لا يزال التوتير يخيم على منطقة دماج بصعدة بعد فشل للجنة الوساطة الرئاسية في إرساء الأمن والإستقرار وإيقاف المواجهات بين الحوثيين والسلفيين . حيث يتبادل الطرفان الإتهامات بخرق الهدنة ونقض إتفاقيات التهدئة السابقة . وحسب تداولات إعلامية فإن اشتباكات مستمرة وبشكل متقطع بين الطرفين تندلع بين الحين والآخر رغم وجود اللجنة الرئاسية في صعدة . ويوم أمس أتهم الحوثيين السلفيين بقنص الطفلة أنهال أحمد حرافي في قرية الطلول . فيما أتهمت مصادر سلفية الحوثيين بقصف منطقة دماج بأسلحة متنوعة أدت الى جرح وأصابة العديد من الساكنين في المنطقة ونشر ناشطون سلفيون صورة لطفل قالوا إن والدته أسقطته خوفاً من القصف الحوثي .
تصعيد سلفي : الى ذلك قال السلفيون أنهم نصبوا نقاط تفتيش في مناطق داخل وخارج صعدة منها نقاط في مناطق حاشد وحسب مصدر حوثي فإن تلك النقاط قامت بإيقاف عدد كبير من أصحاب السيارات والمواطنين بحجة إنتمائهم للحوثيين وأن النقاط في مناطق تابعة لنفوذ أولاد الشيخ الأحمر تقوم بالإعتداء على المواطنين من أبناء صعدة وبإحتجاز العشرات منهم .
وكشف القيادي السلفي بمنطقة دماج الشيخ أبو اسماعيل الوادعي في تصريح خاص لمأرب برس عن فتح جبهات جهادية جديدة ضد الحوثيين إضافة إلى نقاط عسكرية لأسر واعتقالهم ومنع الأمداد العسكري والتمويني عنهم.
وحول دواعي فتح تلك الجبهات القتالية الجديدة قال الوادعي " لقد تم توافد العديد من رجال القبائل ملبين لدعوة الجهاد التي دعا إليها الشيخ يحيى الحجوري للجهاد ضد المعتدين عليهم حسب تعبيره .
وقال أنه تم فتح جبهتان جديدتان الأولى في منطقة حجور بمحافظة حجة والأخرى في قبيلة حاشد , ويقوم عمل تلك الجبهات على إقامة نقاط تفتيش تهدف إلى عدم وصول المواد والمؤن إلى صعدة , إضافة إلى قيامها باعتقالات وأسر الحوثيين .
وبرر القيادي السلفي هذه الدعوة من الشيخ الحجوري بسبب تباطؤ الحكومة في تنفيذ القرارات , إضافة إلى تدهور الوضع الصحي لحالة المصابين وسقوطهم واحداً تلو الأخر .
وكان أبو اسماعيل الوادعي قد أتهم في وقت سابق "وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان بالوقوف خلف توتير الوضع مجددا بالمنطقة وعودة المواجهات المسلحة منذ ما قبل عيد الاضحى والتي سقط خلالها العديد من القتلى والجرحى , إضافة إلى تأخرها في تنفيذ القرارات المحالة إليها. وأتهم الوادعي الحوثيين بالبدء في خرق الإتفاق .
الموقف الحوثي :
فيما أتهم الحوثيين المسلحين السلفيين برفض الصلح والإتفاق سيما بعد دعوتهم الصريحة للجهاد ضد الحوثيين ومحاولتهم توسيع نطاق المواجهات في أكثر من منطقة وإيقاف جهود الوساطة . ويوم أمس قال أحد الحوثيين أن السلفيين قاموا بقنص إمراءة في منطقة البراقة وأن أوامر صدرت للنقاط السلفية بمناطق حاشد بإحتجاز كل الهاشميين من القادمين من صنعاء الى صعدة او العكس . وأكدت مصادر إعلامية حوثية أن السلفيين رفضوا التجاوب مع لجنة الوساطة وإيقاف المواجهات على الفور مؤكداً أن خلافات نشبت بين قيادات سلفية على خلفية طلب الوساطة وقف المواجهات فوراً . وأتهم المصدر الحوثي السلفيين في دماج بأنهم يتلقون أوامرهم من قوى ومراكز نفوذ تريد زعزعة الامن في صعدة وتشويه أنصار الله .
إتهامات لأطراف أخرى : في ذات السياق اتهم مصدر عسكري مسؤول في قيادة محور صعدة، ما أسماها قوى قبلية استأثرت بالسلطة والثروة، منذ قيام سبتمبر في العام 1962م بالوقوف خلف الخروقات المتكررة لاتفاق الهدنة ووقف اطلاق النار بين جماعة أنصار الله والسلفيين، في منطقة دماج (شمال اليمن). وقال المصدر- الذي فضل عدم ذكر اسمه - في اتصال هاتفي أجراه لوكالة "خبر" صباح اليوم الاثنين :إن هناك من تعود على شرب الدماء من جماجم الفقراء والمساكين، وأن الحرب بالنسبة حسابات ربح وخسارة مادية . وذكر المصدر أسماء نافذين – تحتفظ الوكالة بتلك الأسماء - إلى انها تقف خلف الخروقات المتكررة واستمرار نزيف الدم ، والحيلولة دون التوصل إلى حل للقضية، رغم سريان الهدنة الا أنه بحلول المساء ينتهي كل شيء ويعود تبادل اطلاق النار في المنطقة. وأضاف: منذ خمسون عاماً ونفس الاسماء واللاعبين تعبث بهذه الأرض، ولا تريد الاستقرار ، لأنه يتعارض ومصالحها الشخصية والضيقة، مشيراً إلى كل أبناء الشعب اليمني يعرفها جيداً، ويعرف تاريخها الأسود في افتعال الأزمات وتأجيج الصراعات في عموم مناطق اليمن . وأوضح المصدر أن اللجنة الرئاسية لم تغادر صعدة ، امس الأحد خلافاً لما تناقلته وسائل اعلامية مختلفة، مشيراً إلى أنه لن يكتب لعملها النجاح في ظل وجود تلك الأيدي والقوى الخفية، التي تعبث بكل بصيص أمل في سريان هدنة وايقاف اطلاق النار. ووصف تلك القوى بالسرطان المنتشر في جسد الدولة اليمنية، مؤكداً أنها تصطاد في الماء العكر، ولا هم سوى استمرار الحروب من أجل زيادة العوائد والأرباح التي يتم جنيها جراء ذلك – حسب تعبيره. وشدد المصدر على أنه يجب على القيادة العليا للدولة وزارة الدفاع التعامل بحزم مع تلك القوى من أجل اتمام تنفيذ بنود وقف اطلاق النار وإعادة الحياة الطبيعية، إلى المنطقة. وتبذل اللجنة الرئاسية الخاصة بانهاء صراع دماج، جهودها خلال الأيام الماضية، من أجل بدء سريان الهدنة ووقف اطلاق النار تمهيداً لتنفيذ بنود الاتفاق ونشر وحدات من الجيش في مناطق التماس بين الطرفين
الموقف الحكومي : وكانت وزارة حقوق الإنسان قد أصدرت بيان، بشأن تطورات الأحداث في دماج محافظة صعدة حيث جاء في البيان: أن الوزارة تتابع بقلق بالغ وأسف عميق الأنباء حول الأحداث المؤلمة و المؤسفة التي تدور في صعدة والتي تحصد أرواح أبناء الوطن الواحد. وتعبر الوزارة عن استغرابها أن يدور ذلك العنف والاقتتال في ظل توافق اليمنيين وتوجههم لوفاق وطني شامل يعالج مشاكل البلاد الشائكة والمتراكمة إطاره مؤتمر الحوار الرطني ، وهذه الأطراف المتقاتلة في صعدة ذاتها ممثلة في المؤتمر ومن ناحية أخرى وعلى الأرض فإنها تلجأ للعنف والسلاح. إن وزارة حقوق الإنسان تدعو إلى توقيف انتهاكات حقوق الإنسان والاحتكام للعقل والاستناد إلى ثقافة التسامح و السلام والتعايش التي اتسم بها المجتمع اليمني عبر تاريخه الطويل ونبذ كل صور التطرف والغلو والعنف مؤكدين أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي أوشك على إنهاء أعماله تتضمن حلول ومعالجات لكل الخلافات والإشكالات المعقدة والشائكة المتراكمة من الماضي وعليه فان وزارة حقوق الإنسان تؤكد على إدانة اللجوء إلى أسلوب حل الخلافات عبر السلاح الذي لا يخلف إلا الخراب والدمار وحصد الأرواح البريئة التي حرم الله قتلها. إن هذه الأحداث لا تخدم إلا أعداء السلم و الأمن وتقوض جهود البناء والاعمار والاستقرار وتربك مخرجات الحوار. وعلى كافة أبناء اليمن الشرفاء ابتداءً من القيادة السياسية والحكومة و السلطة المحلية و نشطاء حقوق الإنسان والشخصيات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وكل الخيرين ورعاة المبادرة الخليجية المساعدة في ذلك و القيام بواجبهم لوقف هذا النزيف المستمر ووضع الحلول والمعالجات الجذرية لهذه القضية وبما يضمن عدم تكرارها، وفي هذا السياق فإن الوزارة تؤكد على التعاون البناء والتعاطي بإيجابية مع اللجنة الرئاسية المكلفة برأب الصدع ومنع تدهور الوضع والوصول إلى حل عادل تشارك به وتقبله كل الأطراف. إن شعبنا اليمني قد سئم الحروب والاقتتال التي تسببت في الكثير من المآسي والآلام وخلفت الأرامل والأيتام وزرعت الأحقاد والمعاناة التي استفاد منها تجار الحروب وأفضت إلى تدهور الوضع الإنساني ووسعت من دائرة الفقر بين شرائح واسعة من المواطنين وعطلت جهود تنمية الوطن. كما نكرر مناشدتنا ومطالبتنا للطرفين بتحمل مسؤوليتهما الوطنية والإنسانية خصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به بلادنا التي توشك أن تدشن مرحلة جديدة في البناء والتهيئة لقيام مجتمع آمن ومستقر ينعم فيه الجميع بحقوق متساوية في ظل دولة يسودها العدل والنظام والقانون