من أقبح القبائح ومن أعظم الجرائر وأكبر الكبائر أن نستمرئ الفواحش ونستسيغها ونرضى بها في مجتمعنا ونتقبلها ونسكت عنها ونجامل أصحابها. هذا والله هو الشر بعينه والفساد بحقيقته والقبح في أجل وأوضح صوره حينما نرى الفواحش تزداد ونحن ساكتون ونرى الفساد الاجتماعي والأخلاقي يستشري ويستفحل ونحن عنه متجاهلون ونرى القبائح والفواحش تظهر وتنتشر ويتبجح أصحابها ونحن كالأعمى الذي لا يدري ماذا يدور حوله. هل نرضى أن تتحول حدائقنا ومنتزهاتنا إلى أوكار يمارس فيها الشر؟ وتُفعل فيها الرذائل وتمارس فيها الجرائم ويأتي إليها سفلة الخلق وأراذل الناس ليمارسوا فيها شرهم وفسادهم أمام أعين عوائلنا وأمام أبنائنا ونسائنا وبناتنا؟. شباب سفهاء إلى آخر حد كل واحد منهم جالس مع عشيقته أو صاحبته يضاحكها بضحكات مريبة ويتمتم معها بكلمات مذيبة ويفعل معها حركات شهوانية يعرف الصغير قبل الكبير أنها حركات السفهاء وتصرفات الأنذال ويفهم الجاهل قبل العاقل أن هذه البنت ليست زوجته لأن العقلاء لا يفعلون هكذا مع زواجاتهم في مثل تلك الأماكن المشبوهة وإنما يقوم بمثل تلك الحركات من لا خلاق له ولا ذرة من حياء عنده. ليخرج الواحد منا إلى بعض الأماكن في الستين أو الحديقة المطلة على البحر في المكلا أمام سفينة شامبيون ليرى العجب والعجائب ويرى بعينه الواقع المر والفساد المتجذر وليرى البنات الصغيرات المتهالكات في أجسادهن وأشكالهن وهن مع أولئك الذئاب. بنات صغار في سن الثانويات وأعمار الثامنة عشر والتاسعة عشر والعشرين يخرجن مع شباب كبار أكبر منهن بكثير في أعمار الثلاثين وما فوق فهذا جالس مع تلك بين الحجارة الكبيرة المطلة على البحر وذاك جالس معها في مكان بعيد مظلم موحش والآخر جالس بمقربة من الناس بلا حياء ولا حشمة. اخرج بنفسك وانظر بعينك وغيّر المنكر بيدك أو لسانك لترى هول المأساة وحجم الكارثة عندما تجد شاباً أو فتاة من أسرة محترمَة وبيت نقي ترتاد تلك الأماكن خفية أو خلسة بلا علم أهله ولا أهلها بعد أن أشعرتهم أنها خرجت لمعهدها أو لملاقاة صديقتها أو لحضور حفلة خطوبة لصاحبة صاحبتها أو للمدارسة مع زميلاتها. تخيلوا أنه خلال الشهرين الماضيين فقط ضبطت خمس حالات للقطاء، هذه التي ضبطت وجئ بهؤلاء اللقطاء إلى الجهات المعنية وعملت لهم الاجراءات المختصة وأما الحالات التي لم تعرف ولم يؤتى بها إلى تلك الجهات وتم التصرف معها بطريقة خاصة فالله أعلم كم تكون؟ إذا كانت خمس حالات لقطاء في شهرين فقط فكم ستكون الحالات في سنة أو سنوات، وجدوا حالة مرمية في كيس بالقرب من سوق من الأسواق وحالة لطفل وضع في كرتون عند أبواب إحدى المساجد وحالة لطفلة مرمية عند ملعب أطفال سمعوا صياحها عندما كانوا يلعبون هناك وحالة أجلكم الله وأكرمكم موضوعة في مرحاض من المراحيض في أحد المستشفيات وأما الحالة الأخيرة فهل تعلمون أين وهل تصدقون أنها ضبطت في إحدى المقابر في داخل المقبرة والله المستعان. إنه انفلات عظيم وفساد اجتماعي خطير وقبح واقعي كبير يستحي الواحد من ذكره والإخبار عنه ولكن ماذا نفعل ونحن إن تكلمنا تكلمنا بأمر عظيم وإن سكتنا سكتنا على أمر عظيم. فالله الله في أولادنا وبناتنا وسمعتنا وسمعة بلدنا امنعوا عنهم الإثارة وأسبابها وكفوهم عن التفلت والتسيب ولبس الألبسة التي تجلب الأنظار وتثير الشهوات ولا تسمحوا لهن بالخروج من البيوت بلا استئذان أو الجلوس خارج البيت لساعات طويلة في غير حاجة معلومة ماسة وراقبوا هواتفهم وحواسيبهم ومحادثاتهم مع الغير فإن كثيراً من الفلتان الموجود اليوم سببه الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وقوموا بالحسبة عليهم وتغيير المنكر بكل الطرق المشروعة ولا تسكتوا عن ذلك ولا تجاملوا فيه {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران : 110].