بهذه العبارة الترحيبية الغريبة المثيرة للسخرية , استقبل سعادة قاضي محكمة شرق المكلا جموع مشكلة من وجهاء واعيان ورواد مسجد جامع ورسما بالشرج, يتقدمهم إمام المسجد , قصدوا مكتب القاضي في وقفة سلمية احتجاجية يحملون رسالة, معبرين من خلالها رفضهم ورفض جميع أهالي حي ورسما, التوجيهات الغريبة والمفاجئة التي أصدرها القاضي لمكتب العقار, تنفيذا لأوامر غير مشروعة وصلت من صنعاء, باقتطاع جزء من مساحة مصالح مسجد ورسما وتوثيقها لصالح شخص معروف في الأوساط الحضرمية بمشاغباته وعناده وتصرفاته الغريبة مع عدم قبوله المناصحة, والحلول الودية , ويجمع عليه جميع شرائح المجتمع بعدم ملكيته أو أحقيته ولو بشبر من هذه المساحة. وكان الواجب على سيادة القاضي , أن يكون متواضعاً في مقابلته للوفد ، متجنبا التعالي، والنظرة الدونية للناس مهما كان مستواهم العلمي أو الاجتماعي أو المالي, وبالمقابل كان عليه أن يسمو بنفسه عن ارتكاب كل ما لا يليق به وبمهنته . وإذا كان الإسلام يحمل أهله على مكارم الأخلاق وإتقان العمل، فإنها في حق المنتمين إلى مهنة القضاء أوجب . سيدي القاضي !!!! هؤلاء الذين وصفتهم بالبلاطجة في حديثك الهاتفي… هم خيار الناس وبسطائهم تركوا أعمالهم وراء ظهورهم وابتغوا ما عند الله، وخرجوا نصرةً لله ودفاعًا عن بيوت الله، لم يرضوا أن تنتهك حرمات بيوت الله أمام أعينهم بلا حسيب ولا رقيب وهم يتفرجون عليها , لكن الواجب الشرعي حتم عليهم الحفاظ على مصالح مسجدهم من عبث العابثين وتطاول المتطاولين كائنا من كان. سيدي القاضي … هؤلاء خرجوا عن إيمانهم وقناعاتهم, لم تدفعهم مصالح شخصية ولا جماعات معينة ولا سياسات موجهة , ولم يخرجوا أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً ، بل خرجوا إتقاء سخط الله وابتغاء مرضاته .. يا سيادة القاضي…. من المعروف أن القضاء هو من أشرف المهن، حتى أن البعض يعتبره رسالة لا مهنة ، والقضاء مهنة شريفة شاقة مضنية، والتعامل مع نوعيات مختلفة من فئات المجتمع يتطلب قدراً كبيراً من الصبر وسعة الصدر، فهذا مستعجل، والثاني سريع الغضب، والثالث لا يتحمل الانتظار والآخر جاهل، فلا بد للقاضي أن يتحلى بقدر كبير من الصبر والحلم والأناة، فيتحمل تصرفات الناس . فإن عَرف القاضي قدر مهنته وعظيم شرفها لم يسعه إلاّ أن يتصرف بِما يليق بقدرها ومكانتها السامية النبيلة، فهذا هو ما يجعله موضع احترام وتقدير للآخرين , وأنت تجلس مجلس القضاء فإنك أمين ومؤتمن على حقوق الله وحياة الناس وحقوقهم وأعراضهم وحرياتهم، وأن الأمانة عبء ثقيل عرضها الخالق على الجبال ولم تحملها، وحملها الإنسان، وأنت قد ارتضيت حمل الأمانة لأنك ارتضيت أن تكون قاضياً، وكن قدر ما تستطيع من ذلك النوع من القضاة الذي يعرف الحق فيقضي به . وفي الآخر لا يسعني إلا أن أذكرك بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (الصلح جائر بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً . لا يمنعنّك قضاءٌ قضيته اليوم ، فراجعت فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق ؛ فإن الحق قديمٌ ، ومراجعةُ الحقّ خيرٌ من التمادي في الباطل (. وأخيرا فالواجب الشرعي يُحَتّم علينا وعليكم وعلى جميع شرائح المجتمع أن نراجع أنفسنا ونوحد كلمتنا، وأن نجمع صفوفنا ، كي نحافظ على مقدساتنا. وليعلم الجميع بأن الباطل مهما قويت شوكته وكثر أعوانه فلا بدَّ له من يوم يخر فيه صريعاً أمام قوة الحق والإيمان، ( كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ)… نسأل الله أن يحمي بلادنا ومساجدنا من كل سوء 22/11/2014