كم مضى علينا من الزمن ولم يعد يعجبنا حتى الهواء الذي نتنفسه كل صباح ….. " مخنوقين " هكذا أصبح يردد كثيراً من الشباب – أمثالنا- متخمين بالأحلام , متعطشين للنجاح , مكثرين من التذمر حول مايحيط بنا , كأن يقول أحدهم : " ذيك الجامعة ماهي جامعة وراها صندقة " وآخر يقول : " بغيت باروح من ذي البلاد ماعادني طايق ذا الحال " …..ألخ عندما تحدتث مع أحدهم ذات مرة كنت قد أطلت الحديث في أمر " لايعجبني " فأستوقفني في عبارة" الأسد أسد أينما ذهب " وماورائها من قصد ( العيب فينا قبل أن يكون في الظروف) , وحقاً أصدق قولاً حين أقول إني قد أفقت وأستيقظت على نور غطى عيني بإتساعهما, ولكن لم تكن يقظة هنيئة بعد نوم هنيء , بل كانت إفاقه على حين غره , ويقظة الفجأة مخيفة قليلاً لأنها وكما يساق على لسان العلم الشعبي " لاتتحرك ورجلك فترانه لتنكسر لك ". على الرغم من أن الحقيقة ضوء ثقيل أحياناً , وأنها قد تأتِ في قالب لاذع وصريح إلا أنها الطريقة الوحيدة الصادقة لفهم ذواتنا بشكل أفضل , وتليها المحاولة – بإستبسال – وليس بقدر ضئيل على وجه الحياء , أما إذا كنّا سنصب جام غضبنا على الشمس التي تلفح وجوهنا بسياطها الحارقة كل ظهيرة , أو إنفجارات الصرف الصحي – أعزكم الله – الدائمة أمام منازلنا ووسط حوارينا , أو نلقي تساؤلاتنا حول الوظيفة و تأخر الحظ السعيد , فحينها لن نكون قادرين على صنع أي إنجاز حقيقي -ولو كان صغيراً – في حياتنا القصيرة جداً على هذة الأرض . وكما قال صامويل جونسون " إنني .. وإن هزمت إلا أنني لم استسلم " , لذا ينبغي أن ندرك أن الإستسلام وببساطة يأتينا من الداخل , فلانلقي عليه أوهامنا ونقول " لقد فشلنا " بل يجب أن يقول المتخاذل " لقد أستسلمت "وهي العبارة التي تفضحنا أمام أنفسنا قبل الآخرين . والحقيقة أننا حين تمر السنوات نتقدم في العمر وتتأخر قدرتنا على تحقيق مانرغب بتحقيقه حقاً , وشيئاً ف شيئاً … تشيخ فينا ملامحنا , ذكرياتنا , وحتى رائحة الصباح الجميل , كل الأشياء هكذا … تمر بمراحل وتأخذ طريقها للنهاية بهدوء … فإن بدأنا نتذمر ونحن في العشرينات أو حتى الثلاثينات …. فماذا سنكون عليه بعد خمس أو عشر سنوات من ذلك , هل سنمرر تذمرنا لأبنائنا أم سنحشو أفواهنا بالقيل والقال "وفلان سوى وفلان ماسوى" !؟