هناك خلف الكواليس يتدارس مسئولين وسياسيين كيفية تمرير كارثة جديدة ستحل على أبناء الشعب اليمني خلال الأشهر القادمة وستؤدي حتماً الى ما لا يحمد عقباه حتى وإن حاول بعض المستشارين والوزراء التقليل من تبعات قرار رفع كامل الدعم عن المشتقات النفطية .. هذا القرار الذي كان خطاً أحمر في عهد الحكومات السابقة وطالما كان النظام السياسي بأكملة يعلن حالة الإستنفار كلما قرر رفع بعض الدعم عن أسعار المشتقات النفطية بسبب تبعات ذلك على المواطن اليمني وخشيته من غضب شعبي عبر عن نفسه أكثر من مرة وكان آخرها في 20يوليو 2004م عندما خرج عشرات الآلاف من المواطنين الى الشوارع رفضاً لقرار الحكومة حينها رفع أسعار بعض المواد وأدت أعمال الفوضى الى مقتل العشرات . حكومة باسندوة لا تلقي لكل ذلك أي إعتبار فمؤخراً بدأت الحكومة بدراسة إصدار قرار رفع الدعم نهائياً عن المشتقات النفطية وهذا ما سيؤدي الى إرتفاع جنوني في أسعار كل المواد الغذائية ناهيك عن إرتفاع أسعار المواصلات وسيصل الأمر الى كافة الخدمات المرتبطة بالمشتقات النفطية . لا تبريرات حقيقية للحكومة التي بدأت بالتشاور مع أطراف دولية حول هذا القرار التي تقول عنه الحكومة بأنه يأتي في إطار عملية الإصلاح المالي والإداري وإستجابة لنصائح أصدقاء أجانب منهم البنك الدولي . المواطن البسيط لا يدرك حجم المؤامرة على قوتة اليومي وعلى مصدر رزقه وحجم الخناق الذي التف على رقبته خلال العامين الماضين حيث مررت حكومة الوفاق جرعة سعرية مستفيدةً من غياب مادة البترول وكافة المشتقات النفطية عن العاصمة ومدن عدة والتي وصلت أسعار بيعها في السوق السوداء الى أكثر من الضعف حيث كانت الدبة بترول تصل الى 1500ريال وكانت تباع في السوق السوداء أثناء الأزمة ب5000الف ريال وهذا جعل الحكومة تستغل تلك الفرصة في تثبت سعر 2500ريال للدبة البترول وأعتبرت ذلك إنجازاً في حين أن الشعب اليمني خرج عام 1998م ليعلن أنتفاضة شعبية ضد حكومة الدكتور الإرياني حينها بسبب رفع مبلغ 200ريال فقط على اسعار البترول وخرج في العام 2004م بعد رفع السعر لمبلغ 400ريال . مراقبون أكدوا للديار أن رفع الدعم الكامل عن المشتقات النفطية سيؤدي الى إرتفاع أسعار البترول الى إضافة مبلغ ما بين 1000و1500 على السعر الحالي لتصل الدبة الى حوالي 4000الف ريال . باسندوة كان قد أشار الى ذلك في حديث له مع مقربين منه الى ضرورة تهيئة الرأي العام لتقبل مثل هذا القرار مقابل وعود بزيادة الرواتب وتحسين الوضع الإقتصادي وكلام باسندوة يشير الى توافق داخل الحكومة حول القرار إلا أن موقف الرئيس هادي لم يتضح بعد . ثقة الحكومة بعدم وقوع أي إضطرابات ومظاهرات غاضبة جراء إصدار القرار جاء إستناداً الى أمرين الأول هو التوافق الحزبي ما بين المؤتمر والإصلاح وكل المشاركين في الحكومة مع ضمان صمت بقية الأطراف المشاركة في الحوار وهذا ما يدفع الى الشك حول وجود صفقات عدة بين أطراف العمل السياسي والأمر الثاني هو إعتماد الحكومة على حزب الإصلاح في عدم تحريك الشارع كون الإصلاح يعتبر القوة الأكثر قدرة على الحشد والتنظيم وسيكون لأعضائه وقواعده دور إيجابي في إمتصاص الغضب الشعبي الذي قد يحدث نتيجة القرار . مصادر مطلعة أكدت أن تواجد وزير التخطيط والتعاون الدولي في واشنطن يأتي في إطار بحث العديد من الخطوات التي ستعتزم حكومة الوفاق إتخاذها إضافة الى طلب الدعم لعدد من البرامج والمشاريع المقدمة بهدف إستيعاب أكبر قدر ممكن من المبالغ الممنوحة لليمن . وتأتي التحركات الحكومية السرية والمكثفة لتفادي إنهيار إقتصادي وشيك عبرت عنه الأرقام الخاصة بحجم الإحتياطي النقدي في البنك المركزي الذي أنخفض بشكل كبير ناهيك عن مؤشرات إقتصادية أخرى تحاول الحكومة إخفائها عن الرأي العام رغم صدور تقارير محلية ودولية تحذر من كارثة إقتصادية محتملة ناهيك عن إرتفاع معدلات الفقر وإتساع رقعته في أكثر من محافظة يمنية وتقارير أخرى تتضمن أرقام مفزعة عن حجم الوفيات وإنتشار للأمراض وتدني مستوى التعليم والخدمات المقدمة من قبل الدولة سيما في الجانب الصحي إضافة الى مجاعة تهدد أكثر من نصف الشعب اليمني . ومؤخراً تم الكشف عن وثيقة رسمية تؤكد توجه حكومة باسندوة رفع أسعار الدعم عن المشتقات النفطية في سبيل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي مقداره 200 مليون دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وجاء في الوثيقة، التي قدمها وزير المالية صخر الوجيه الشهر الماضي، أنه مع نهاية فبراير سحبت الحكومة على المكشوف مبلغ 54 مليار ريال لعدم توافر مصادر محلية غير تضخمية لتمويل عجز الموازنة، ولذلك فإن الأمر يتطلب البحث عن تمويل خارجي، والبنك الدولي يشترط إصلاحات في أسعار الوقود. وأضافت الوثيقة أنه «من الواضح أن موقف الخزينة صعب ويستدعي التحرك للحصول على تمويلات خارجية لاحتواء الضغط الكبير على الموازنة»، محذرة من أن استمرار توقف إنتاج النفط من حقول مأرب سيزيد من تعقيد الوضع، وسيفرض تأجيل نفقات تساوي الإيرادات المفقودة، وفقا لما نشرته صحيفة البيان الإماراتية. وتابعت الوثيقة أنه حان الوقت لإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية قوية للحفاظ على الاستقرار المالي، وأن يتم ذلك من خلال برنامج مدعوم من صندوق النقد الدولي، وبما يسهل الحصول على دعم المانحين بدوره، اعتبر وزير المالية أنه قدم مزايا للقبول برفع أسعار الوقود، وقال إن من شأن تلك الإجراءات ان تعزز من مصداقية الحكومة أمام المانحين. قد يكون تناولنا لهذا الموضوع يأتي في إطار تحذير الحكومة من الإقدام على تبني مثل هذا القرار لما قد يتسبب فيه من وقوع كارثة حقيقية فإيصال ما ستُقدم عليه حكومة الوفاق أمر يهم أكثر من 25 مليون يمني في الداخل والخارج كلهم سيتضررون من هذا القرار عدا فئة قليلة هي النخبة السياسية والتجارية الحاكمة التي قررت المضي في تجويع الشعب بمبررات واهية . بالتأكيد أن الحكومة تخاطر كثيراً إذا ما قررت إصدار القرار ومن ثم إستخدام الجيش والأمن في مواجهة الشعب فالوضع اليوم متغير كثيراً عما حدث عام 2004م عندما أحكم الرئيس السابق سيطرتة على العاصمة بعد أن عمت الفوضى كل الشوارع عبر إنزال قوات الأمن المركزي وتنفيذ خطة جهنمية حيث أعطى الصلاحية لكل معسكر ببسط سيطرتة على الأحياء المجاورة فتلوت قوات الفرقة حينها قمع المظاهرات في حي السنينة ومذبح والجامعة والستين الشمالي في حين تولت قوات الحرس الجمهوري قمع المظاهرات في المناطق الجنوبية وهكذا تمت السيطرة على العاصمة مع إتهامات رسمية للمتظاهرين بانهم مجاميع من المخربين وهذا ما دفع اللقاء المشترك حينها للتخلي عن من سقطوا قتلى وجرحى على أيدي رجال الأمن وكان المشترك أول من ندد بتلك المظاهرات وأعلن براءته منها . اليوم الوضع متغير من نواحي كثيرة فهو يأتي بعد إندلاع ثورة وبالتأكيد لن يصمت الناس وسيخرجون لمواجهة الحكومة وإرغامها على التراجع في سياستها بل وإسقاطها .
*********************** المادة خاصة بالمساء برس في حالة إعادة النشر نرجو ذكر المصدر