يؤكد الكثير من المتابعين للشأن السياسي اليمني وطبيعة الصراعات السياسية في اليمن وأسبابها وأبعادها أن القوة السياسية قد تتجه في أي لحظة الى إستخدام القوة كوسيلة لتمرير ما تريد .
وعبر أدواتها التقليدية وأذرعها الأمنية تقوم بإرسال رسائلها الدموية للقوى الأخرى التي تقف أمام خيارين إما الخضوع أو الخنوع أو المقاومة وبالتالي مواجهة تلك الأدوات الدموية .
وحتى تستطيع تلك القوى تمرير ما تريد تعتمد على الخطاب الديني الذي يبرر لها إستخدام القوة ويشرعن عملياتها الإجرامية ومعاركها ضمن ما تنتجه من دوامات العنف والإرهاب .
وخلال العامين الماضيين تمكنت الجماعات المسلحة من القضاء على المئات من قادة وضباط الجيش اليمني في أكبر عملية إرهابية منظمة للتصفية والإغتيال .
ويجزم الكثير أن المشهد السياسي اليمني وإن كان يتكرر ويعيد إنتاج أحداث ما قبل حرب94م إلا أن الظروف الحالية تتميز بوجود أكثر من لاعب رغم ان القوى التقليدية لا تزال هي الممسكة بزمام السلطة والمتحكمة بالقوة الأمنية والعسكرية بعد إنقسامها إثر أحداث 2011م .
واليوم تحاول تلك الاطراف وبنفس السيناريو القضاء على المناوئين لها سواءً بإشعال الحروب كما يحدث الآن في اربع محافظات شمالية أو بزعزعة الأمن والإستقرار وإرهاب المواطنين من القادم عبر تلك الجماعات المرتبطة بها في المحافظات الجنوبية .
ولعل المرحلة الأولى من عمليات التصفية قد أنتهت وبدأت عملية أخرى تستهدف السياسيين والإعلاميين على وجه التحديد .
والهدف من كل ذلك هو إسكات الآلة الإعلامية من مواكبة تطورات الاحداث الدموية وإخضاعها لمنطق القوة سواءً بالترغيب او الترهيب وقد يصل الأمر الى الإغتيالات ودوامات العنف الجديدة كما حدث الليلة مع رئيس تحرير صحيفة مقربة من أنصار الله الحوثيين .
وجاءت حادثة صحيفة الهوية بعد أيام من محاولة إستهداف صحيفتي الأولى والشارع كأكبر مؤسستين إعلاميتين في اليمن
إلا أن إستهداف الهوية كانت أبشع وأكثر جُرماً حيث كادت الحادثة أن تودي بحياة رئيس تحرير الصحيفة الذي تعرض لإصابات وشظايا جراء تعرض سيارته للإنفجار الشديد بعد ان تمكن المُجرمون من وضع عبوة ناسفة تحت المقعد الأمامي.
إنها رسائل دموية تؤكد ان من يقف خلف تلك العمليات لن يتوانى في قتل وتصفية أي شخص يقف أمامه أو يراه عائقاً امام مشروعه .
وكل ذلك يجعلنا أمام مرحلة جديدة ستشهد المزيد من تلك العمليات فلا خطوط حمراء ولا دماء مُحرمة في قاموس تلك الجهات ومن هنا يتوجب على الصحفيين ورجال الإعلام أخذ الحيطة والحذر دون التفريط بحق نشر المعلومة والشجاعة في إبداء الرأي مهما كلف ذلك الأمر من تضيحات .