أثارت قرارات وزارة الداخلية الأخيرة التي قضت بمنع قيادة الدراجات النارية خلال شهر ديسمبر جدلاً واسعاً في الشارع اليمني. وبقدر ما عملت تلك القرارات على الحد من عمليات الاغتيالات السياسية التي استخدمت الدراجات النارية وسيلة لتنفيذها بكل سهولة بقدر ما كانت سبباً في قطع أرزاق العديد من الأسر التي يعتبر العمل على الدراجات النارية مصدر دخلها الوحيد.
وعلى الرغم من تكثيف الحملة الأمنية لملاحقة سائقي الدراجات النارية إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمام الوقوف في وجه هذه الحملة من خلال تنظيم التظاهرات والاحتجاجات التي تكررت مطلع الأسبوع الجاري والتي غلب عليها طابع العنف والتنظيم المسبق لتتحول من مظاهرات سلمية لها مطالب مشروعة إلى أوراق ابتزاز سياسي.
وكيفما كانت نتائج تلك الحملة فإنها لن تتعدى عن كونها محاولة لإسكات صوت الشارع المتوقد ضد قيادة وزارة الداخلية بسبب أداءها الذي دفع بالحالة الأمنية للعاصمة للوصول إلى ما هي عليه اليوم، والملاحظ أن حملة الداخلية ضد الدراجات النارية لم تقدم أي جديد فيما يخص عمليات الاغتيال التي نفذت في أمانة العاصمة.
وما زالت أهداف هذه الحملة غير متضحة المعالم خصوصاً وأن ما حققته حتى الآن لا يكاد يذكر إلا من بعض الأخطاء التي ارتكبت من قبل بعض أفراد الأمن أثناء الحملة، فما بين ترصد رجال الأمن وفرار سائقي الدراجات النارية ارتكبت بعض نقاط التفتيش أخطاءً كادت تودي بحياة أشخاص أبرياء.
وفي مقابل تلك الأخطاء الأمنية لربما أن الحاجة للعمل تدفع ببعض سائقي الدراجات النارية إلى النزول إلى الشارع مع علمهم بمخالفة القرار، منهم من يفلت من قبضة نقاط التفتيش الأمنية ومنهم من تفوته فرصة الإفلات من رجال الأمن وحينها إما أن يُلقى القبض عليه ومصادرة دراجته أو يكون ضحية طلقة نارية من بندقية أحد الجنود. ومنذ بدء الحملة تعرض أكثر من سائق دراجة لإطلاق النار عليه، وجميعهم حاولوا الفرار من رجال الأمن وتجنب مواجهة نقاط التفتيش.
أخطاء النقاط الأمنية كثيرة كان آخرها تعرض شابين في العشرينيات من عمرهما لإطلاق نار من قبل جنود النقطة الأمنية جوار جسر السنينة حيث كان الشابان يستقلان دراجة نارية وعندما تفاجأ سائق الدراجة بوجود رجال الأمن حاول الفرار منهم ورفض الاستجابة لنداء أحد أفراد النقطة الأمنية بعد أن طلب منه الشابان (الراكبان) الوقوف وعدم التهور، فكانت النتيجة أن أطلق رجال الأمن النار فأصابا الشابين بطلقات في رجليهما أدت إلى كسور وإصابات خطيرة نقلا على إثرها إلى المستشفى.
والغريب في هذه الحادثة أن رجال الأمن غادروا المكان بعد أن أطلقوا النار على الراكبين فوراً ولم يلقوا القبض حتى على سائق الدراجة النارية.