شنت إسرائيل، فجر اليوم، عدواناً جديداً على سوريا، عبر تنفيذ غارة جوية استهدفت مركز البحوث العلمية في منطقة جمرايا على مشارف دمشق، وذلك بعد يومين على إعلان مصادر أميركية عن غارة إسرائيلية أخرى داخل الأراضي السورية، استهدفت، بحسب هذه المصادر، شحنة أسلحة كانت في طريقها إلى المقاومة في لبنان. وبدا أن العدوان الإسرائيلي قد جاء تحت غطاء أميركي، عبّر عنه الرئيس باراك أوباما، الذي قال، قبل ساعات من وقوع الغارة، إن من حق إسرائيل العمل على حماية نفسها من نقل اسلحة سورية إلى "حزب الله". ووصفت سوريا الغارة الإسرائيلية بأنه "إعلان حرب"، متوعدة ب"رد ثأري" في المكان والزمان المناسبين، فيما شددت إيران على أنها "إيران لن تسمح للعدو بالعبث بأمن المنطقة"، مؤكدة أن "المقاومة سترد على العدوان الإسرائيلي على سوريا". وهزت انفجارات ضخمة العاصمة السورية دمشق في ساعة مبكرة من صباح اليوم. واظهرت مشاهد مصورة حملها نشطون على الانترنت كرة ضخمة من النيران ترتفع في سماء الليل. وذكر التلفزيون الرسمي السوري ان صواريخ اسرائيلية اصابت مركز ابحاث عسكرية في منطقة جمرايا عند اطراف العاصمة، والذي سبق أن تعرض لغارة إسرائيلية في كانون الثاني الماضي. واوردت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن "المعلومات تشير الى ان الانفجارات في مركز البحوث العلمية في جمرايا في ريف دمشق ناجمة عن اعتداء اسرائيلي بالصواريخ". وتحدث "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له عن معلومات اولية تشير الى تسجيل خسائر بشرية جراء اندلاع النيران في مبنى مركز البحوث العلمية. وأوردت قناة "روسيا اليوم" نقلاً عن مصادر محلية، معلومات عن مقتل قرابة 300 شخص غالبيتهم من الجنود، بالإضافة إلى سقوط عدد من الجرحى موزعين في مستشفيات "المواساة" و"601 العسكري" و"الأسد الجامعي"، وكذلك في مستشفى "المجتهد". وذكر مصدر استخباراتي غربي أن الضربة الإسرائيلية استهدفت صواريخ مقدمة من ايران ل"حزب الله"، موضحاً انه "خلال هجوم الليلة الماضية مثل الهجوم السابق ما تمت مهاجمته مخازن لصواريخ (الفاتح-110) التي تنقل من ايران الى حزب الله." إسرائيل وفيما لم يصدر تعليق فوري من المسؤولين الاسرائيليين بشأن انفجارات اليوم، فإن فإن مصادر رسمية في تل أبيب أكدت وقوع الغارة. وقالت متحدثة عسكرية اسرائيلية لرويترز"اننا لا نرد على تقارير من هذا النوع". لكنّ مسؤولاً اسرائيلياً بارزاً قال لوكالة "فرانس برس" إن "الهجوم وقع قرب مطار دمشق والهدف كان صواريخ ايرانية مرسلة الى حزب الله". وأضاف أنه "في كل مرة تصل معلومات لإسرائيل حول نقل صواريخ أو أسلحة من سوريا إلى لبنان ستهاجم"، مضيفاً أن "سلاح الجو في حالة تأهب عالية جدا لم تبلغها منذ سنوات لمواجهة أي احتمال". ومن جهتها، أفادت صحيفة "هآرتس" بأن إسرائيل قامت بنشر بطاريتي قبة حديدية في حيفا وصفد تحسباً لرد سوري، كما أشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترأس المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لمناقشة التطورات الأخيرة. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، ورئيس حزب "كديما" شاؤول موفاز، أن الغارات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف في سوريا، هدفها منع تعاظم قوة "حزب الله" وردع إيران. بدوره، قال عضو الكنيست الإسرائيلي تساحي هانغبي إن الغارة الإسرائيلية "تأتي عقب تحذيرات متكررة أطلقتها غطاء أميركي أما عضو الكنيست الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر فقال أنه إذا كانت إسرائيل تقف فعلاً وراء العدوان على سوريا، فإن هذا الهجوم نفّذ بمعرفة الإدارة الأميركية. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال قبل ساعات على وقوع الغارة، في مقابلة مع قناة "تيليموندو" الاميركية الناطقة بالاسبانية خلال زيارته لكوستاريكا، "لا اريد التعليق على ما حدث في سوريا امس (الغارة الأولى) واترك للحكومة الاسرائيلية تأكيد او نفي القيام بقصف" مواقع في سوريا. واضاف "ما زلت اعتقد ان على الاسرائيليين وهو امر مبرر، حماية انفسهم من نقل اسلحة متطورة الى منظمات ارهابية مثل حزب الله"، مؤكدا "نحن ننسق عن كثب مع اسرائيل ونعرف انها قريبة جدا من سوريا وقريبة جدا من لبنان". سوريا وفي أول رد فعل سوري على الغارة الإسرائيلية، قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في حديث إلى مراسل قناة "سي إن إن" في دمشق، إن الهجوم يعتبر تحالفاً بين "الإرهابيين الإسلاميين وإسرائيل". وتوعد برد ثأري على الهجوم الإسرائيلي، قائلاً إن سوريا ستحدد التوقيت وكيفيته. وحذرت الحكومة السورية من أن العدوان الإسرائيلي على ريف دمشق "يفتح الباب واسعاً أمام جميع الاحتمالات". وقال وزير الإعلام عمران الزعبي الذي تلا البيان الصادر عن الاجتماع الاستثنائي للحكومة السورية عقب العدوان الإسرائيلي إن "اسرائيل برهنت ارتباطها بالجماعات التكفيرية. وقد استخدمت في عدوانها السافر ضد سوريا الصواريخ لقصف أهداف عسكرية"، مشيراً إلى أن "العدوان الإسرائيلي ليس جديداً وهو يمارس من قبل مجموعات إرهابية على الأرض يومياً". وكان التلفزيون السوري الرسمي اعتبر ان "الاعتداء الاسرائيلي على مركز البحوث في جمرايا يأتي لتخفيف الطوق عن الارهابيين في الغوطة الشرقية في ريف دمشق الذي احكمه جيشنا الباسل تماما". واعتبرت القناة الاخبارية السورية ان "الكيان الاسرائيلي يستخدم صواريخه لدعم الارهاب عبر استهدافه" مركز البحوث، متهمة الدولة العبرية بممارسة "ارهاب دولة لتخفيف الضغط عن العصابات المسلحة التي تندحر تحت ضربات الجيش". واضافت ان هذا الهجوم يشكل "مؤشرا جديدا على ان اسرائيل هي الاصيل والارهابيين هم الوكلاء". مواقف وسارعت إيران إلى إدانة هذا العدوان، حيث أكد مساعد رئيس هيئة الأركان الإيراني العميد مسعود جزائري في تصريح خاص لقناة "العالم"، أن "إيران لن تسمح للعدو بالعبث بأمن المنطقة"، مصرحاً بأن "المقاومة سترد على العدوان الإسرائيلي على سوريا". وقال وزير الدفاع الإيراني العميد احمد وحيدي، إن "العدوان الإسرائيلي على سوريا الذي جاء بضوء أخضر أميركي، كشف عن علاقة الإرهابيين العملاء وحماتهم بالكيان الصهيوني". كما شدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرس على ضرورة وحدة وتضامن دول المنطقة في مواجهة تهديدات الكيان الإسرائيلي، مشيراً إلى "إصرار هذا الكيان على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة". كذلك، اتصل وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يتصل بنظيره السوري وليد المعلم، معرباً عن تضامن بلاده مع دمشق. ودعا وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عدنان منصور، الجامعة العربية إلى اتخاذ الموقف الحازم حيال العدوان الإسرائيلي على سوريا. ودانت مصر "العدوان الإسرائيلي" على سوريا، معتبرة انه "انتهاك للمبادئ والقوانين الدولية". وأضاف بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، أن "القصف الإسرائيلي لسوريا من شأنه أن يزيد الوضع تعقيدا فضلا عن تهديده الأمن والاستقرار في المنطقة". من جهته رفض وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو "أي اختراق لسيادة أي دولة عربية أو التعدي عليها". ودعا الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي مجلس الامن الدولي الى "التحرك الفوري من اجل وقف الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا". ودان العربي، في تصريح صحفي، "عمليات القصف الاسرائيلي للأراضي السورية"، محذرا من من "التداعيات الخطيرة الناجمة عن تلك الاعتداءات العسكرية الاسرائيلية". بدوره، اعتبر "الجيش السوري الحر"، أن بلاده تقصف "على يد (الرئيس السوري) بشار الأسد وإسرائيل"، بحسب ما قال المنسق السياسي والإعلامي ل"الجيش الحر" لؤي مقداد لوكالة "فرانس برس".