واشنطن ولندن تغلقان سفارتيهما في القاهرة إثر مواصلة قمع المحتجين على حكم مرسي، والبورصة المصرية تخسر المليارات خلال دقائق القاهرة - أطلقت الشرطة المصرية غازات مسيلة للدموع على عشرات من المحتجين الذين يرشقونها بالحجارة في القاهرة الأحد لليوم الرابع من أعمال عنف أسفرت عن سقوط 41 قتيلاً على الأقل في ما يعقد من التحديات السياسية التي تواجه الرئيس المصري محمد مرسي. وأدمى اشتباكات اندلعت في بورسعيد حيث سقط 32 قتيلاً السبت فقط بعد حكم أصدرته محكمة باحالة أوراق 21 شخصاً إلى المفتي تمهيداً لاعدامهم لضلوعهم في مذبحة استاد بورسعيد التي وقعت العام الماضي وأسفرت عن مقتل أكثر من 70 شخصاً. لكن الاحتجاجات اندلعت في شتى المدن المصرية منذ الخميس بقيادة معارضين لمرسي وحلفائه الإسلاميين في الذكرى الثانية للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011. ويقول معارضون إن مرسي خان أهداف الثورة. وانتشر الجيش في شوارع بورسعيد والسويس لاعادة النظام السبت. وكانت السويس وهي مدينة أخرى من مدن القناة شهدت أعمال عنف أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص في اشتباكات مع الشرطة. ورغم أن الاشتباكات استمرت الأحد في القاهرة إلا أنه ليست هناك مؤشرات على الفور على تصعيد عنيف مثلما حدث في الأيام السابقة في العاصمة وفي محافظات أخرى. وتعقد أعمال العنف جهود مرسي الذي تعرض لهجوم حاد العام الماضي إثر توسيع سلطاته واقرار دستور ذي صبغة إسلامية لاصلاح الاقتصاد المتداعي وتهدئة التوترات لحد يسمح باجراء انتخابات برلمانية بسلاسة. ومن المتوقع ان تجري الانتخابات خلال الاشهر القليلة المقبلة وتهدف لتعزيز عملية التحول الديمقراطي التي شابها منذ البداية خلافات سياسية واشتباكات في الشوارع. وكشفت أعمال العنف عن انقسام في البلاد. ويتهم الليبراليون ومعارضون آخرون مرسي بعدم تنفيذ تعهداته الاقتصادية ويقولون إنه لم ينفذ تعهداته بأن يكون رئيساً لكل المصريين. ويقول مؤيدو مرسي إن معارضيه لا يحترمون الديمقراطية التي منحت مصر أول رئيس منتخب في انتخابات حرة. وذكرت جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي في بيان ان فاسدين ووسائل اعلام منحازة ضد الرئيس تؤجج الغضب في الشوارع. وقال محمد سامي أحد المحتجين في ميدان التحرير "حتى الآن لم يتحقق أي من أهداف الثورة. دماء المصريين تراق في الشوارع بسبب الاهمال والفساد ولأن جماعة الاخوان المسلمين تحكم مصر من أجل مصالحها". وعلى جسر قصر النيل يرشق شبان الشرطة بالحجارة والتي تطلق بدورها غازات مسيلة لاعادتهم إلى ميدان التحرير مهد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك. وأعلنت السفارتان الأميركية والبريطانية في مصر الأحد إغلاق أبوابهما بسبب الظروف الأمنية في القاهرة. وقالت السفارة الأميركية في بيان عبر موقعها الالكتروني على الانترنت إنها علقت تقديم الخدمات العامة بما فيها اصدار التأشيرات وخدمات الرعايا الأميركيين ومركز المعلومات. وقالت السفارة البريطانية إنها ستغلق أبوابها أمام الجمهور الأحد. ونشرت السفارة أرقاما تليفونية عبر موقعها على الانترنت للتواصل مع الرعايا البريطانيين. ويشعر كثير من المصريين بالاحباط لتصاعد المظاهرات التي أضرت بالاقتصاد وبحياتهم. وقال كمال حسن (30 عاماً) وهو سائق سيارة أجرة "هؤلاء ليسوا ثواراً..انهم بلطجية يدمرون البلد". وأصدر مجلس الدفاع الوطني المصري الذي يرأسه مرسي ويضم وزير الدفاع بياناً يدعو "لحوار وطني موسع تقوده شخصيات وطنية مستقلة" لمناقش الخلافات السياسية وضمان اجراء انتخابات برلمانية "نزيهة وشفافة". ورحبت جبهة الانقاذ الوطني المعارضة بحذر بالعرض وصرح خالد داود المتحدث باسمها بان الجبهة تطالب بضرورة وضع جدول اعمال واضح وتقديم ضمانات بتنفيذ اي اتفاق يجري التوصل إليه. وكانت هددت في وقت سابق الأحد بمقاطعة الانتخابات البرلمانية ودعت لمزيد من الاحتجاجات الجمعة المقبل إذا لم يجر تلبية مطالبها. وتطالب الجبهة بتشكيل حكومة انقاذ وطني واستعادة النظام واجراء انتخابات رئاسة مبكرة. واندلعت الاشتباكات في بورسعيد عقب اصدار القاضي قراره في قضية احداث مباراة فريقي الاهلي القاهري والمصري البورسعيدي في الاول من فبراير/شباط 2012 وكان معظم الضحايا من مشجعي النادي الاهلي. وهدد مشجعو الاهلي باعمال عنف ما لم تصدر احكام اعدام ضد المتهمين ورحبوا بالحكم السبت خارج ناديهم بالقاهرة في حين اجتاحت حالة من الغضب بورسعيد بعد تحميل المدينة مسؤولية سقوط ضحايا في المباراة. وقال شهود ان المحتجين هرولوا في شوارع بورسعيد واشعلوا النار في اطارات واقتحموا نقطتي شرطة. ووردت انباء عن اطلاق رصاص قرب السجن الذي يحتجز فيه معظم المتهمين. وذكر مصدر امني في بورسعيد ان 32 شخصاً لقوا حتفهم في المدينة وان كثيرين قتلوا بطلقات نارية. وقال ان 312 شخصاً اصيبوا وأن وزارة الدفاع خصصت طائرة عسكرية لنقل المصابين لمستشفيات عسكرية. وداخل قاعة المحكمة في القاهرة صفقت اسر الضحايا ابتهاجاً في حين انسابت دموع الفرح من اعين البعض عند سماع قرار احالة اوراق عدد من المتهمين للمفتي. وخضع 73 شخصاً للمحاكمة في القضية. وينتظر 52 آخرون الحكم في جلسة النطق بالحكم النهائي التي حددتها المحكمة في التاسع من مارس/آذار. وفي المباراة التي جرت في استاد بورسعيد قبل عام سحق عدد كبير من المشجعين نتيجة التدافع وراي شهود البعض يلقى من المدرجات بعد انتهاء المباراة. واتهم مشجعو النادي الاهلي الشرطة بالتواطؤ. وذكر موقع التلفزيون المصري على شبكة الانترنت ان من بين ضحايا اعمال العنف السبت لاعباً سابقاً في فريق المصري ولاعباً في فريق المريخ وهو فريق محلي آخر في بورسعيد. والجمعة نزل متظاهرون مناوئون لحكم مرسي للشوارع في الذكرى الثانية للانتفاضة التي اندلعت في 25 يناير/كانون الثاني 2011 واطاحت بمبارك بعد 18 يوماً. واطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع رداً على محتجين يرشقونها بالحجارة وقنابل حارقة. وقتل تسعة اشخاص معظمهم في مدينة السويس واصيب المئات في انحاء متفرقة في البلاد. وفي انعكاس للقلق الدولي إزاء الاشتباكات على مدار اليومين السابقين صرح اليستير بيرت وزير شؤون الشرق الاوسط بوزارة الخارجية البريطانية "لا يمكن ان يسهم ذلك في الحوار الذي نشجعه بوصفه حيوياً في مصر اليوم وينبغي ان ندين العنف باقوى العبارات". ونقل متحدث باسم كاثرين اشتون مسؤولة السياسية الخارجية في الاتحاد الاوروبي حثها السلطات المصرية على استعادة الهدوء والنظام ودعوة جميع الاطراف لضبط النفس. وتجددت السبت الاشتباكات بين المحتجين والشرطة في القاهرة والاسكندرية ومدن اخرى. وفي العاصمة رشق شبان رجال الشرطة بالحجارة قرب ميدان التحرير. وفي السويس اطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع حين رشقها محتجون غاضبون بسبب سقوط قتلى الجمعة بقنابل حارقة واقتحموا قسم شرطة ومباني حكومية. وذكر مصدر امني ان نحو 18 سجيناً تمكنوا من الهرب من اقسام الشرطة في السويس خلال اعمال العنف وسرقت نحو 30 قطعة سلاح من الشرطة. وألقت الأحداث الدامية بظلالها على سوق المال الأحد وخسرت الأسهم نحو ثمانية مليارات جنيه من قيمتها السوقية خلال أول 15 دقيقة من التداول. وتركزت المبيعات على المصريين والعرب بينما اقبل الأجانب على الشراء حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان. وهبط المؤشر الرئيسي لبورصة مصر 1.65 بالمئة الى 5595.9 نقطة والثانوي 2.4 بالمئة الى 457.76 نقطة. وفقدت الأسهم 7.8 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) من قيمتها السوقية لتصل الى 373.866 مليار جنيه. وأوقفت البورصة تداول 30 سهماً أبرزها هيرميس وسوديك وبايونيرز لمدة نصف ساعة بعد هبوطها بأكثر من خمسة بالمئة. وقال محسن عادل العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار"رغم أحداث الجمعة والسبت إلا أن هناك محاولة لاقتناص الصفقات من السوق حتى الآن عند المستويات السعرية الحالية". وهبطت أسهم بايونيرز 6.03 بالمئة وسوديك 5.7 بالمئة وطلعت مصطفى 3.8 بالمئة وأوراسكوم للاتصالات 3.5 بالمئة. وقال عادل "نقص السيولة وانخفاض قيم التداولات تمثل عائق أمام تفاقم المبيعات خلال جلسة اليوم". وأقبل المتعاملون الأجانب على اقتناص الأسهم المصرية خلال معاملات الأحد مقابل بيع وتسييل من قبل المصريين. وقال كريم عبد العزيز رئيس صناديق الاسهم في الاهلي لإدارة صناديق الاستثمار "لا نقوم بالبيع أو الشراء في السوق الآن. نحن ننتظر حتى نرى ما يمكن حدوثه في الأيام المقبلة وهل سيتم امتصاص غضب الشارع أم سيتفاقم الوضع حتى نستطيع اتخاذ القرار الصواب"