في خطوة ربما هي الأولى في التاريخ الحديث، ناشدت السلطات السعودية جموع المسلمين في مختلف أنحاء العالم، تأجيل قدومهم إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج أو العمرة هذا العام، بسبب أعمال التوسعة الجارية حالياً في المسجد الحرام. ودعت السلطات السعودية، عبر سلسلة من البيانات بثتها فضائية "القرآن الكريم"، التابعة للتلفزيون الحكومي، والتي تبث مباشرة من المسجد الحرام في مكةالمكرمة على مدار الساعة، المسلمين إلى "ترتيب" أو "تأجيل" أداء مناسك الحج والعمرة، بسبب "الزحام الشديد" في الحرم المكي. كما وصف المفتي العام للمملكة، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، رئيس هيئة كبار العلماء، قرار حكومة المملكة بتخفيف أعداد الحجاج والمعتمرين لأعوام معدودة، بمعدل سنتين أو ثلاثة، بأنه "أمر ضروري، ولا بد من الاستجابة له وتطبيقه، لأنه يحقق مصلحة الأمة على المدى الطويل." وفي رده على سؤال حول قرار المملكة ب"تخفيض نسب حجاج الداخل والخارج، بسبب المشروعات الجارية في الحرمين الشريفين"، قال آل الشيخ، في تصريحات نقلتها صحيفة "المدينة" السعودية، إن "تلك التوسعة والإنشاءات العظيمة، هي أمور مهمة ونافعة، والمقصود منها راحة الحجيج، وأداء النسك بشكل ميسر." وشدد مفتي المملكة على أن "الواجب على الجميع، الاستجابة والسمع والطاعة، لأن هذه الولاية لا تريد إلا خيراً بالأمة، وليس لها هدف إلا مصلحة العامة.. وإذا تصورنا نيتها الطيبة، ومقاصدها الحسنة، وأعمالها المباركة، علمنا أن تخفيف أعداد الحجاج والمعتمرين في عام أو عامين، أمر ضروري، ولا بد من الاستجابة له وتطبيقه." وفي وقت سابق، أشارت تقارير إعلامية إلى أن وزارة الحج قررت خفض أعداد القادمين من خارج المملكة، لأداء مناسك العمرة خلال شهر رمضان المقبل، كما قررت عدم مكوث المعتمرين في المملكة لأكثر من 15 يوماً، بسبب أعمال التوسعة الجارية في الحرم المكي. من جانب آخر رفض اثنان من علماء الأزهر الشريف، تأجيل فريضة الحج هذا العام على خلفية توسعة بيت الله الحرام، لكنها أجازا أن تقلل السلطات السعودية من أعداد الحجاج. وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية (التابع للأزهر)، إن ''تعطيل فريضة الحج غير جائزة، حتى وإن كانت للتوسعة''. وتابع: ''من الممكن تخفيض أعداد الحجاج، لكن لا يتم منعهم؛ فلا يجوز تعطيل ركن من أركان الدين''. كما رفض الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، تأجيل ''فريضة الحج لأي سبب''. وأضاف الشيخ الأطرش في تصرح صحفي أن ''الحج هو الركن الخامس (في الإسلام)، وهو فريضة لا تؤجل، ولكن يمكن للسلطات السعودية أن تحدد الأعداد المطلوبة من كل الدول لتقليصها حتى يتسع المكان لهم خلال التوسعة''.