن اللجنة لم وعدت بإستكمال صرف الإستمارات للمبعدين حتى يتم تعبئتها بالبيانات لتخفيف الضغط على اللجنة التي لم تستطع تغطية الطلب من الاستمارات وعندما عدنا لتسليم ملفاتنا تفاجئنا برفض اللجنة قبولها بحجة أن الاستمارات ليست مصورة في الوقت الذي طالبنا اللجنة بصرف الاستمارات الأصل وامتنعت بذريعة نفاد الكمية المبعدين أستنكروا ما أسموه تلاعب اللجنة متهمين إياها ببيع الاستمارات الأصل واصفين اللجنة بالكاذبة مشيرين إلى أنه تم تصنيف المعالجة إلى ثلاث فئات ( أ ) أبناء المناطق الشمالية ( ب أبناء المناطق الوسطى ( ج أبناء المناطق الجنوبية ) لافتين إلى أن من بين الفئة ( ج) تم معالجة قضايا (96 ) فردا من محافظة عدن ( المرتبات فقط) إلا أنه لم تتم تسويتهم أسوة بزملائهم من المناطق الشمالية الذين تمت معالجة قضاياهم (100% ) مشككين في نزاهة ومصداقية وجدية اللجنة في معالجتها قضايا المظلومين والمبعدين من وظائفهم من أبناء المناطق الجنوبية منوهين إلى أن كل الأسماء موجودة في الكمبيوتر ( وزارة الدفاع ) إذا ما كانت تنوي معالجة القضايا العالقة هذا وكان المئات من أبناء المناطق الجنوبية تجمهروا اليوم أمام مقر اللجنة احتجاجا على غياب المصداقية مرددين هتافات ( ثورة ثورة ياجنوب )
مناشدين رئيس الجمهورية التدخل العاجل لتجسيد المصداقية في حل قضايا الجنوبيين سيما وأن بين المظلومين والمبعدين عجزة وأسر شهداء لا قدرة لهم على تحمل المماطلة .
الوضع الأمني في المحافظات الجنوبية لا يزال متوتراً واحداث فبراير ما تزال تلقي بظلالها على الواقع اليومي المعاش وسط إتهامات متبادلة بين التجمع اليمني للإصلاح وقيادات حراكية حول الوقوف خلف تلك الأحداث التي خلفت قتلى وجرحى فقد شن حزب التجمع اليمني للإصلاح هجوماً على السلطات المحلية والأمنية في محافظة حضرموت وعلى رأسها المحافظ خالد الديني عقب أعمال عنف طالت عدد من مقرات الحزب في فبراير الماضي . ونقل موقع (الصحوة نت) التابعة لحزب (الإصلاح) بأن اللجنة الحكومية المكلفة بتقصي الحقائق في أعمال العنف التي وقعت بحضرموت في أواخر فبراير الماضي أوصت بإجراء تغييرات سريعة تشمل إقالة قيادات السلطة المحلية وعلى رأسهم المحافظ واستبدال جميع القادة الأمنيين ، إلا أن رئيس اللجنة الدكتور أحمد عبيد بن دغر نفى تلك المعلومات وقال أن ما أوردته بعض المواقع عن تقرير اللجنة غير صحيح. وقال بن دغر : "ما نشر بعيد كل البعد عن وجهة نظر اللجنة" الحراك الذي طالب في وقت سابق بلجنة تقصي حقائق دولية ما زال يتهم الإصلاح بالوقوف خلف تلك الاحداث والتسبب في قتل وجرح العديد من أنصاره ناهيك عن إتهامات للإصلاح بأنه يقوم بتأجيج الأوضاع في الجنوب من خلال الدفع بجماهيرية للإصطدام بقوى الحراك . أخيراً سنجد أن النظام السياسي في صنعاء فشل فشلاً ذريعاً في إعادة الثقة أو بنائها لو صح التعبير مع القادة الجنوبيين ولعل ما يؤكد ذلك هو أن الرئيس هادي رفض في وقت مبكر أو تقاعس عن تنفيذ النقاط 20 حيث يرى مراقبون أن تنفيذ تلك النقاط كان كفيلاً في الوصول الى مؤتمر حوار وطني يضم الجميع ويشارك في الجميع إلا أن بعض الأطراف وعلى رأسها الإصلاح ضغط بإتجاه عدم تنفيذ تلك النقاط وعلى رأسها تقديم إعتذار رسمي للجنوب ولصعدة في الوقت الذي ذهب فيه النظام الى تقديم بعض المعالجات والوعود التي لم تقدم شيئاً ولم تغير أي شيء على أرض الواقع . الكثير سيطرح تساؤلات عدة حول مدى شرعية تمثيل من سيشارك من الجنوبيين في مؤتمر الحوار لأبناء المحافظات الجنوبية وقضيتهم وهل مقاطعة أطراف وقيادات عدة من الحراك سيغير من الامر شيئاً أم أن المشاركين بالحوار سيخرجون بحلول وتوصيات لمعالجة القضية الجنوبية أم أن مقاطعة فصائل الحراك ستؤثر فعلاً على فعاليات المؤتمر رغم ان الرئيس هادي ومستشارة السياسي الدكتور ياسين أكدوا في تصريحات سابقة أن القضية الجنوبية ستكون على راس القضايا المطروحة على طاولة الحوار فيما قال ياسين أن عدم مشاركة البعض ليس مشكلة بالنسبة لسير إجراءات المؤتمر .