عندما خضع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لمطالب الحوثي، وأصدر قرار أولي بتخفيض جرعة المشتقات النفطية إلى 500 ريال، بادرت السلطة المحلية في عدن بعقد سلسلة لقاءات لإجراء تعديل في تسعيرة النقل والمواصلات، إلى جانب تخصيص بطائق للطلاب والطالبات لركوب الباصات بأسعار خاصة مخفضة، لتحفيزهم على مواصلة دراستهم في مختلف المراحل، والحد من ظاهرة التسرب من التعليم. لست أدري إلى أين انتهت جهود السلطة المحلية في عدن، وهل باءت بالنجاح أم منيت بالفشل؟!، لأنني في الحقيقة كنت أراقب الوضع في محافظة حضرموت، رغم أنني كنت على ثقة عمياء بأن الأخوة في السلطة لن يحذوا على الإطلاق حذوا أقرانهم في عدن.. لسبب واحد وبسيط هو أن المواطن يحتل المركز الأخير في قائمة اهتماماتهم، هذا إذا كانوا أصلا يفكرون في معاناته ويعتبروه مثلهم كائن يستحق العيش على وجه هذه الأرض. تعمدت السلطة المحلية في حضرموت تجاهل تخفيض الجرعة، لأن ربيبتها في مدينة المكلا، تُحصل مبالغ طائلة من سائقي الباصات والمركبات، وكلما ارتفعت أجور النقل كانت الفائدة أكبر، والربح مضاعف، وكله يهون من أجل انجاز المشاريع العملاقة في المكلا، كبناء الجسور والأنفاق والسدود وحدائق الحيوانات والقطارات النفاذة. اليوم دخل قرار تخفيض الجرعة الثاني إلى 500 ريال إضافية حيز التنفيذ، مع ذلك واصل ملاك وسائل النقل العام في مدينة المكلا ومدن المحافظة، استقطاع نفس التسعيرة من الركاب، بعيون حمراء وعلى قولتهم (قلب وجه)، هذا الوضع سيستمر لا محالة إذا لم تقم السلطة المحلية في حضرموت بواجباتها، وتسن فرمان يشكم أصحاب الباصات، ويضعهم عند حدهم، ويجبرهم على تخفيض الأجرة، ولو أنني أشك في ذلك، لأنني اعتقد أن السلطة لن تتحرك إلا إذا ثار المواطنين ورفضوا الابتزاز الذي يمارس بحقهم يوميا أثناء تنقلاتهم المحدودة داخل المكلا وغيرها من المدن الصغيرة أسوة بغيرها من المدن الكبرى مساحة وجغرافيا في بلادنا. تقاعس السلطة المحلية عن واجباتها في هذا الظرف التاريخي، سيبعث برسائل خطيرة إلى المركز في صنعاء، بأنهم يقفوا ضد قراراتهم ويعلنون التمرد عليهم، وأنا اعتقد أنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بتحدي الطرف الأقوى والدخول معه في مواجهة خاسرة، ومحفوفة بالمخاطر. ما يهمنا أن (تكفر) السلطة المحلية عن سيئاتها التي لحقت بالمواطن، بعد أن تجرأت بإصدار قرار مجحف بترفيع سعر النقل والمواصلات بنسبة فاقت جميع المحافظات، وأن تعود إلى رشدها هذه المرة بفرمان حاسم لا لبس فيه يحدد تسعيرة مناسبة للنقل بناء على التخفيض الأخير في الجرعة، إلا إذا كان منطقها تعميم (نظرة) الآخرين لنا كحضارم بأننا نقبل الضيم والحيف والخضوع.